مواهبُ مصرية تضيعُ في الزحمة

مواهبُ مصرية تضيعُ في الزحمة

19 نوفمبر 2015
الدولة ليست حريصة على الموهوبين (رسم أنس عوض)
+ الخط -

بينَ الملايين الذين يسكنون مصر، مواهبُ كثيرة. ربما تضيع وسط هموم البلاد ومشاكلها، منهم فادي أشرف مختار، الذي نجح في ابتكار آلة لإعادة تدوير المهملات من الطاقة الشمسية، وإنتاج وقود وألمينيوم وورق فاخر. حتى أنه حصل على المركز الأول عربياً من جامعة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية في ابتكاره آلة تعيد تدوير المهملات بالطاقة الشمسية، وتنقسم لجزأين: الأول خاص بإعادة تدوير الورق، والآخر خاص بإعادة تدوير المواد العضوية. أما المخلّفات الصلبة (زجاجات المياه المعدنية على سبيل المثال)، فتعالج هي الأخرى لتتحول إلى لوح ألمينيوم.
يقولُ مختار: "تعتمدُ الآلة على فضلات الطعام، التي تتخمّر في داخلها لمدة سبعة أيام، قبل أن تتحول إلى بيوغاز الذي يمكن استخدامه في أمور كثيرة ومفيدة. ويستدل بالبرازيل، التي تعتمد على القمامة بشكل رئيسي لإنتاج الوقود. والمُلفت في الآلة أنها صغيرة الحجم، ويفوق إنتاجها الآلات المشابهة الأخرى بنحو أربعة أضعاف".

أما التلميذ محمد القصبجي، فقد تمكن من اختراع برنامج يُبطل مفعول القنابل النووية، وذلك من خلال إدخال رؤوس القنابل النووية إلى برنامج يكشف مكوناتها، قبل إبطال مفعولها. لم ينه القصبجي الثانوية العامة بعد، إلا أنه يرغب في الحد من أطماع الدول العظمى التي تُهدّد البشرية. يقول إن "الأوضاع السياسية المؤلمة التي جعلت الدول العظمى تتحكّم بمصير الدول العربية من خلال تهديدها بامتلاك السلاح النووي المدمر، قادني إلى هذا الاختراع. بدايةً، نجحت تجاربي نظرياً بشهادة عدد من أساتذة العلوم في المدرسة. إلا أنني ما زلت في هذه المرحلة، وخصوصاً أن كلفة الاختراع تصل إلى نحو 50 مليار دولار".

يقول القصبجي: "لا أحبّذ السفر على الرغم من إدراكي لإمكانيات الدول المتقدمة تكنولوجياً، لكنها يمكن أن تستخدمه ضدنا. وهذا يخالف هدفي، عدا عن احتمال تعرضي للاغتيال، لأن مثل هذا الاختراع يهدّد مصالحهم العالمية". يُشير إلى أنه "لم يكرمني أحد حتى الآن. ولم أجد من يتبنى تنفيذ فكرتي أيضاً، وآمل أن تحتويني إحدى جامعات الدول العربية من دون أن أجد نفسي بحاجة إلى الغرب".

من جهتها، اخترعت سارة حازم جهازاً يُحوّل المواد العضوية إلى بترول. تقول: "اعتمدتُ على فكرة تحويل مخلّفات المواد العضوية إلى بترول، على اعتبار أن عناصر البترول الأساسية موجودة في مخلفات المواد العضوية، وقد أكد أساتذة مادة العلوم في المدرسة إمكانية تنفيذ الاختراع، واقترحوا عليّ الذهاب إلى جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا. في البداية، رحب بي المدير وساعدني على إجراء الأبحاث والدراسات لتطويره. إلا أن التشجيع لم يستمر طويلاً. في مرحلة لاحقة، صرت أشعر بالإحباط، بعدما أخبرني أننا لا نملك الإمكانيات اللازمة لتنفيذه، وخصوصاً أنه يحتاج لأموال طائلة. واقترح عليّ الانتظار حتى يأتي من يتبنى فكرتي من رجال الأعمال. لكنني فوجئت لاحقاً بتنفيذ اختراع مماثل في بريطانيا". تضيف أنها لا تعرف ما حدث، وإن كان الأمر مجرد صدفة.

في هذا الإطار، يقول مؤسّس موقع "كونكت آربز" لرعاية المبتكرين والموهوبين، سيد إسماعيل، إنه "من الضروري رعاية المخترعين. لذلك سعيت لإنشاء هذا الموقع الذي هو بمثابة ملتقى للمخترعين والمبدعين العرب، الذين لا يعيشون بالضرورة في الوطن العربي". يضيف: "أردت أن يسمح لهم الموقع بالتواصل وتبادل الأفكار. وخلال تصميم الموقع، حرصتُ أن يكون شبيهاً بفيسبوك وتويتر، ما يُتيح للمخترعين الاستفادة من مزايا مشابهة".
وعلى الرغم من مرور أربعة أشهر فقط على انطلاق الموقع، يوضح أن الفكرة بدأت منذ أكثر من خمس سنوات برعاية جامعة الدول العربية. ولعلّ السبب في تأخر تنفيذ إطلاق الموقع هو عدم وجود أي تمويل أو دعم من الحكومة. ويشرح أن "المشروع بأكمله أنجز بتمويل شخصي، وقد حرصت على أن تكون خدمات الموقع عالية المستوى". يضيف: "توصلت وفريقي مع عدد من الجامعات المصرية وجامعات بالأردن والسعودية إلى عدد من الاتفاقيات التعاونية المشتركة بهدف احتواء مواهب المخترعين العرب".

وعلى الرغم من أن الاختراعات تُعدّ بمثابة بادرة أمل، إلا أنه يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية من الدولة لتنفيذ اختراعاتهم. لكن لا يبدو أن الدولة حريصة على الأمر، حتى أن هؤلاء الأطفال لا يُقدّرون ولو معنوياً. ربما، حين يكبرون، سيحاولون على غرار كثيرين، البحث عن فرصة في الخارج.

اقرأ أيضاً: "عصافير" في جامعات مصر


المساهمون