مواجهات "الزنكي" و"تحرير الشام" نحو التصعيد... وفصائل جديدة للتدخّل

مواجهات "الزنكي" و"تحرير الشام" نحو التصعيد... وفصائل جديدة تتجه للتدخّل

13 نوفمبر 2017
أكد "الزنكي" مواجهة هذه الحرب حتى النهاية(صالح محمد ليلى/الأناضول)
+ الخط -
تتجه المواجهات المسلحة التي بدأت قبل خمسة أيام، بين "هيئة تحرير الشام" و"حركة نور الدين الزنكي"، خصوصاً في ريف حلب الغربي، إلى مزيدٍ من التصعيد؛ إذ كانت "الزنكي" قالت الجمعة عبر نائب قائدها العام، علي سعيدو، إنها تواجه "هذه الحرب المفتوحة التي بدأتها هيئة تحرير الشام"، وسط اتهام "الزنكي" لـ"فيلق الشام" بالاصطفاف إلى جانب "الهيئة". في حين رشحت أنباءٌ أمس الأول السبت، عن تحركاتٍ لـ"جيش الأحرار" (المنشق عن الهيئة) لمساندة حركة "الزنكي". وفيما قدّمت "حركة أحرار الشام" مبادرة للمصالحة بين الطرفين المتحاربين، فإن قيادياً فيها اعتبر أن "ما نشهده اليوم من بغي على حركة الزنكي فصل جديد ضمن سلسلة اعتداءات ممنهجة، وإن استدعى (الأمر) أن نكون جزءاً من المعركة فلن نتوانى أبداً". ويأتي ما يسميه نشطاء الشمال السوري بـ"الاقتتال" بين "الزنكي" و"الهيئة" ضمن معركة صراعٍ على النفوذ، في ظل دخول محافظة إدلب وغربي حلب مناطق "خفض التصعيد" في سورية، ودخول الجيش التركي إلى نقاطٍ في حلب وإدلب، تنفيذاً لما اتفق عليه الضامنون لأستانة (روسيا وتركيا وإيران).

المواجهات بين "الزنكي" و "الهيئة"، التي تتسع رقعتها الجغرافية، بعد أن كانت انحصرت في نطاقٍ ضيق قرب بلدة الدانا في ريف إدلب الشمالي يوم الأربعاء الماضي، تواصلت خلال اليومين الماضيين، في مناطق في ريف حلب الغربي، وتركزت بشكل خاص في مناطق كفرداعل، والمنصورة، خان العسل، كما وصلت إلى ضواحي مدينة دارة عزة، وبلدة أورم الكبرى، التي سُجل على أطرافها سقوط قتيلين مدنيين اثنين، وإصابة ستة بينهم أطفال نتيجة قذائف ورصاص الاشتباكات الدائرة بين الجهتين المتحاربتين.

وعلى الرغم من إعلان "المجلس العسكري في مدينة عندان" في ريف حلب الشمالي الغربي في بيانٍ له، أن جهوده لـ"حقن الدماء بين الطرفين"، قد "أثمرت حتى الآن بإيقاف كلّي للاقتتال في مناطق الشيخ خضر وبابيص وكفربسين"، إلا أن هذه المبادرة لو صمدت، فإنها قد تنجح بوقف تمدد نيران "الاقتتال" إلى مناطق في محيط بلدة عندان فقط، بينما تبقى محاولة فرض الحسم العسكري قائمة في مناطق أخرى، خصوصاً أن ما ظهر من تطوراتٍ وبياناتٍ خلال اليومين الماضيين، يُبدد الشك في ذهاب "الهيئة" و"الزنكي" نحو مزيدٍ من التصعيد.

وصدرت دعوات تهدئة من جهاتٍ ومجالس عدة في شمال غربي سورية، آخرها بيانٌ لممثلي العشائر شمالي سورية مساء السبت، طالب طرفي "الاقتتال" بالجنوح للتفاوض. هذه العشائر والقبائل هي البوسالم والنعيم والجحيش واللهيب، وجبس بن محمد والشطيحات والبوحيات وعرب تركي وقبيلة بني خالد، وبني جميل والبوسرايا والدغامشة؛ لكن كل هذه الدعوات، لا يبدو أنها نجحت بفض النزاع؛ إذ يتضح من التطورات الميدانية، أن هذا الاقتتال مستمر، خصوصاً أن "الزنكي" أكدت ذهابها نحو "المواجهة الشاملة" مع "الهيئة"، التي بدورها لم تبدِ أي تجاوبٍ مع الدعوات لوقف المعركة.

وكان نائب قائد "الزنكي" علي سعيدو، خرج ببيانٍ مصور الجمعة، قال فيه إنه "لم يعد خافياً الجهود التدميرية التي تقوم بها هيئة تحرير الشام من تفكيك فصائل الجيش السوري الحر والاعتداء على الشعب وحريته وبيع البنية التحتية للبلد والمتاجرة بقضية الشعب السوري"، معتبراً أنه "بات واضحاً متاجرة قيادة الهيئة بدماء عناصرها لمنافع سياسية خاصة، وآخرها تطبيق بنود ومخرجات أستانة، الذي بيعت فيه تضحيات الشعب السوري لروسيا والنظام" حسب سعيدو.

