مواد تجميل مقلّدة في الأسواق تهدد صحة المغربيات

مواد تجميل مقلدة في الأسواق تهدد صحة المغربيات

21 مايو 2017
مخاطر صحية كبيرة لبعض المستحضرات (Getty)
+ الخط -

مراهم تصلح لكل أنواع البشرة وكريمات شحب لون علبها جراء تعرّضها للشمس، عطور بعلامات تجارية مشهورة، مزيلات للعرق، وعدسات لاصقة، تُعرض بطريقة عشوائية في الأسواق الشعبية المغربية، موزعة بين عربات الباعة وبعض محلات التجميل، مصدرها مجهول وثمنها يناسب الفقراء.

جولة صغيرة في أحد أسواق البيضاء تكفي لمعاينة طرق ترويج هذه المستحضرات التي يكثر الإقبال عليها بحثا عن "الجمال بأقل تكلفة"، تُعرض للعموم في الهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس، ويتفنن بائعوها في الترويج لها، في غياب أي مراقبة.

الزبائن في المجمل، نساء وشابات وطالبات مدارس، أو عاملات في صالونات الحلاقة، يقبلن عليها من دون التفكير في المخاطر الصحية، لأن الثمن يناسب قدرتهن الشرائية، من دون أن ينتبهن إلى أن النتيجة قد تكون وخيمة، وأن بعض مكونات تلك المواد قد تسبب لهن طفحا جلديا أو حكة أو غيرها من الأمراض الجلدية التي تحتاج علاجا طويلا.

عزيزة، شابة في الثامنة عشرة من عمرها، توقفت عند إحدى العربات التي تعرض منتوجات تجميلية مختلفة بسوق شعبي في البيضاء، سألت عن ثمن كريم أساس، جرّبته في البداية على كف يدها، ثم طلبت مرآة، ووضعت منه على وجهها، من دون أن يبدي البائع أي اعتراض على الأمر.

بعد أن أعجبت بالنتيجة، وسرّها بياض وجهها، دفعت عزيزة مبلغ كريم الأساس الذي لم يتجاوز 30 درهما، ومضت إلى حال سبيلها.



في الجهة المقابلة، نسوة يجرّبن طلاء الأظافر وأحمر الشفاه، وتُبدي كل واحدة وجهة نظرها في درجة اللون. إنها فرصة لا تعوّض، فالمنتوجات مخفضة وسعر أحمر الشفاه لا يتجاوز 10 دراهم.

تقول نادية لـ"العربي الجديد"، "منذ أزيد من 6 سنوات أشتري طلاء الأظافر وأحمر الشفاه من هذه العربات الشعبية، لم أتعرّض لأي مشكلة صحية، وأعلم أني لا أشتري الماركات الأصلية بالنظر إلى فرق الثمن الواضح، لكن هذه المنتجات ليست كلها سيئة، فقط ينبغي الانتباه وعدم المغامرة عندما يتعلق الأمر بالوجه والشعر".

أما لمياء، فلم تنس فصول معاناتها بسبب استعمالها كريماً للتبييض، اشترته من بائع تجميل من سوق شعبي، كبّدها علاجا طويلاً حتى أزالت التشوّهات من وجهها.

تقول الشابة "اقتنيت كريما لتبييض الوجه وإزالة البقع من بائع مواد بالتقسيط، كنت أستعمله كل ليلة قبل أن أنام. بعد مضيّ أسبوع، شعرت بتحسّن وبدأت البثور تختفي، لكن سرعان ما عادت بقوة وبحجم أكبر، فنصحتني إحدى صديقاتي بمزج الكريم بعبوة من مستحضر صيدلي يوصف لعلاج أمراض الحساسية والإكزيما. قمت بتطبيق ذلك الخليط، وما إن وضعته حتى شعرت بحرارة في وجهي، بعد شطفه بالماء كان وجهي مشوها بالبثور، وطبقته الجلدية حمراء محروقة".

وتتابع "تابعت العلاج عند الطبيب لشهور حتى استعدت عافيتي، وندمت على تهوّري، وأصبحت أنصح أي شابة أراها بالابتعاد عن هذه المنتوجات الخطيرة التي لا تخضع لأي مراقبة".

بدوره، يدافع كريم (33 سنة) بائع مواد تجميل بالتقسيط، عن هذه المستحضرات وينفي أي خطورة محتملة لها. والدليل، حسب رأيه، غياب شكاوى الزبونات: "لا مجال للتشكيك في سلامة هذه المواد، وهذا ما يفسر الإقبال الكبير عليها، فالزبائن يجدون ما يبحثون عنه وبثمن يوافق قدرتهم الشرائية".

في المقابل، يؤكد الصيدلاني عماد المعزوزي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن بائعي هذه المواد بالتقسيط همّهم هو الربح ولو على حساب صحة المواطن، ويقول "أدعو الجهات المعنية إلى التحرك لوضع حد لهذه الفوضى، ووقف تسويق هذه المنتجات التي لا تحترم المعايير الصحية"، موضحا أن إدلاء المستوردين بوثيقتين إلزاميتين تتمثلان في شهادة التسجيل التي يجب الحصول عليها من مديرية الأدوية والصيدلية بوزارة الصحة وترخيص من مكتب السلامة الصحية للمنتوجات الغذائية التابعة للوزارة، يبقى أمراً يجب تفعيله للضرب بقوة على كل من تسوّل له نفسه التعامل بهذه المواد".

ويضيف "يجب أن يعرف المواطن أن هذه المواد يمكن أن تؤدي إلى التهابات جلدية وأمراض طفيلية، وخطورة تتضاعف إلى سرطان الجلد، وأنصح باستشارة طبيب مختص في أمراض الجلد، وتجنّب المواد التي تعرض في ظروف غير صحية، تفادياً لأي انعكاس سلبي على صحة المواطن".

من جهتها، توضح طبية الأمراض الجلدية، نزهة بناني، أنّ بعض المغربيات ولقلة وعيهن يتهافتن على الاستعمال المفرط لمواد تجميلية غير آمنة، قد تتسبب في تشويه بشرتهن، وتوضح أنها تستقبل في عيادتها عددا من ضحايا المستحضرات العشوائية.

وتنصح الطبيبة السيدات بتجنب كل المستحضرات المشكوك فيها، والتي لا تطابق المعايير العالمية، من حيث المكونات والصلاحية وظروف البيع أيضا.

يذكر أن الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، سبق أن نددت بالفوضى العارمة في استيراد وتصدير وتسويق مواد التجميل في المغرب، وذلك نتيجة عدم وجود قوانين صارمة لمراقبة هذه المواد، ليبقى الضحية هو المستهلك المغربي في سوق تغزو فيه المنتجات من أصل آسيوي من دون جودة ولا سلامة صحية.

 

المساهمون