Skip to main content
موارد للعنصرية
يوسف وقّاص
باسيل كينكايد/ أنغولا

أقنعة عنصرية لا تعدّ ولا تحصى، يخفيها تعبير "موارد"، الذي أصبح شائعاً على الإنترنت وما يدور حوله، لوصف المهاجرين واللاجئين، في تخفٍّ خلف مصطلح إيجابي الظاهر. هذه الحملة الشرسة، كانت قد بدأت قبل فترة، إثر تصريح لرئيسة مجلس النواب الإيطالي لاورا بالدريني سمّت خلاله المهاجرين واللاجئين ﺒ"الموارد"، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم.

العناوين منتقاة بحرص، ولا بأس فيما إذا كانت الصور من الأرشيف: شمال أفريقيون يغتصبون البنات: "موارد" بالدرينية (نسبة إلى لاورا بالدريني) يجب خَصْيِهِمْ. "موارد في حالة فرار بعد عملية سطو في محطة القطارات"، "مغربي ينقل خنزيرا برّيا مقتولا على درّاجته الهوائية: يا لها من موارد!". صور مهاجرين يجلسون في حديقة عامة بخمول وعبارة تقول: "هاكم الموارد!"، فيديو لشاب أفريقي يتسول أمام سوبرماركت، مصحوباً بتعليق ساخر: "موارد المستقبل!".

ويبدو أن العنصريين خرجوا من "عقالهم" بطريقة غير مسبوقة، وبدأوا بممارستها علناً، حتى دون الاستعانة بالعبارة التقليدية: "لست عنصرياً، ولكن ...”. يقول فيديريكو فالوبّا مؤلف كتاب "ضد العنصرية" (2016): يطلقون اسم "موارد" بتهكم على المهاجرين، بينما هم يعنون العكس تماماً (عبءٌ، شيءٌ مُكْلِفٌ، مصيبةٌ)، لكي يخلقوا علاقات تعاطف بين من يستعمل المصطلح ويسمح بتقاسم العنصرية دون الاستعانة بمصطلحات أكثر تطرفاً".

"موارد"، يحتوي على أشكال متعددة من الكراهية، ضد المهاجرين واللاجئين بالدرجة الأولى، وضد السياسيين، لأن المصطلح غالباً ما يحمل مقاربة مع رئيسة مجلس النواب لاورا بالدريني، مذنبة لأنها وصفت المهاجرين ﺒ"موارد" وطليعة العولمة. وضد المثقفين أيضاً، أو كل من يمكن إجماله في هذا الإطار، لأنهم يلجؤون إلى هذه الكلمة المقنّعة بدلاً من صبّ جام غضبهم على المهاجرين الذين يسرقون وظائف السكان المحليين. أي ببساطة، اللجوء إلى لغة الحانات المبتذلة.

في حادثة طريفة، تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي عبر نشر صورة أفريقيَيْنِ يرتديان ملابس رياضية فاخرة وهما يجلسان على مقعد في وسط مدينة فورتي دي مارمو الذائعة الصيت، مع تعليق يقول: انظروا كيف يُنفقُ المهاجرون نقودنا في شراء ألبسة فاخرة!

ورغم أن الصحافة كشفت أن المعنيين ليسا مهاجِرَيْنِ إنما من الشخصيات المعروفة على نطاق عالمي، وهما الممثل والمنتج السينمائي صامويل ليروي جاكسون ولاعب كرة السلة الشهير ماجيك جونسون، إلا أن نفس الصورة ما زالت تحصد آلاف التعليقات العنصرية ضد المهاجرين والحكومة التي تؤمّن لهم المأوى والطعام، مع العلم أن إيطاليا لا تدفع أيّة رواتب للمهاجرين أو اللاجئين، والمساعدات التي تنحصر في المبيت والطعام، غالباً ما تكون محدودة بمدة زمنية معينة.

لا شك أنه تنافس سياسي بلا أي وازع أخلاقي حيث يخلق تداعيات بغيضة ومتنامية، واستخدام كلمة "موارد" يشير إلى تطور إضافي في انتشار العنصرية المتوافق عليها بتباهٍ، مع ابتسامة على الشفاه وقناعة بأنهم (الآن ودائماً)، طليعة الإنسانية الأكثر تقدّماً.


* كاتب سوري مقيم في ميلانو