وفنّد نائب قائد "الزنكي" رواية حركته لتطورات الأحداث مع "الهيئة"، متهماً الأخيرة بأنها "أقدمت منذ يومين ومن دون سابق إشكال (وعبر) مجموعات عسكرية وأمنية، على سلب سلاح كتيبة (تابعة للزنكي) من قرية حياة، وإنذارها بأن العمل مع حركة نور الدين الزنكي غير مسموح به، فحصل استنفار بسيط في المنطقة التي وقع فيها الإشكال، لنتفاجأ بعد قليل بأرتال تدك مقرات الزنكي في الدانة ودير حسان واطمة وتسيطر على حواجز، من دون حدوث استنفار من الزنكي"، قائلاً إن حركته "تغلّب صوت الشعب والعقل على هذه المراهقات غير المسؤولة". وأضاف سعيدو، أن حركته فوجئت لاحقاً "بحشود ضخمة وغير معهودة تبدأ بهجوم شامل على حركة نور الدين الزنكي وتكذب ما تدّعيه الهيئة بمعارك حماة وغيرها"، معتبراً أن "هذا التصرف تخطط له الهيئة من شهور، بإشغال الرأي العام بالمعارك الهزلية المصطنعة في حماة وغيرها، لتنسي الشعب وجنودها الفضائح التي لحقت بالجولاني وشرعييه، الأمر الذي يعد حرباً مفتوحة على الثورة وفصائلها"، قبل أن يشير إلى أن "حركة نور الدين زنكي تعلن مواجهة هذه الحرب المفتوحة التي بدأتها هيئة تحرير الشام حتى النهاية".


أما "هيئة تحرير الشام"، فقد اعتبرت على لسان أبو ابراهيم سلامة، وهو "مسؤول حلب في هيئة تحرير الشام"، كما عرّفته وكالة "إباء" التابعة لـ"الهيئة"، أنه "أثناء انشغالنا في معارك ريف حماة الشمالي والشرقي ضد الخوارج (يقصد داعش) والنظام النصيري، تفاجأنا بتجاوزات عديدة من قبل الحركة (الزنكي) أولها اعتقال الأخ المربي محمد مصطفى مدير التربية والتعليم في حلب، وآخرها تجنيد مجموعات تابعة لها في مناطقنا بلا عمل سوى اختلاق المشاكل مع الهيئة، كما أنهم يمنعوننا من فتح أي مقر في مناطقهم رغم مقدرتنا على فتح المقرات، إلا أننا نتجنّب الصدام والتصعيد ما استطعنا" بحسب سلامة.

واتهم المسؤول في "هيئة تحرير الشام" التي تقودها "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً)، حركة "الزنكي" باعتقال "أبو عبيدة بشنطرة، قائد إحدى الكتائب في الهيئة، وقيامها بسلب سلاحه وتهديده بسبب عمله مع الهيئة، ومحاولة الزنكي توسيع رقعة المشاكل وتمديدها لتصل عندان وحيان والحلزون"، قائلاً: "فوجئنا بقطع الزنكي لطريق الشمال أمام عناصر الهيئة واعتقالهم، ويعلم الجميع حساسية تلك الجبهات وأن طريق إمدادها الوحيد يمر من مناطق الحركة، مما تسبب في ازدياد التوتر وتبادل الاعتقالات. وحاولنا الإصلاح ولكن فوجئنا بتعنّت من قبل قيادة الزنكي، ونحمّلهم مسؤولية التصعيد".

وفيما ترمي "الزنكي" وكذلك "الهيئة" مسؤولية اشتعال "الاقتتال" على الطرف الآخر، فإن المعطيات تشير إلى أن المواجهات ستستمر بين الطرفين خلال الأيام القليلة المقبلة؛ إذ لم يفضِ أي من جهود الوساطات التي أعلنت إلى تهدئة شاملة، في الوقت الذي اتهمت فيه "الزنكي" فصيل "فيلق الشام" بمحاباة "الهيئة" في الاشتباكات المشتعلة.
وقال القيادي في "الزنكي" حسام الأطرش، إن عناصر من "الفيلق" سلموا حواجزهم بمناطق في غرب حلب لـ"الهيئة"، وساهموا بتقديم خدماتٍ لوجستية لعناصر "الهيئة" الذين ينفذون عمليات في جبهاتٍ تسيطر عليها "الزنكي". بينما نفى "فيلق الشام" في بيانٍ رسمي مساء السبت، رواية "الزنكي" هذه، قائلاً إن تشكيلاته العسكرية "في المنطقة قامت بوضع الحواجز على الطرقات ومناطق الاشتباك القريبة، ومنعت مرور الأرتال وأغلقت الممرات وحيدت البلدات والقرى الآمنة من المعارك". وطالب "الزنكي" بـ"إثبات أي كلام جاء على لسان أطرش بالدليل والبينة وإلا ستعتبر التصريحات طريقاً للفتنة والإفساد ومحاولة لخلط الأوراق في الساحة".

في هذه الأثناء، قالت "حركة أحرار الشام"، إنها قدمت مبادرة لوقف "الاقتتال" الحاصل؛ بينما صرح مسؤولون فيها، عن نيّة "الحركة" التي قوضت "الهيئة" قوتها في يوليو/تموز الماضي، الوقوف عسكرياً إلى جانب "الزنكي".
وبينما كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "جيش الأحرار" المنشق عن "الهيئة"، يستعد لمساندة "الزنكي" في هذه المواجهات، فإن قيادياً عسكرياً بارزاً في "أحرار الشام"، اعتبر أن "ما نشهده اليوم من بغي على حركة الزنكي فصل جديد ضمن سلسلة اعتداءات ممنهجة". وقال القيادي العسكري في "الأحرار" أبو المنذر، عبر تغريدات في موقع "تويتر"، إن هذا الاعتداء ليس "الأول ولن يكون الأخير، ولن تكون نتيجته إنهاء فصيل إنما الإجهاض على ما تبقى من الثورة، بحجج واهية أثبت الواقع زيفها"، معتبراً أنه "في ظل هذا الواقع لا بد من الحفاظ على مكتسبات الثورة ودماء الشهداء وصيانة الأعراض، وإن استدعى ذلك أن نكون جزءاً من المعركة فلن نتوانى أبداً".