مواقع التواصل في إيران: لعبة الحظر

مواقع التواصل في إيران: لعبة الحظر

16 اغسطس 2020
حملة تطالب بحجب "إنستغرام" أيضاً (مرتضى نيكوبازل/Getty)
+ الخط -

كشف وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي، الأحد الماضي، خلال حواره مع وكالة أنباء "خانه ملت" التابعة للبرلمان الإيراني، عن تقديمه طلباً لرفع الحظر عن "تويتر"، مشيراً إلى أن هذا الأمر "ضمن اختصاص مجموعة عمل تحديد المضامين الجرمية، وهي لم تضع الموضوع على جدول أعمالها".

ويستبعد أن توافق المجموعة التي حظرت "تويتر" عام 2009 على طلب الوزير، إذ سبق أن أعلن جهرمي، عدة مرات خلال السنوات الأخيرة، أنه يتابع موضوع رفع الحظر عن "تويتر"، لكن جهوده فشلت، لكون ذلك خارج صلاحياته وبيد مجموعة "تحديد المضامين الجريمة" وجهات متنفذة أخرى.

تشكلت مجموعة "تحديد المضامين الجرمية" التي تشرف على العالم الافتراضي والمضامين التي تنشر من خلاله عام 2009، على أعقاب إقرار مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران قانون "الجرائم الإلكترونية"، وفق المادة الـ22 من القانون. ويشرف على المجموعة المدعي العام الإيراني الذي يدعم فرض رقابة مشددة على مضامين شبكات التواصل الاجتماعي، وحظر "إنستغرام" أيضاً.

وتتكون مجموعة "تحديد المضامين الجرمية" من 13 عضواً، 6 منهم من السلطة التنفيذية (وزراء)، وبرلمانيّيْن، والمدعي العام ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، وقائد قوات الأمن الداخلي (الشرطة) ورئيس "منظمة الإعلام الإسلامي" ومندوب الأمانة العامة للمجلس الأعلى للثورة الثقافية في البلد.

وبالإضافة إلى مجموعة عمل "تحديد المضامين الجرمية"، يرسم "المجلس الأعلى للعالم الافتراضي" السياسات العليا في البلد في ما يتعلق بهذا العالم، وضمنه شبكات التواصل الاجتماعي، وقد شكّله المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي عام 2011. ويتكون المجلس من أعضاء اعتباريين وأعضاء حقيقيين، ومن بينهم رؤساء السلطات الثلاث في إيران، بالإضافة إلى رؤساء مؤسسات سيادية أخرى.

وفي المواضيع الخلافية وما يتعلق بمنصات التواصل الاجتماعي، غالباً ما تسري وجهة نظر الجهات المتنفذة الداعية إلى فرض قيود على هذه الشبكات. إلا أن الحكومة الإيرانية الحالية، المدعومة من التيار "الاعتدالي" والإصلاحيين، تعارض هذا التوجه، رافضة حتى الآن دعوات لحظر "إنستغرام" من قبل بعض أعضاء مجموعة "تحديد المضامين الجرمية"، ومسؤولين كبار في السلطة القضائية. لكن الحكومة لم تصمد في معارضتها لحظر "تيليغرام" سابقاً، أمام الجهات المتنفذة الأخرى التي طبّقت القرار الذي صدر بشأن هذا الحظر عام 2018، بينما لم تعلن بعد هوية الجهة التي أصدرت هذا القرار، لكنه "على ما يبدو صدر من مستويات عليا في البلد"، وفق تصريحات برلمانية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وبحسب نتائج آخر استطلاع للرأي أجراه مركز "إيسبا" الإيراني خلال مارس/ آذار عام 2019، فإن 55.9 في المائة من سكان إيران، البالغ عددهم 81 مليون نسمة، يستخدمون تطبيق "تيليغرام" الذي حظرته السلطات الإيرانية في مطلع مايو/ أيار من عام 2018، كما أن 70.6 في المائة من الشباب الإيراني (أعمارهم بين 18 و29 عاماً) يستخدمون "تيليغرام"، فيما تصل النسبة في استخدام تطبيق "إنستغرام"، غير المحظور، إلى 48.7 في المائة. ويحتل "إنستغرام" المرتبة الثانية بعد "تيليغرام" في إيران، حيث تصل نسبة مستخدميه إلى 29.5 في المائة، كما أن تطبيق "واتساب" يحتل المركز الثالث بـ25.1 في المائة. كما أن عدد مستخدمي "فيسبوك" و"تويتر" المحظورين في إيران يشكل على التوالي 2 و0.9 في المائة من سكان إيران.

ولم يدفع حظر بعض هذه المنصات الإيرانيين إلى استخدام التطبيقات المحلية خلال السنوات الماضية، وهذا ما تظهره أرقام مستخدمي هذه التطبيقات. وللوصول إلى المنصات المحظورة، يستخدم الإيرانيون برامج فك التشفير. علما أنه رغم حظر منصة "تويتر" في إيران، إلا أن مسؤولين إيرانيين كباراً من السلطات الثلاث ومؤسسات أخرى، لديهم حسابات، ينشرون من خلالها وجهات نظرهم في مختلف القضايا الداخلية والخارجية.

وخلال مايو/ أيار الماضي، وجّه 400 طالب في الحوزات الدينية في 65 مدينة إيرانية، بحسب صحيفة "اعتماد"، رسالة لرئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، مطالبين بإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي في إيران. وعزا هؤلاء المحافظون دوافعهم للمطالبة بحظر هذه المواقع إلى "دورها في التحضير للنفوذ الثقافي، عبر الترويج للإباحية وكسر المحرمات ومهاجمة المقدسات الدينية والقيم الإسلامية والإيرانية، والتسويق لنمط الحياة الغربية والترويج للإلحاد والمسيحية والبهائية وللأعراف الكاذبة". وطالب الطلاب في الحوزات الدينية رئيسي بمحاكمة وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي لمعارضته إغلاق التطبيقات الاجتماعية، وتحديداً "إنستغرام"، داعين إلى تدشين "الشبكة الوطنية للمعلومات" (الإنترنت الوطني)، واستبدال تطبيقات التواصل الاجتماعي الأجنبية بأخرى إيرانية.​

المساهمون