موالٍ للقذافي قدم رشى لمسؤولين بارزين بالمحكمة الجنائية الدولية

موالٍ للقذافي قدم رشى لمسؤولين بارزين في المحكمة الجنائية الدولية

08 أكتوبر 2017
أوكامبو تعرض لانتقادات كبيرة سابقاً (جيري لامبن/ فرانس برس)
+ الخط -


كشفت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن المدعي العام السابق في المحكمة الجنائية الدولية، لوريس مورينو أوكامبو، سرّب معلومات حساسة إلى رجل أعمال موالٍ لنظام العقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، متهم بارتكاب جرائم حرب كان يدفع له مبالغ ماليّة.

وجاء الكشف عن تلك المعلومات بعدما حصل موقع "ميديابار" الفرنسي على حوالى 40 ألف وثيقة اطّلعت عليها "صنداي تايمز" ومكتب التعاون الاستقصائي الأوروبي.

وأوضحت الصحيفة أن أوكامبو كان أول مدعٍ عام داخل المحكمة الجنائية الدولية تُلقى على عاتقه مهمة متابعة الطغاة ومن يمارسون التعذيب والاضطهاد لضمان عدم إفلاتهم من العدالة بسبب جرائم القتل المتورطين فيها. ولفتت "صنداي تايمز" أن السنوات التسع التي قضاها أوكامبو في المنصب واجهتها انتقادات دولية، وبأنه لم يتمكن طيلة تلك الفترة من إنجاز ولو متابعة واحدة، حتى قبل شهرين على مغادرته المنصب في 2012.

ووفق المعلومات المسربة أخيرا، ظهرت تساؤلات حول العلاقات والتعاملات التي أقامها أوكامبو مع ملياردير ليبي، على ارتباط بعائلة القذافي، وكان أوكامبو قد حقق في جرائمه المحتملة.

وتوضح تلك المعلومات أنه سرب معطيات حساسة لرجل الأعمال الليبي، الذي كان قد وقع معه عقداً مقابل مليون دولار سنويا، بعدما اتضح أن محققي الجنائية الدولية كانوا يحققون في مدى تورط الثري الليبي في جرائم حرب. وقد حصل أوكامبو بدوره على تلك المعلومات من زميلة سابقة له ما زالت تعمل في الجنائية الدولية.



إلى ذلك، أوضحت "صنداي تايمز" أن أوكامبو، البالغ 65 عاماً، ظل يحظى بالتقدير حتى بعد مغادرته الجنائية الدولية، وبأنه أسس مكتب استشارات حول الشؤون المرتبطة بالنزاعات الدولية، وفي عام 2015 قبل الاشتغال لفائدة زبون مثير للجدل من ليبيا، رجل الأعمال حسن طاطانكي.

وعن هذا الأخير قالت الصحيفة إن ترعرع وتلقى تعليمه في بريطانيا قبل العودة إلى ليبيا، حيث استطاع مراكمة ثروة طائلة في ظل نظام معمر القذافي، وأصبح واحداً من أغنى الأشخاص في البلاد.

كما لفتت إلى أن علاقة خاصة كانت تجمعه بنجل القذافي، سيف الإسلام، وذلك قبل سقوط النظام. وكانت تربطهما شراكة تجارية، وقام طاطانكي بتقديم مبالغ مالية لشركة علاقات عامة أميركية من أجل مساعدة ابن القذافي في تلميع صورة ليبيا داخل الولايات المتحدة.

غير أن اللافت للنظر، حسب "صنداي تايمز"، أنه في عز الثورة الليبية ضد نظام القذافي في 2011، قام أوكامبو باتهام سيف الإسلام ووالده بالتورط في جرائم حرب. ورغم تضارب المصالح الوارد بسبب منصبه السابق، إلا أن أوكامبو كان مستعدا لتلقي تعويضات مالية سخية من طاطانكي. وبحسب العقد الموقع بينهما في إبريل/نيسان 2015، كان سيتلقى 5 آلاف دولار عن كل يوم لتقديم "خدماته الاستشارية"، فضلا عن تعويض يصل إلى ثلاثة ملايين دولار لضمان استمرار العقد لثلاثة أعوام.

وذكر أوكامبو الأسبوع الماضي أن ذلك العقد غير مرتبط بمنصبه السابق كمدعٍ عام في الجنائية الدولية، لكن رسالة على بريده الإلكتروني بعثها بعد توقيع العقد بيوم واحد، كتب فيها أنه قد عهد إليه تقديم المشورة لطاطانكي "حول كيفية التعامل مع الأزمة الليبية وحماية مصالحه".

وخلال تلك الفترة، كما توضح "صنداي تايمز"، كانت تطورات الأوضاع بعد سقوط نظام القذافي مسألة عاجلة ينبغي التعاطي معها داخل المحكمة الجنائية الدولية. فبعد مرور أسبوعين على توقيع عقد أوكامبو، قالت المحكمة إنها تحقق في جرائم حرب من الوارد أن القوات التابعة للواء المتقاعد، خليفة حفتر، متورطة في ارتكابها، حفتر الذي يلاقي دعما خفيا من طاطانكي.

كما أوضحت "صنداي تايمز" أن العلاقات التي تجمع الملياردير الليبي مع مجرمي حرب محتملين أصبح أمرا يبعث على القلق بالنسبة لأوكامبو، وأصبح محط اهتمام المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية.

ولفتت في هذا الصدد إلى أن أوكامبو تلقى معلومات سرية من زميلة سابقة له داخل الجنائية الدولية أشارت إلى أن أعين محققي الجنائية الدولية تتابع تحركات طاطانكي.



وبحسب المعلومات المسربة تم تحذير رجل الأعمال الليبي من المتابعة بعدما ورد اسمه في حالتين؛ الأولى بعدما سمحت قناة تلفزيونية يملكها بظهور أحد القادة العسكريين التابعين لقوات حفتر، هدد بالقتل كل من يرفض الالتحاق بصفوفهم، واغتصاب زوجاتهم. وبصفته مالك القناة التي بثت تلك التصريحات، فإنه كان يمكن تحميل طاطانكي مسؤولية التحريض على جرائم حرب.

أما الحالة الثانية، فهي اطلاع المحكمة الجنائية الدولية على مكالمة أجراها طاطانكي في 2011 حينما كان نظام القذافي يقوم بارتكاب المجازر بحق الشعب الليبي، وفي الاتصال، كان سيف الإسلام يقول إنه يعتقد أن طاطانكي ما زال وفيا للنظام وبأنه لم ينشق عنه.

وأوضحت "صنداي تايمز" أنه بعد مرور يوم واحد تحرك أوكامبو لتجنيب طاطانكي المتابعة أمام الجنائية، حيث اعتمد استراتيجية لإبعاده عن قوات حفتر وأي تحريض محتمل لارتكاب جرائم حرب، والعمل على تلميع صورته من خلال شن حملة دعاية تركز على الأعمال الإنسانية والخيرية التي يقوم بها طاطانكي ونشره السلم.

كما أضافت الصحيفة أن سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني تعود ليونيو/ حزيران 2015 تشير إلى أن الملياردير الليبي وموظفين لديه التقوا موظفين من الجنائية الدولية، بالإضافة إلى أوكامبو، وهو ما يعد تضاربا واضحا في المصالح، أن يلتقي موظفون بالجنائية الدولية مع شخص يخضع للتحقيق بشأن ضلوعه في جرائم حرب.