ناسور الولادة يعزل اليمنيات

ناسور الولادة يعزل اليمنيات

21 ديسمبر 2018
بعض النساء لا يعرفن أنهن مصابات (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

ترتفع نسبة الإصابة بناسور الولادة بين اليمنيّات، لا سيما في المناطق الريفية والنائية، من جرّاء الولادات المتعسرة وعدم حصولهن على خدمات صحّية مناسبة وكافية. وعادة ما تعاني المصابة من اليأس والإحباط، بسبب عدم قدرتها على القيام بالمهام العائلية والاختلاط بالآخرين. سلمى (25 عاماً)، إحدى هؤلاء. بدأت معاناتها مع ناسور الولادة بعد إنجاب طفلها الثالث. لم يتمكن زوجها الذي يعيش في قرية نائية في مديرية أحور في محافظة أبين (جنوب)، من نقلها إلى مستشفى المدينة للولادة، لعدم امتلاكه المال لدفع بدل مواصلات. بقيت أكثر من 24 ساعة تعاني ألماً في المنزل.

تقول سلمى لـ "العربي الجديد": "حاولت الجدة وبعض النساء في القرية مساعدتي على الولادة لكن من دون جدوى. صارت حالتي الصحية تسوء مع الوقت، فنقلت إلى مستشفى الرازي على الرغم من وعورة الطريق وبعد المكان. وصلت إلى المستشفى وقد تمزّق رحمي. إثر ذلك، خضعت لعملية قيصرية لإنقاذ حياتي وحياة طفلي من الموت".

تضيف سلمى: "إصابتي بناسور الولادة جعلت حالتي الصحية تسوء، وأصبحت في وضع نفسي سيئ. حتى أن زوجي لم يحتمل الأمر وطلقني على الرغم من أن لدينا ثلاثة أطفال". في وقت لاحق، تواصلت مع جمعية القابلات اليمنيات ونُقلت إلى مستشفى الصداقة في عدن حيث أجريت لها عملية جراحية بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان. وتتابع: "حالياً، أعيش حياتي بشكل طبيعي، بعدما كنت معزولة عن المجتمع بسبب عدم قدرتي على الجلوس مع النساء وشعوري الدائم بالإحراج"، مؤكّدة أنها لم تكن تستطيع الخروج من منزلها.




ما زالت سكينة (27 عاماً) تُعاني حتى اليوم على الرغم من خضوعها للعلاج. تقول لـ "العربي الجديد": "ما حلّ بي جعل بيتي كئيباً وتسبب في إرهاق أفراد أسرتي نفسياً. أشعر أن زوجي منزعج جداً وإن كان يجاملني". تتمنى تجاوز هذه الأزمة التي حولت حياتها إلى جحيم. تضيف: "وصف لي بعض الأطباء أدوية لكن من دون فائدة"، مشيرة إلى أنها تنوي إجراء عملية جراحية "لتجاوز هذه المرحلة الصعبة".

من جهتها، تؤكّد الممرضة ابتسام العربي لـ "العربي الجديد" أنّ بعض النساء اللواتي يأتين إلى مركز الولادة الذي تعمل فيه في صنعاء يعانين من ناسور الولادة، مشيرة إلى أن "كثيرات لا يعرفن أنهن مصابات. وتوضح أن طرق العلاج مختلفة، إلا أن غالبية المصابات ينتمين إلى عائلات فقيرة، ولا يستطعن تحمّل كلفة الأدوية والعمليات الجراحية".

في السياق، تقول مسؤولة الصحة الإنجابية في صندوق الأمم المتحدة للسكان أفراح ثابت إنّ "الصندوق يواصل دعم النساء المصابات من خلال التدخل الجراحي عبر وحدتي علاج الناسور في مستشفى الثورة ومستشفى السبعين في صنعاء، ومستشفى الصداقة في عدن جنوب البلاد". وتؤكّد ثابت لـ "العربي الجديد" علاج "أكثر من 200 حالة منذ افتتاح وحدة علاج ناسور الولادة عام 2011 وحتى سبتمبر/ أيلول 2018 الماضي. ويدعم الصندوق النساء المصابات بدءاً من نقلهن من قراهن، وإجراء عملية جراحية لهن وحتى عودتهن إلى منازلهن بعد العلاج، وذلك بالتعاون مع جمعية القابلات اليمنيات التي تنفذ المشروع". وتشير إلى أن "الصندوق يقدّم كل العمليات الجراحية والخدمات العلاجية مجاناً، بالإضافة إلى تأمين المعدات الطبية والأدوية والمستلزمات اللازمة لوحدات علاج الناسور في المرافق المستهدفة، بما في ذلك الحقائب الخاصة للمريضات التي تحتوي على الاحتياجات الأساسية من ملابس ومستلزمات النظافة الشخصية". وتتابع: "يهتم الصندوق بدعم بناء قدرات الفريق الطبي الخاص بمعالجة الناسور في وحدتي العلاج في محافظتي صنعاء وعدن، لعلاج الحالات المعقدة من خلال تدريبهم خارج اليمن".

وتلفت ثابت إلى أنّ الفريق الطبي من وحدة النواسير في صنعاء أنهى تدريباً دولياً في أشهر مركز لعلاج النواسير في تنزانيا، موضحة أنّ فريقاً من وحدة ناسور الولادة في عدن أرسل إلى المركز نفسه في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، من أجل تحسين خدمات الجراحة والعلاج.




وتفيد منظمة الصحة العالمية بأنّ ناسور الولادة عبارة عن ثقب يظهر في قناة الولادة، وهناك علاقة مباشرة بين ظهور الناسور وبين أحد أهمّ أسباب وفيات الأمهات ألا وهو تعسّر الولادة.
وتعاني النساء المصابات بناسور الولادة، بشكل مستمر، من التبول اللاإرادي والخجل والتمييز الاجتماعي والمشاكل الصحية. وبحسب آخر إحصائية صادرة عن الجمعية الوطنية للقابلات اليمنيات، فإن عدد الحالات التي استفادت من مشروع علاج "نواسير الولادة" خلال عام 2017 بلغت 58 حالة في 12 محافظة يمنية.

دلالات

المساهمون