موت ممثل

موت ممثل

04 يونيو 2015
+ الخط -
كما في كل مرة عندما يموت أحد رواد الفن الأردني، يفتش ناشطو موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عن صور تجمعهم بالراحل، ليبكوا عليه، ويتذكروا مسيرته الطويلة في خدمة الفن الأردني، التي يغادرها بعد أن يغادر الحياة فقيراً منسياً، بعد سنوات الإحباط التي عاشها بعيداً عن الشاشة أو خشبة المسرح، بسبب تراجع الحركة الفنية في الأردن.

حدث الأمر نفسه الأسبوع الماضي، عندما أعلنت وفاة الفنان الأردني محمد القباني، تحولت صفحات "فيسبوك" إلى جدران لنعي الفنان، الذي صرعه مرض السرطان، واستذكره محبوه بجميل العبارات، وأعاد العديد من عشاقه نشر مقاطع مصورة من أعماله على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب". والقول إن القباني شخص استثنائي ليس مبالغة تفرضها طقوس الحزن على موته غير المفاجئ، هو حقاً استثنائي واصل حتى اللحظة الأخيرة التمثيل، لكن على خشبة الحياة وليس المسرح، في انحياز واضح لرسالة الفنان المثقف الهادف إلى التأثير في الجمهور بغية التغيير الإيجابي.

بيمنا كان الرجل يدرك أن موته بالمرض الذي استفحل في جسده النحيل، آتٍ لا محالة، أطل على جمهوره في رسالة يعلن فيها تحديه للمرض، ويحرضهم على مواجهته فهو كأي مرض آخر، اخبرهم بذلك، حتى لا يخسروا الأمل، لكن خسره في النهاية، وكان يدرك أن الدور الذي لعبه هو الأخطر في مسيرته الفنية، لكنه مثله حباً في الجمهور، وحرصاً على المرضى الأخيرين الذين تشكل لهم جرعة الأمل قيمة أكبر من جرعة العلاج. وفيما كان القباني يمثل دوره الإنساني الأخير، كان الجميع يمثل على الراحل دوراً أكثر خطورة، فاعتقدوا أنه سينجو، والغريب أن بعضهم فوجئ بموته حد البكاء. القباني كغيره من رواد الفن الأردني، سقط ضحية التمثيل عليه، وربما كان أفضل حظاً من آخرين أعلن موتهم ليتفاجأ الناس أنهم كانوا ما يزالون على قيد الحياة، بعد أن ابتعدوا/ أبعدوا طويلاً عن الفن الذي عاشوا لأجله، وربما كان أفضل حظاً من آخرين ماتوا من دون أن يجدوا ثمن العلاج، بعدما عاشوا دون أن يجدوا ما يحفظ كرامتهم، وداعاً للقباني الذي وجد العلاج قبل موته، فيما يبقى الفن الأردني دون معالج.

دلالات

المساهمون