مهاجرون في عراء تونس

مهاجرون في عراء تونس

05 يناير 2020
ظروف إقامتهم سيئة (فتحي نصري/ الأناضول)
+ الخط -


اضطر المهاجر، الأمين حامدي عثمان (24 عاماً) إلى النوم في الشارع، هو الذي يمضي في رحلة خطرة إلى أوروبا، فقد مضى على وجوده في تونس سبعة أشهر، أمضى منها نصف المدة في العراء، ومن دون طعام أحياناً، ولا علاج أو حتى حذاء يدفئ قدميه العاريتين، ويحميهما من برد الشتاء. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ الظروف صعبة للغاية، إذ غادر السودان بسبب سوء الأوضاع المعيشية في بلده على أمل الوصول إلى ضفة المتوسط الأوروبية وتحسين أوضاع أسرته، مشيراً إلى أنّ رحلته البرية كانت محفوفة بالعديد من المخاطر، فقد بقي في ليبيا خمسة أعوام، لكن بسبب الحرب فقد تعرض للأسر وكان في كلّ مرة يطلق سراحه بكفالة يجمعها الأصدقاء أو العائلة. يضيف أنّ من لا يسدد يبقى في الأسر وقد يقتل، وهذا الأمر دفعه إلى المجازفة بالهجرة السرية، لكن فشلت الرحلة ووجد نفسه في تونس. ما يؤلم هذا المهاجر أنّه يتعرض إلى سوء معاملة، كما يطرد كلما قصد منظمات الإغاثة بتونس، التي من المفترض أنّها تهتم بالمهاجرين وتقدم لهم المساعدات. يؤكد أنّ التعامل الإنساني، في حدوده الأدنى، مفقود وهو يشعر بالضياع ويفكر في العودة إلى ليبيا، بالرغم من خطورة الوضع هناك.

مئات المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء يعانون مثله في تونس، فحمدي طالب لجوء مضى على إقامته في تونس ثمانية أشهر، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّه أمضى ستة أشهر في ليبيا، لكنّها كانت فترة صعبة بسبب سوء المعاملة والوضع الصحي للمهاجرين الذين لا يجدون العلاج وأبسط الخدمات الأخرى. يضيف حمدي أنّ أمله هو تحسين وضعه المعيشي، فظروف عائلته صعبة، لكنّه فشل في العبور إلى ضفة المتوسط الأخرى، ليجد نفسه في تونس، وأحياناً يجد عملاً في مجال البناء، مشيراً إلى أنّ منظمات الإغاثة لا تهتم بمعاناتهم، إذ عليهم تدبر حالهم من أجل ضمان القوت.



من جهته، يعتبر المسؤول الإعلامي في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ أغلب مهاجري جنوب الصحراء يواجهون مشاكل تتعلق بالإقامة غير القانونية في تونس، إذ لا بدّ من تسوية أوضاعهم القانونية، مبيناً أنّ القانون التونسي متشدد جداً ويعود إلى العام 1968 ويخضع إلى البيروقراطية وتعقيدات عدة في هذا المجال. يوضح أنّه لا بدّ من فتح المجال لبعض المهاجرين المقيمين في تونس وتسوية أوضاعهم لوقف الانتهاكات تجاههم، إذ لا يمكنهم التظلم أو رفع شكاوى في صورة تعرّضهم للاستغلال أو سوء المعاملة أو انتهاك كرامتهم لأنّهم سيجدون أنفسهم عرضة للترحيل، مؤكداً أنّ هناك ثلاث فئات من مهاجري جنوب الصحراء، إذ نجد المهاجرين ممن ينوون المضيّ في رحلتهم واللاجئين المقيمين وطالبي اللجوء.

ويشير بن عمر إلى أن المشاكل التي تعترض اللاجئين وطالبي اللجوء تتمثل في نوعية الخدمات التي تقدمها المنظمات الدولية التي تعنى بالهجرة والإغاثة لهم، فهناك نقص كبير في الخدمات سواء في مراكز الإيواء كمركز مدنين جنوبي تونس، وهناك من لا يتمتعون بأيّ شكل من الإعانات، مشيراً إلى أنّ أغلب هذه المنظمات تعلل ذلك بارتفاع عدد المهاجرين، لكنّ هذا الأمر لا يبرر التقصير الحاصل. ويفيد أنّ مهاجري جنوب الصحراء يتعرضون إلى سوء معاملة وتعنيف في مراكز الإيواء وأغلبهم مساكين، وضعهم غير القانوني يجعلهم عرضة للاستغلال والانتهاكات في العمل فلا يحصلون على أجرهم كاملاً. يؤكد أنّهم عرضة للاعتداءات العنصرية إذ إنّه بحسب دراسة أعدها المنتدى مؤخراً، فإنّ 51 في المائة من المستجوبين أفادوا أنّهم تعرضوا لاعتداءات عنصرية. ويلفت المتحدث إلى أنّ القانون المصادق عليه في تونس لتجريم العنصرية لم يفعّل ولم يدخل حيز التطبيق، وأنّ المطلوب اعتماد استراتيجية وطنية للهجرة بما يضمن حقوق الإنسان ويحفظ كرامة المهاجرين.



وبحسب الدراسة التي أعدها المنتدى فإنّ 65 في المائة من مهاجري جنوب الصحراء، اختاروا تونس كوجهة أولى و75 في المائة من العينة دخلوا إلى تونس بطريقة قانونية و23 في المائة عن طريق البحر (جرى إنقاذهم)، و69 في المائة جاءوا إلى تونس بموجب عقود عمل وهمية، و68 في المائة يعتبرون عدم إتقانهم اللغة العربية عائقاً أمام اندماجهم، و37 في المائة يفضلون عدم التنقل بكثرة داخل تونس خوفاً من الملاحقة الأمنية والاعتداءات العنصرية، و40 في المائة عبّروا عن سوء استقبالهم من طرف المجتمع التونسي، و65 في المائة عبّروا عن شعورهم بالأمان في تونس، في حين أنّ 25 في المائة يعتبرون أنفسهم مهددين وفي حالة خطر، و61 في المائة يعتبرون التونسيين عنصريين، و13 في المائة يعتبرونهم غير عنصريين.

وتشير الدراسة نفسها إلى أنّ 51 في المائة من مجموع أفراد العينة، أكدوا على أنّهم تعرضوا لأعمال عنصرية وكراهية من قبل التونسيين، وقد تمثلت هذه الأعمال في الشتائم بنسبة 89.60 في المائة، والعنف الجسدي بنسبة 33.9 في المائة، والانتهاكات بنسبة 22.90 في المائة، والابتزاز بنسبة 7.80 في المائة، وعدم الاحترام بنسبة 4 في المائة.

المساهمون