نازحون سوريون يروون رحلة معاناتهم هرباً من قصف النظام

نازحون سوريون يروون معاناتهم لـ"العربي الجديد"

جلال بكور

avata
جلال بكور
03 فبراير 2020
+ الخط -


لم يكن النزوح الأول للسوري أحمد عبد الحميد من بلدته معر شمشة الواقعة في الناحية الشرقية من معرة النعمان، في ريف إدلب شمال غربي سورية، فقد نزح منذ عام 2011 بسبب القصف العشوائي من قوات النظام التي كانت تسيطر على المنطقة القريبة من معسكر وادي الضيف.

فرّ أحمد مع عائلته خوفاً من الموت بقذائف النظام، ونزح إلى قرية تبعد عن قريته قرابة 40 كلم، ليعيش هناك مدّة من الزمن ويعود مرة أخرى إلى مسقط رأسه بعد خروج النظام منها، إلا أن القصف الجوي أجبره مجددا على النزوح.

أحمد يتساءل، من خلال "العربي الجديد"، عن الذنب الذي اقترفه هو وكثيرون ليقوم النظام وحلفاؤه بإجبارهم على النزوح المرة تلو الأخرى، ويقول لا أدري هل نحن محسوبون من البشر أم ماذا؟ ويتابع "نهرب من مكان إلى آخر ورؤوسنا نحو السماء نراقب الطائرات المروحية والحربية التي تقصفنا، في منطقة تشبه ساحة الحرب العالمية".

ويتحدث عن رحلة نزوح طويلة من قرية لأخرى ومن بلدة لأخرى، واضطرارهم إلى المكوث في مكان لتربية الحيوانات، وأماكن في البراري تحت الشجر، مليئة بالحشرات الضارة، مشيرا أيضا إلى سوء المعاملة من قبل بعض أهالي المنطقة الذين يستغلون النازحين من أجل المال.

أما "أمّ خالد"، النازحة أيضا من ريف معرة النعمان الشرقي، تقول لـ"العربي الجديد"، إن أي قصف على المعرة يُعد قصفاً عليها وأي مجزرة كأنها وقعت في منزلها، وبعد فقدان أقاربها بقصف للنظام، بدأت تخاف على أولادها السبعة، ما دفعها إلى النزوح بهم نحو المجهول.

تقول بحرقة، إنها خرجت من المعرة لا تعرف إلى أين تتوجه، وأقامت مع أولادها في العراء تحت الأشجار، ثم أمضت أياماً في منزل أرضه ترابية، حتى توجهت إلى مدينة بنش، وتعيش حاليا في منزل غير مكتمل البناء مع مجموعة أخرى من العائلات النازحة.

وتذكر أن أولادها لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة خوفاً من الموت، كما تذكر مدير المدرسة الذي مات بقصف من طيران النظام، كما لم تنس كيف يعاني السوريون من الصعوبة في تأمين لقمة الطعام، داعية السوريين كافة إلى الوقوف مع بعضهم البعض.

وتتمنى "أم خالد" العودة إلى منزلها والعيش فيه وإن كان مهدما، مشيرة إلى أن الجميع خذلهم، وخاصة الدول التي تتاجر بهم وتعتبرهم سلعة.

أما نازحة أخرى من قرية معر شمشة فلم يكن حالها أفضل، إذ سلكت طريق النزوح مجبرة مع طفلتيها، وما يزيد معاناتها أن زوجها بعيد عنها ويعمل خارج سورية.

تحدثت عن عدم استثناء النظام لأي شيء من القصف، لا المدارس ولا المشافي، وعدم تفريقه بين الحجر والشجر، ذلك القصف أجبرهم على المكوث لأسابيع في المغارات والكهوف، إلا أن تقدم النظام أجبرهم أخيرا على الفرار، ليستقر بهم الحال مؤقتا في بنش.

تعيش حاليا عند أقاربها مع طفلتيها، ولا تملك أي إمكانية حتى لشراء ثياب وأغطية لطفليتها.

يشار إلى أن قوات النظام مستمرة منذ شهور في عمليات القصف الجوي والبري، بالتزامن مع التقدم في عدة محاور بمحيط إدلب وريف حلب، مدعومة بالطيران الحربي الروسي.

وبحسب ما أفاد به فريق "منسقو استجابة سورية"، فإن أعداد النازحين من مناطق ريفي إدلب وحلب، خلال الفترة الواقعة بين 16 يناير/كانون الثاني و 2 فبراير/شباط الجاري، بلغت 309,984 شخصا، وذلك بسبب تواصل العمليات العسكرية من النظام السوري وحلفائه.

دلالات

ذات صلة

الصورة

مجتمع

"التنقل بين مربعات الموت"، هكذا وصفت مجموعة من النازحات الفلسطينيات اللواتي وصلن إلى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة رحلة النزوح..
الصورة
قطاع غزة/خانيونس (أحمد زقوت/رويترز)

مجتمع

تحت وطأة القصف الجوي الإسرائيلي، قال بعض من لاذوا بجنوب قطاع غزة بعد الفرار من منازلهم في وقت سابق من الحرب السبت إنهم لا يعرفون الآن مكاناً آمناً ليذهبوا إليه.
الصورة

مجتمع

تعصف باليمن عدة أزمات منها النزوح المتكرر من المناطق التي شهدت صراعاً دموياً للعام الثامن، والتي أدت إلى نزوح نحو 4 ملايين ونصف مليون، أغلبهم من الأطفال والنساء بمعدل 80%، وفقًا لتقرير أممي سابق.
الصورة
نازحون من جبل  الزاوية (الدفاع المدني السوري)

مجتمع

تسببت عمليات القصف المتواصلة من قبل قوات النظام السوري وروسيا، على الريف الجنوبي لمحافظة إدلب شمال غربي سورية، تحديدا منطقة جبل الزاوية، بنزوح معظم السكان عن هذه المناطق، إلا أن بعض الأهالي فضلوا البقاء فيها رغم الظروف الصعبة، لعدم إمكانية النزوح. 

المساهمون