نازحون أفغان يواجهون البرد

نازحون أفغان يواجهون البرد

22 ديسمبر 2019
يبحثنَ عن لقمة العيش رغم الصقيع (هوشانغ هاشمي/فرانس برس)
+ الخط -

تشير إحصائية أخيرة أعدّها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إلى أنّ أعمال العنف والحرب في أفغانستان أدّت في خلال العام الجاري إلى نزوح 375 ألفاً و800 مواطن في مختلف مناطق أفغانستان، فيما هجّر الجفاف الشديد نحو 250 ألفاً آخرين. من جهتهم، فإنّ الأفغان العائدين من إيران وباكستان يعيشون أوضاعاً مأساوية في الوطن. ويوضح المكتب في بيان، أنّ هؤلاء ما زالوا مشرّدين في مختلف أنحاء البلاد ولم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم مع موسم البرد، مضيفاً أنّ الحرب ليست وحدها العائق الأساسي في سبيل عودة هؤلاء إنّما كذلك الفقر والبطالة.

ومن أكثر الأقاليم التي تشهد حركة نزوح إقليم ننجرهار في شرقي البلاد، وإقليما بلخ وبغلان في شمالها، وإقليم قندهار في جنوبها. إقليم ننجرهار، على سبيل المثال، وهو أحد الأقاليم المركزية، استقبل نازحين من أقاليم أخرى مثلما شهد حركة نزوح في داخله، فقد نزح آلاف من سكان مديريات الإقليم إلى مناطق آمنة فيه. وتفيد إدارة اللاجئين المحلية في الإقليم، في بيان، بأنّ نحو 18 ألف أسرة نزحت من مختلف أقاليم البلاد إلى إقليم ننجرهار بسبب الحرب، والعدد الأكبر منها تهجّر من أقاليم قريبة مثل لوجر ووردك وكنر. تضيف الإدارة أنّ الحكومة المحلية بالتعاون مع وزارة اللاجئين بذلت قصارى جهدها من أجل إيصال المساعدات إلى هؤلاء النازحين، غير أنّ إمكانياتها ضئيلة بالإضافة إلى تسجيل حركة نزوح في داخل الإقليم نفسه على خلفية الحرب في بعض مديرياته. وتتابع الإدارة أنّ تلك المديريات تقع خصوصاً على الحدود مع باكستان، حيث تدور الحرب ما بين حركة طالبان وتنظيم داعش من جهة، ومن جهة أخرى بينهما وبين القوات الحكومية. بالتالي، نزحت نحو 43 ألف أسرة إلى مديريات آمنة في ننجرهار أو إلى مدينة جلال أباد، مركز الإقليم. وتلفت الإدارة إلى أنّ الأحوال تحسّنت في بعض المديريات بعدما قضت القوات الأفغانية على تنظيم داعش، الأمر الذي دفع عدداً قليلاً من الأسر إلى العودة إلى منازلها، لكنّ العدد الأكبر بقي في مناطق النزوح، وقد يعود السبب إلى موسم البرد.

وثمّة أسباب أخرى غير الحرب دفعت عدداً كبيراً من الأفغان إلى النزوح من 13 إقليماً في اتجاه إقليم ننجرهار، منها بحسب بيان إدارة اللاجئين المحلية، فرص العمل في مدينة جلال أباد (المركز) التجارية، بالإضافة إلى وقوعها على الحدود مع باكستان، الأمر الذي يسهّل التنقّل بسهولة بين الدولتَين لأغراض مختلفة أبرزها الصحّة والتجارة.




وعلى الرغم من ادّعاء الحكومة المحلية في ننجرهار توزيعها المساعدات اللازمة للنازحين داخلياً في الإقليم، فإنّ هؤلاء يتحدثون عن فساد في توزيع المساعدات وعن قلّتها بالمقارنة مع حجم المعاناة. وزير محمد، هو من سكان مديرية شيرزاد في ننجرهار، وقد نزح مع أسرته إلى مديرية سرخ رود القريبة من مدينة جلال أباد، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "المساعدات وُزّعت هنا لكنّها لم تبلغ كثيرين منّا بسبب الفساد، فبقينا من دون مساعدات على الرغم من معاناتنا الكبيرة، لا سيّما في موسم البرد". لكنّ إدارة اللاجئين المحلية تؤكد في بيان، أنّها وزّعت المساعدات على مئات الأسر حتى الآن وأنّ الألويات هي لسكان مناطق جبلية لم يصلهم شيء.

لا يختلف إقليم بلخ (شمال)، كثيراً عن إقليم ننجرهار (شرق)، فهو يقع على الحدود مع دول آسيا الوسطى، ومركزه مدينة مزار شريف، وهي مدينة تجارية يتوافد إليها سكان المناطق الشمالية عادة. وعندما تجبر الحرب هؤلاء السكان على النزوح، فإنّ محطتهم الأولى تكون مدينة مزار شريف. وتفيد إدارة اللاجئين المحلية في إقليم بلخ، في بيان، بأنّ ثلاثة آلاف أسرة تقريباً نزحت في خلال الأشهر الأخيرة إلى مدينة مزار شريف ومديريات مختلفة، انطلاقاً من المناطق التي تشهد حرباً في الإقليم ذاته أو في الأقاليم المجاورة. وتوضح الإدارة أنّ عدد الأسر النازحة في خلال هذا العام وفي العامَين الماضيين بلغ 25 ألفاً، لأنّ عددها في العامَين الماضيَين كان 22 ألفاً، لافتة إلى أنّه من الممكن وجود أسر غير مسجّلة، ومشدّدة على أنّ الإدارة المحلية تقدّم ما في وسعها من مساعدات لتلك الأسر.




من جهة أخرى، يعاني اللاجئون الأفغان العائدون من باكستان وإيران ودول أخرى مثل تركيا وألمانيا. وتفيد وزارة اللاجئين بأنّ نحو أربعة ملايين لاجئ عادوا في خلال فترة حكومة الوحدة الوطنية، أي منذ ديسمبر/ كانون الأوّل من عام 2013 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، بحسب ما صرّح به مسؤول الإدارة المعنية بعودة اللاجئين إلى أفغانستان، رحمت الله حكيمي، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة مزار شريف في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني في خلال إطلاق مشروع توزيع أراض سكنية على هؤلاء.