مولونبيك... حي بروكسل العربي قُربان لهجمات باريس

مولونبيك... حي بروكسل العربي قُربان لهجمات باريس

27 نوفمبر 2015
قوات الجيش البلجيكية تمشط حي "مولونبيك" (العربي الجديد)
+ الخط -
من إسطنبول تبدو التشديدات الأمنية على المتجهين نحو بروكسل وباريس أكثر بكثير مما كانت عليه؛ فحص دقيق لجوازات السفر والتأشيرات نحو بروكسل، وإن بدا بعضهم، يقطعون ترانزيت نحو الشمال كما جرى لعائلة نرويجية وأخرى أفغانية الأصل.

السؤال الذي يصرّ على طرحه عرب بروكسل: كيف عاملوك في المطار؟

متيقظة شرطة مطار بروكسل مع أي كان، لكنك تعرف الإلحاح على السؤال حين تتذكر كيف قفز فجأة شرطي فحص الجوازات، ليشير إلى شاب بملامح عربية ويحمل جواز سفر بلجيكياً أن يتبعه وهو قادم من إسطنبول.

عند فجر الأربعاء، لم تهدأ أبواق سيارات الشرطة، وعند طلوع النهار تكتشف الحجم الحقيقي لانتشار أمني غير مسبوق في تاريخ المدينة، يقول قاطنوها من البلجيك وغيرهم.

صاحب متجر عربي يشكو الحال: "لقد دمّر بعضهم حياتنا، منذ أن أعلنت بلجيكا حالة الطوارئ، بل منذ الانكشاف أن للبعض من عرب بروكسل علاقة بما جرى في باريس، لم تعد الحال كما كانت".

جو بارد، توتر مشحون بابتسامات غير ما كانت عليه سابقاً، هذا ما يصف به محمد الأجواء الحالية، وهو رجل مغربي في الأربعين من عمره، ينشغل كثيراً بالعلاقات التي باتت "مشحونة جداً".


اقرأ أيضاً: بروكسل مازالت مستنفرة... مدينة مهجورة "يحتل" شوراعها الأمن

في الشارع المسمى "ستالينغراد ويا"، تبدأ حدود التشكل بين حي مغربي وأحياء أخرى قريبة من ساحة "البدية" ومركز الشرطة الرئيسي، على طرفي "ستالينغراد" مطاعم ومتاجر مغاربية، ومقاهٍ فقدت زبائن كثيرين، حيث لا أكشاك عيد الميلاد فتحت أبوابها أمام الزبائن بعد، ولا المترو عاد يعمل منذ صباح الأربعاء إلا جزئياً.

بعض الشوارع فارغة تماماً في صباحات الأيام الماضية، منذ يوم الجمعة، وبذلك كان التأثير والتأثر متبادلاً بين الطرفين.

حي مولونبيك... أساطير وغضب...

من شارع "بارادو"، في العاشرة صباح الأربعاء، تبدو الحكاية أكثر وضوحاً مع ما يقصد بـ"المغرب الصغير"، قناة تلفزيونية إيطالية تحاول التحدث إلى بعض الشبان الذين يحضرون متاجرهم.

كان الشاب الجزائري عادل يرفض مجرد أن يقترب منه صحافي، على زاوية الشارع الممتد وسط "مولوبينك". لعادل رأيه في ما يجري بالنسبة للشبان "البلجيك" من أصل عربي في هذا الحي "هؤلاء (الشبان) أعرفهم منذ كانوا صغاراً، هم حين يذهبون إلى بلدهم الأصلي منذ الصغر وحين يكونون يافعين ينظر إليهم مجتمع آبائهم على أنهم أجانب، وحين يعودون إلى هنا هم أيضاً أجانب في نظر السلطات والمجتمع".

اقرأ أيضاً: بلجيكا تخفض مستوى حالة الطوارئ 

يصر عادل على ما يسميه "أزمة هوية". يتشجع آخر ليقول رأياً مغايراً "وهل هذا يعطي لهؤلاء الأغبياء أن يصيبوا البشر بالهلع بعد استهدافهم ملعب كرة قدم وهم يعرفون شعبية هذه الرياضة؟ أريد أن أفهم ما دخل العنصرية والتمييز باستهداف مقهى كالذي نجلس فيه، ومن ثم يزج باسم الحي الذي نعيشه منذ الصغر في هذه القضية؟".

ارتدادات ما يمسى "11 سبتمبر فرنسا" بادية بشكل جلي على حالة المهاجرين في "مولونبيك"، ورغم ذلك حين استوقف "العربي الجديد" سيدة عربية مع أطفالها في طريق البحث عن مسجد "الخليل"، والذي يتهمه بعضهم بنشر "التشدد" سارعت السيدة للقول "لا يهمني صوّر ما تريد، أنت عربي؟ الحياة جيدة ولا يوجد مشكلة لدينا... وضعنا بخير... وكما ترى أنا أسير مع أطفالي بشكل طبيعي".

ما يفاجئ في هذا الحي تلك الهيئة العربية الكاملة على قاطنيه... اللباس التقليدي الذي يرتديه الناس في بلادهم، وانتشار الرجال الملتحين بشكل طبيعي جداً. بل إن متاجر متخصصة ببيع تلك الملابس تنتشر على أرصفة أسواقه، هذا عدا عن أن مساجد كثيرة موزعة بين جنبات العمارات السكنية.

"مولونبيك" غاضب حين يسمع بأنه "إمارة إسلامية" ويصر بعض قاطنيه على نظرية "المؤامرة". بل يؤكد أحدهم من دون الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية تخصه (لا يتوفر على أوراق الإقامة) بأن "المطلوب إلقاء القبض عليه عبد السلام لم يكن له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بكل هذا الذي يقال عنه إنه تشدد".

ويضيف عادل "الشاب كان يجلس هنا في هذا المقهى، كان يخرج مثلنا في نهاية الأسبوع، ولم يكن متشدداً إسلامياً، ولا علاقة له بكل ما يوصف بإمارة".

هؤلاء الذين تحدّث "العربي الجديد" إليهم من أبناء الحي يجمعون على أن "التهميش" حقيقي، وإن كان الحديث عن التهميش "لا يقصد به بأي حال تبرير ما جرى، لكن تسليط المزيد من الأضواء وتجريم عرب بروكسل أمر غير جديد، بل لن يكون في مصلحة مئات آلاف العرب هنا".

في المقابل، يشكو التجار العرب في بروكسل، وخصوصاً من أصحاب المحلات، بأن "ما جرت إشاعته عن اختباء مطلوب في الحي جاء بعد عملية فرنسا، تسبب لنا في خسائر مهمة مثل بقية المحال البلجيكية، حين فرض الناس على أنفسهم شبه حظر تجوال، ما تزال آثاره حتى اليوم".

اقرأ أيضاً: حالة الطوارئ تضرب السياحة والأعمال في بلجيكا

المساهمون