قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال جولة تفقدية في مقر الجبهة الداخلية، في تطرقه للهجوم الإسرائيلي، الليلة الماضية، على مواقع لجيش النظام السوري: "لقد استهدفنا وضربنا أفراد الخلية، والآن ضربنا من أرسلهم، إننا نقوم بما يجب للدفاع عن أنفسنا. إنني أقترح على الجميع، بمن فيهم حزب الله، أن يأخذوا ذلك بالحسبان، هذه ليست أقوال وهمية بل لها وزن ثقيل، وزن دولة إسرائيل والجيش ويستحسن أخذها بجدية".
وجاء ذلك بعدما أعلن الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية، على لسان الناطق الرسمي بلسان جيش الاحتلال عن مسؤوليتها عن ضرب مواقع لجيش النظام السوري في محافظة القنيطرة، بعد أن كانت قبل ذلك بيوم قد أعلنت أنها استهدفت أفراد خلية تمكن أفرادها من اجتياز الحدود الفاصلة في هضبة الجولان، ليلة الأحد، لزرع عبوات ناسفة.
وأعلنت جهات إسرائيلية، أمس، عن تقديراتها بأن من أرسل الخلية هو إيران، وأن أفراد الخلية ينتمون لمليشيات تابعة لإيران. ونفت التقديرات المذكورة أن يكون لحزب الله دور في إرسالها. كما أشارت المصادر الإسرائيلية إلى استمرار رفع حالة التأهب في دولة الاحتلال تحسباً لأي ردّ لحزب الله إثر مقتل عنصر له في القصف الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي قبل نحو أسبوعين.
واعتبر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، في تقرير نشره على موقعه، أن التصعيد على الجبهة الشمالية نابع من سعي حزب الله لتكريس معادلة ردع جديدة، تقوم على الانتقام لمقتل عناصره أو المس بهم، سواء تم ذلك في الأراضي السورية أم اللبنانية، وذلك في إشارة لتحذيرات كان قد أطلقها زعيم حزب الله حسن نصر الله في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بعد شن غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت. كما شدد المركز على أن المعادلة الجديدة قد تأتي ضمن خيار المنازلة المحدودة والمتواصلة، بما يحقق غاية لفت الأنظار في لبنان عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة السائدة، كما من شأنها أن تخفف من حدة الانتقادات الموجهة للحزب في لبنان.
التصعيد الجديد على الجبهة الشمالية نابع من سعي حزب الله لتكريس معادلة ردع جديدة
ويتفق موقف مركز الأبحاث مع تقارير وتحليلات إسرائيلية سابقة، رأت أن كلاً من إسرائيل وحزب الله غير معنيين حالياً بمعركة واسعة النطاق، يُتوقع لها حال اندلاعها أن تشمل قتالاً على الجبهتين اللبنانية والسورية، خلافاً للجولات السابقة. وبحسب مركز الأبحاث، فإن مسعى حزب الله يأتي أيضاً خدمة لإيران والمحور الشيعي، بهدف خلق جبهة ثانية مقابل إسرائيل، وتمكين مواصلة تهريب أسلحة ونقلها، وإيصال وسائل قتالية متطورة إلى لبنان.
ودعا كاتبا التقرير إلى مواصلة استراتيجية "المعركة بين الحروب"، لتقليص الوجود العسكري الإيراني في سورية والأذرع التابعة لها والتشويش عليها، ومنع نقل الأسلحة المتطورة إلى حزب الله، مع التركيز على نحو خاص على استهداف كل ما يتصل بتقنيات تحسين دقة الصواريخ المتوفرة لدى الحزب ومعداتها.
واعتبر التقرير أن الوضع الداخلي في لبنان هو عامل مؤثر، وخاصة أن الحزب يشكل جهة نافذة في قيادة لبنان وطرفاً أساسياً في تشكيل الحكومة الحالية. وخلص التقرير إلى أن حزب الله يبحث عن حل لمعضلته من خلال مواصلة تكريس معادلة الردع، ونقلها أيضاً لتشمل سورية، في محاولة لتجنّب ردود فعل إسرائيلية قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع نحو معركة واسعة.
ورغم إشارة التقرير إلى "النجاح" في إحباط تحركات حزب الله، فإنه يعترف بأن الكرة الآن هي في ملعب الحزب، الذي عليه أن يقرر ما إذا كان سينفذ عملية أخرى ضد إسرائيل على الحدود اللبنانية في الفترة القريبة. ويرى كاتبا التقرير أن نصر الله يُبدي إصراراً على تغيير قواعد اللعبة وفرضها على إسرائيل، ولكنه يدرس خطواته جيداً ويحافظ على ضبابية بشأن الخطوات المستقبلية.