مواطن الخلل في السيتي.. عام غوارديولا الأول تحت المجهر

08 مايو 2017
غوارديولا ورحلة بناء السيتي في موسمه الأول (Getty)
+ الخط -


جاء غوارديولا للفوز بالألقاب والبطولات مع مانشستر سيتي، لكنه خرج من الموسم الأول بدون أي علامة إيجابية، في مفاجأة أصابت الجميع بالصدمة، خصوصا أنه غير معتاد على مثل هذه الأمور، لكونه المدرب الأكثر طلبا والأشهر تكتيكيا خلال السنوات الأخيرة من عمر اللعبة. ومع صعوبة توقع الأسماء الجديدة التي سيجلبها السيتي بالصيف، إلا أن هناك أموراً أصبحت شبه مؤكدة، ولم ينتظر بيب كثيرا لتحديدها بل خرجت تصريحاته لتؤكد ما يدور بعقله، حتى يعيد فريقه إلى منصات التتويج من جديد.

موسم مهم
وصف غوارديولا موسمه الأول مع مانشستر سيتي بغير الناجح، عندما قالها صراحة دون تأويل، "المُلّاك في النادي أحضروني من أجل الفوز بالبطولات وتحقيق النتائج، لذلك لن يصبروا كثيرا في حالة عدم نجاحنا في الوصول إلى الهدف المنشود". ورغم أن السيتي قدم مباريات مميزة في البدايات، وصادفه سوء حظ عاثر أمام بعض المنافسين كتشلسي وتوتنهام، إلا أن المجموعة تحتاج إلى عمل مضاعف من جانب الجهاز الفني، مع ضرورة إحلال وتجديد بعض العناصر بالتشكيلة الأساسية.

يتحمل بيب بالتأكيد جزءاً من فشل الميركاتو الصيفي، لكنه أيضا افتقر إلى الثنائي غاندوغان وجيسوس، فالألماني قدم بداية ممتازة مع السيتي وتسببت إصابته في الإخلال بموازين القوى في منطقة الوسط، بينما لم يجد أغويرو أي منافسة تذكر من الآخرين بعد تعرض زميله البرازيلي لكسر في القدم، لذلك يجب التأكيد على تدخل التفاصيل الصغيرة في التأثير بالسلب على موسم السيتي، سواء في بطولة الدوري الإنكليزي أو عصبة الأبطال الأوروبية.

يعتبر الموسم الأول مهماً جدا للمدرب الكاتلوني، فالرجل استفاد كثيرا من التجربة رغم البداية السيئة والتعثرات المستمرة، وعرف ماذا يريد وماذا ينقص المجموعة التي يمتلكها، حتى يدخل العام التالي في أفضل صورة ممكنة، لذلك أصر على تجربة الجميع بلا استثناء، وترك الخلافات جانبا مع توريه واختلاف وجهات النظر مع أغويرو، ليشرك كل لاعبي السيتي ويعرف عن قرب كل كبيرة وصغيرة داخل عمق الفريق، حتى يكون على دراية كاملة بالخطوات الواجب اتخاذها خلال الفترة القادمة.

متوسط الأعمار
يمكن التأكيد أن ميركاتو سيتي أقل بكثير من غيره، غوارديولا يتحمل جزءاً رئيسياً من ذلك بسبب صفقات منوليتو وبرافو، حتى ستونز نفسه الذي لم يظهر بصورة طيبة هذا الموسم، كان بمثابة الخيار الثالث بعد لابورتي وبونوتشي، بينما ساني لاعب للمستقبل، وجيسوس كذلك، وبالتالي يمثل هذا الأمر جزءاً من، وليس كل، المعضلة داخل ملعب الاتحاد.

يعاني الفريق من معدل أعمار كبير، يكفي أن لاعبي الأظهرة كولاروف وسانيا وكليشي فوق الثلاثين، بالإضافة لتوريه وزباليتا وفرناندينيو ودافيد سيلفا. حتى أغويرو نفسه ليس كالسابق، إصاباته كثيرة وإيقافاته أكثر. ويؤكد موقع "ترانسفير ماركت" أن متوسط أعمار فريق مانشستر سيتي لموسم 2016-2017 يبلغ 28.3 سنة، إنها المشكلة المعقدة التي تحتاج إلى حلول جذرية، لأن السيتي لا يحتاج فقط إلى دعائم في بعض المراكز، بل لعملية تطوير وتحسين في معدل الأعمار، من أجل المواصلة بين الكبار بالسنوات المقبلة.

جاء برافو إلى السيتي كواحد من أفضل حراس العالم، لكنه واجه صعوبة بالغة في التكيف مع الأجواء الجديدة، ليقدم مستوى سلبيّاً ويضع الضغوطات على مدربه وفريقه، لذلك سيفكر السيتي ألف مرة من أجل تعويض هذا المركز الحساس، فبيب يؤكد مرارا وتكرارا أن حارس المرمى لاعب ضمن الفريق، يجب أن يلعب بقدميه ويبدأ الهجمة تحت الضغط، ليكون هو الخيار الأول في التدعيم مع اقتراب الحارس التشيلي من العودة إلى إسبانيا من جديد.

