مويس وعودة الكرة الإسبانية لجذورها الإنجليزية

مويس وعودة الكرة الإسبانية لجذورها الإنجليزية

13 نوفمبر 2014
مويس أثناء تقديمه مدرباً جديداً لريال سوسييداد (Getty)
+ الخط -

استعادت الكرة الإسبانية جزءًا من العلاقة التي تجمعها بنظيرتها البريطانية، بتعاقد نادي ريال سوسييداد مع المدير الفني السابق لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، الإسكتلندي ديفيد مويس، الذي طالته الموسم الماضي انتقادات رهيبة بسبب مستوى "الشياطين الحمر" المتدني تحت قيادته.

بعيداً عن مميزات وعيوب مويس، فإن الروابط بين كرة القدم الإسبانية والبريطانية بصفة عامة قديمة الأزل، حيث أن الإنجليز كانوا هم السبب والأساس في تعرف الإسبان على عالم الساحرة المستديرة، ومهما قيل في الوقت الحالي عن أن الليجا أصبحت تتوقف عن الـ"بريميير ليج"، فإن محبي الكرة الإنجليزية يمكنهم دوماً التفاخر بكونهم الأصل والأساس.

النشأة:
على عكس ما قد يعتقده الكثيرون، فإن جذور كرة القدم الإسبانية لا تعود لمدريد أو برشلونة، بل أنشطة التعدين في إقليم الأندلس حول محيط نهر (ريو تينتو)، في مهمة كانت شركة إنجليزية بدأت في تولي مسؤوليتها بداية من عام 1870.

كان الإنجليز حينها في محاولة لمقاومة شعورهم بالملل في بعض الأحيان يلعبون الكرة التي رآها الإسبان لأول مرة: رجال يرتدون سراويل قصيرة ويركلون شيئاً دائرياً مصنوعاً من الجلد، مما دفعهم للتساؤل "ما الذي يفعله هؤلاء؟"، كما يقول المؤرخ الكروي رفائيل كورتيس.

وبعد ثمان سنوات فقط من بدء المشروع، تم إنشاء أول نادي لكرة القدم في إسبانيا على يد الإنجليز، باسم (ريو تينتو فوتبول كلوب)، وبمرور الوقت بدأت اللعبة بالانتشار بين السكان، ثم ساعد وصول خطوط السكك الحديدية بعد عامين على نشر اللعبة في كل أنحاء مدينة ويلبا الإسبانية، ومنها لكل أنحاء البلاد.

وعلى عكس (ريو تينتو فوتبول كلوب) الذي لم يتم إشهاره بوثائق قانونية، فإن أول نادٍ في إسبانيا يتمتع بهذه المواصفات هو (ويلبا ريكرييشن كلوب) الذي تحول اسمه لاحقاً إلى (ريكرياتيبو ويلبا) والذي يلعب في دوري الدرجة الثانية الإسباني حالياً.

المدربين الإنجليز الأوائل:
توصلت الأندية بعد سنوات كثيرة من التخبط والخلافات، ووجود أكثر من اتحاد للعبة في وقت واحد، وتحديداً في 1926 إلى إقرار لائحة مهنية تسير على نفس نهج النموذج البريطاني، ليبدأ أول موسم كروي رسمي (1928-1929).

كان البريطاني جيمس بيلامي هو أول مدرب يفوز ببطولة رسمية داخل إسبانيا، حيث قاد برشلونة حينها نحو لقب الليجا في موسم 1928-1929 ، ثم جاء الدور على مواطنه، فريد بنتلاند، مع أثلتيك، ليتوج بلقبين في الموسمين التاليين مع أثلتيك بلباو.

ولم يقتصر تدريب بيلامي على أندية مثل برشلونة، حيث درب أيضاً راسينج سانتاندير وأوفييدو وأتلتيكو مدريد وأثلتيك بلباو، وإن كان يشمل سجله التدريبي مع النادي الكتالوني هزيمة قاسية من أثلتيك بنتيجة 12-1.

ويعد روبرت فيرسث من ضمن الأسماء البارزة للمدربين البريطانيين في بدايات الليجا، بخلاف نجاحه في احتلال وصافة الدوري براسنيج سانتاندير في موسم 1932، فإنه كان صاحب الفضل في تتويج ريال مدريد بلقبه الأول في الدوري خلال الموسم التالي.

أسماء لا تنسي:
يعد الويلزي، جون بنجامين توشاك، من أبرز أسماء المدربين البريطانيين الذين عملوا داخل إسبانيا، حيث وصل إلى الليجا في 1985 قادماً من سبورتنج، لشبونة البرتغالي لتدريب ريال سوسييداد، حيث قضى معه أربع سنوات ثم اتجه لتدريب ريال مدريد الذي توج معه بلقب الليجا في موسم 1989 و1990.

لم تقتصر علاقة توشاك مع الكرة الإسبانية على هذا الأمر، حيث قاد الفريق الباسكي بعدها في حقبتين تاليتين، والملكي في حقبة أخرى، كما درب ديبورتيفو لاكورونيا وريال مورسيا، هذا بخلاف كونه واحداً من أكثر المدربين، سواء المحليين أو الأجانب، خوضاً لمبارايات في تاريخ الليجا بـ481 مباراة.

وعموماً توج توشاك خلال مسيرته المتنوعة في إسبانيا بثلاثة ألقاب هي الليجا مع الريال وكأس الملك موسم 1986-1987 مع ريال سوسييداد وكأس السوبر الإسباني عام 1995 مع الديبور.

بخلاف توشاك، يعد السير بوبي روبسون من أبرز الأسماء الإنجليزية التي قادت أندية إسبانية في تاريخ الليجا، حيث نجح خلال موسم 1996-1997 في التتويج بثلاثة ألقاب مع النادي الكتالوني هي كأس الملك وكأس الكؤوس الأوروبية وكأس السوبر، فضلاً عن حصوله على لقب أفضل مدرب في العام.

هذا كما يعد روبسون هو المكتشف الحقيقي لمدرب تشيلسي الإنجليزي الحالي، البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي كان يعمل معه مترجماً ومعاوناً فنياً، حيث أنه في نهاية حقبته مع النادي الكتالوني أوصى الهولندي، لويس فان جال، مدرب البرسا الجديد حينها، بالاستماع إليه، فما كان من الأخير إلا أن عينه مساعداً له في تدريب الفريق.

الرهان الخطر:
وبالعودة إلى الحاضر، نجد أن كلاً من ريال سوسييداد ومويس قرر المراهنة على الآخر، على الرغم من لافتة الـ"خطر" المرفوعة فوق رأس كل منهما، في معادلة سيحكم الوقت فقط في ما إذا كان النجاح سيكتب لها.

فمويس من ناحية لم يقدم مؤهلاته كمدرب قدير، صحيح أنه حقق نتائج طيبة مع إيفرتون، ولكنه كان كارثياً الموسم الماضي مع مانشستر يونايتد، فالرجل حينما سلطت عليه الأضواء بدا فقيراً فنياً، وخالياً من الكاريزما ومهارات الإدارة.

ومن جانبه فإن ريال سوسييداد يمثل بالنسبة لمويس سلاحاً ذا حدين، فهو إما سيشكل استئنافاً لمسيرته التدريبية بنجاحه في انتشال ريال سوسييداد، برصيد تسع نقاط، من المركز الـ15 والصعود إلى مرتبة أعلى، أو سيساهم في إغراقه بصورة أكبر، ليثبت أن إدارة مان يونايتد كانت على حق حينما رفضت الصبر على نتائجه الكارثية.