ويعد راب من مؤيدي "بريكست" وكان من بين داعمي التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء على عضوية الاتحاد عام 2016. ويعكس قرار ماي استراتيجيتها في الحفاظ على التوازن بين مؤيدي "بريكست" ومعارضيه في حكومتها.
كما أنها تحقق بذلك وعودها بتجديد دماء قيادات الحزب، حيث إن راب (44 عاماً)، من بين النواب الذين وصلوا إلى البرلمان عام 2010، وتسلم أول منصب وزاري عام 2016. إلا أنه يأتي من خلفية وسطية ليبرالية، بعيدة عن التيار القومي اليميني في حزب المحافظين، وبالتالي يدعم مقاربة أكثر ليناً تجاه الاتحاد الأوروبي.
غير أن تعيين ماي لراب في هذا المنصب يأتي بمثابة صفعة لوزير البيئة، مايكل غوف، والذي كان المرشح الأبرز لخلافة ديفيس. وعلى الرغم من أن غوف كان من بين أشد المتحمسين لخطة ماي خلال اجتماع الحكومة، الجمعة الماضي، يبدو أن ماي لا تثق به، إلى الآن.
وسبق لماي أن طردت غوف من حكومتها فور وصولها لرئاسة الوزراء عام 2016، نظراً لرغبته في الوصول إلى منصبها في 10 داوننغ ستريت. إلا أن انتخابات عام 2017 أجبرت ماي على إعادته إلى الحكومة، بعد فقدانها الأغلبية البرلمانية.
وتأتي استقالة ديفيس، أمس الأحد، على خلفية خطة "بريكست" التي دفعت ماي حكومتها للموافقة عليها، يوم الجمعة، باجتماعها المغلق في قصر تشيكرز الحكومي. وقال ديفيس في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، صباح اليوم، إنه استقال من منصبه لأنه لا يستطيع أن يدافع عن خطة ماي أمام الاتحاد الأوروبي، مبيناً أن ماي بحاجة لشخص يؤمن بخطتها، وليس شخصاً ينفذ رغباتها بتردد.
وأوضح ديفيس أن الخطة التي اقترحتها ماي، والتي ستصدر كورقة بيضاء إلى الاتحاد الأوروبي، ستضع بريطانيا في موقف قريب جداً من قواعد الاتحاد الأوروبي، وستعطي انطباعاً خاطئاً بتحقيق أهداف "بريكست" باستعادة السيطرة على القرار البريطاني.
وشرح ديفيس، في هذا السياق، فكرة القواعد التجارية المشتركة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي قائلاً إنها "ترسم صورة أمر، مثل استعادة السيادة، واستعادة مجلس العموم للقرار، ولكنها عملياً ليست كذلك".
يستطيع النواب المحافظون المطالبة بالتصويت على الثقة برئيسة الحزب، وتابع قائلاً "يبدو أننا متجهون لتقديم المزيد من التنازلات وبسهولة، وهي استراتيجية خطيرة في هذا الوقت".
وتبع استقالة ديفيس تقديم نائبين للوزير هما ستيف بيكر وسويلا بريفرمان، استقالتهما من الوزارة.
وكانت ماي قد استجابت لاستقالة ديفيس بتعبيرها عن أسفها لمغادرته منصبه قبل ثمانية أشهر من موعد "بريكست". كما أنها عبرت عن مخالفتها لتوصيفه لخطتها، قائلة إن "بريطانيا ستستعيد سلطتها، وإن النواب سيتمكنون من التصويت على القضايا التي سيشملها التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي".
غير أن الوزير ستيف بيكر علق على هذه التصريحات بقوله إن "خطة ماي لا تمنح البرلمان الحرية الكافية لرفض التشريعات الأوروبية".
وأضاف بيكر، في تصريح لصحيفة "ديلي بوليتيكس"، اليوم، أن رئاسة الوزراء "غيرت من خططها في الدقيقة الأخيرة"، مشيراً إلى أن "وزارة بريكست توجهت للاجتماع يوم الجمعة ولديها معلومات مختلفة عن خطة ماي".
وتأتي استقالة ديفيس قبل مخاطبة ماي للبرلمان البريطاني، بعد ظهر اليوم، لشرح خطة "بريكست" التي تم التوافق عليها، إلا أنه من المتوقع أن تواجه جلسة عاصفة من الجناح المؤيد "للبريكست" المشدد، والذين علق بعضهم على استقالة ديفيس بأنها فشل لسياسة ماي، طالبين منها الاستقالة.
وكان رئيس مجموعة الأبحاث الأوروبية في البرلمان البريطاني، والمؤيد للبريكست المشدد، جاكوب ريس موغ، قد قال إنه مستعد للتصويت ضد أية صفقة لا تحقق الانسحاب التام من الاتحاد، إلا أنه دعا للتهدئة، قائلاً إنه لن يوجه أعضاء المجموعة التي يرأسها، والذين يصل عددهم إلى ستين نائباً، للتصويت بسحب الثقة من حكومة ماي.
ويستطيع النواب المحافظون المطالبة بالتصويت على الثقة برئيسة الحزب إذا تقدم 48 نائباً (15 في المائة من عددهم في البرلمان) إلى رئيس لجنة 1922 برسائل تطالب بذلك، إلا أنه ولتفقد منصبها، يجب أن تصوت أغلبيتهم (أكثر من 150) لصالح سحب الثقة منها، وهو ما يبدو بعيد المنال.
كما لا يبدو أن استقالة ديفيس ستؤثر كثيراً على سير المفاوضات، إذ إن ماي كانت تعتمد منذ البداية على رئيس الوفد المفاوض، أولي روبنز، والذي هو مستشار رئيسة الوزراء لشؤون الاتحاد الأوروبي. إلا أن الاتحاد الأوروبي كان قد أعرب عن قلقه من أن تهدد استقالة ديفيس التوافق الحكومي الذي تم في قصر تشيكرز يوم الجمعة الماضي.
وتحتاج رئيسة الوزراء البريطانية لأن تقنع الاتحاد الأوروبي خلال الأيام العشرة المقبلة بموقف حكومتها الجديد من "بريكست"، إذ ينتظر أن تلتقي بقادة ألمانيا وفرنسا لإقناعهم بدفع الاتحاد الأوروبي لتقديم بعض التنازلات، بينما أعلنت كل من النمسا وإيرلندا عن تفاؤلهما بالخطة الجديدة، رغم تحفظهما على تفاصيل الحدود الأوروبية البريطانية في الجزيرة الإيرلندية.