لعبة التحولات
يوضح الفيلسوف الفرق بين البريميرليغ وبقية الدوريات بعد فوزه على كريستال بالاس بالخمسة، ليؤكد أن خط الوسط من الخطوط المنسية بعض الشيء في إنكلترا، ويقول بالنص في المؤتمر الصحافي:"في بقية الدوريات، هم يهتمون بطريقة سير اللعب في منتصف الملعب، أما بالدوري هنا فإن منطقة المنتصف شبه معدومة، لايوجد شيء اسمه منتصف ملعب تقريبا. يركز الجميع على ركل الكرة من منطقة جزاء الفريق إلى الناحية الأخرى، اللعب في الهواء والكرة على الأرض قليلة إلى حد ما".

يحتاج السيتي بالطبع إلى عدة عناصر في أكثر من خط، لكن وفق تصريحات مدربه الأخيرة، فإن التوقع سهل بضرورة جلب ثنائي من الأظهرة على الطرفين، حتى تتناسب طريقة اللعب مع تقاليد الدوري الإنكليزي، ويستطيع الفريق ضبط عملية التحولات أثناء الدفاع والهجوم. ومع كبر سن الظهيرين سواء في الخانة الأساسية أو الاحتياطية، فإن السيتي سيبحث فورا عن نوعية تجيد الصعود إلى الهجوم، ولعب العرضيات القصيرة والتمريرات القطرية من الطرف إلى عمق منطقة الجزاء.

تتضاعف قيمة الأظهرة لتشمل الحالة الدفاعية أيضا، من خلال تحول ثنائي الأظهرة إلى منطقة الارتكاز، وغلق زوايا التمرير أمام حامل الكرة من الفريق الآخر، للتحكم في المرتدة الخاطفة ومحاولة خطف التمريرة الثانية قبل العبور إلى الثلث الهجومي الأخير. وبعيدا عن تحديد أسماء المرشحين لشغل هذا المكان، فإن غوارديولا سيبدأ أولا بدعم منطقة الأطراف بثنائي يجيد شغل الفراغات، والتكيف مع سرعات المنافسين.

الصندوق
بعد مباراة تشلسي والسيتي في ستامفورد بريدج، قال بيب في المؤتمر الصحافي: "هذا الموسم عدلنا بعض الأمور، وظهر الفريق بشكل إيجابي في أماكن عديدة من الملعب، باستثناء الـ Boxes، أي الصناديق، مناطق الجزاء، لأن الفريق عانى دفاعيا بارتكاب هفوات قاتلة، وهجوميا بإضاعة فرص سهلة للغاية، كما حدث ضد موناكو في ملعب الإمارة الفرنسية، خلال المباراة التي انتهت بفوز أصحاب الأرض بثلاثة أهداف مقابل هدف".

وبتحديد إحصاءات نجوم الفريق تهديفيا، سنجد عقماً واضحاً على مستوى تسجيل الأهداف بالنسبة للاعبي الوسط، لدرجة أن ستيرلينغ سجل 7 أهداف فقط، مع 5 لكلٍّ من دي بروين وساني، حتى أغويرو نفسه سجل 18 هدفاً،  مما يعني صعوبة ترجمة الفرص إلى أهداف، خصوصا أن فريق مدينة مانشستر صنع 441 فرصة للتسجيل مع تسجيل 70 هدفاً، بينما صنع فريق تشلسي كمثال 367 فرصة وسجل لاعبوه 72.

يحتاج السيتي إلى لاعب وسط بمواصفات خاصة، قادر على شغل منطقة الأطراف والعمق، مع التحول إلى منطقة الجزاء لأخذ زمام المبادرة وتسجيل الأهداف، في حالة تشديد الرقابة على أغويرو وجيسوس. فضعف الفعالية التهديفية داخل الصندوق لا يعني بالضرورة التعاقد مع مهاجم صريح، بل يمكن أيضا خطف لاعب وسط بمواصفات المهاجم، نسخة التسعة ونصف على طريقة سانشيز في آرسنال هذا الموسم.

عودة كومباني تأخرت كثيرا، لكنه وفر العمق المطلوب داخل دفاعات السيتي، وأصبح الفريق يقف بشكل أفضل خلال الكرات العرضية، وبالتالي سيكون الصندوق الخلفي في وضعية أفضل خلال الفترة المقبلة، مع زيادة خبرة ستونز وتكيفه مع أفكار غوارديولا، لتبقى الصناديق والأطراف هما الأساس في مشروع مان سيتي، في انتظار ما سيحدث بالصيف المقبل.