"الرئيس لا يتدخل إنما ينصح"، و"مع الرئيس هنالك حوار مستمر حول نقاط مختلفة"، و"علاقتي مع الرئيس أكثر من علاقة موظف برب العمل"، وأخيراً "الرئيس لم يأمرني بإقحام توريس انما عرض علي الفكرة".
هذه عينة بسيطة من التصريحات التي ميزت الندوات الصحفية الاخيرة للمدرب ميلان انزاجي والتي أصبحت الآن اداة بيد الصحافة للتشكيك باستقلاليته في القرار وفي تسيير الفريق الذي اصبح تائهاً وبدون هوية بعد أن تميز بالواقعية في الجولات الاولى، ربما تلك الواقعية هي التي جعلت الكل يدرك ان هذه هي حدود هذا الفريق وحدود رصيده البشري، وأن المشكلة لم تكن ابداً اليجري أو سيدورف انما ميلان نفسه، وهذا الإدراك والوعي ازعج نوعاً ما نجم هذه المسرحية الاول والذي لا يرضى بالاضواء لغيره، سيلفيو بيرلوسكوني، الذي سرعان ما أكثر من زياراته و تصريحاته الصحفية بخصوص الفريق، ومن نصائحه العلنية التي فسرها البعض بأنها أوامر، أوامر لا تقبل الا رداً واحداً لا غير، الطاعة والتنفيذ.
فالانتقادات الرئاسية لطريقة الميلان في اللعب بواقعية وعبر المرتدات كانت بموعدها بعد كل مباراة، ولاسيما أن التعليمات الخفية في تصريحات سيلفيو الصحفية كادت لا تغيب يوماً كاملاً عن وسائل الاعلام، وكذلك التبرير من قبل المدرب الذي اصبح في الندوات الصحفية يتحدث عن رغبات الرئيس وتوجيهاته اكثر من حديثه عن مشاكل الفريق ونواقصه.
اذاً ما هو دور انزاجي؟ وهل فقد السيطرة والاستقلالية بعد الطفرة الاولى لأن الرئيس اراد التدخل ليستفيد من نجاح الفريق وخطف الاضواء؟ وأين شخصية المدرب إذا كان الامر كذلك؟ وهل ما تتناقله الصحف عن سيلفيو المدرب وانزاجي المنفذ فقط صحيح؟ اسئلة تحتاج لأجوبة مقنعة، لكنها تستند إلى بعض الوقائع الموضوعية، سيلفيو وتدخلاته شيء معروف، وهذا كان مع ساكي ومع كابيلو ومع انشيلوتي وغيرهم، وكل مدرب تصرف بطريقته الخاصة للتعامل معه، فهنالك من عارض ورحل مثل التركي تيريم، وهنالك من تجاهله بكل دبلوماسية مثل انشيلوتي، وهنالك من استمع للنصائح الرئاسية ونفذها فقط عندما كان الفريق متقدماً في الترتيب العام وبفارق كبير، مثل كابيلو أو ساكي، وهنا علينا الاعتراف بأن انزاجي بكل تأكيد لا يملك الخبرة او الشخصية او حتى الخبث لكي يتعامل مع حصان هائج مثل سيلفيو بنفس الحنكة، وهذا ليس بدفاع عن المدرب الشاب بقدر ما هو وصف لصعوبة التعايش مع شخصية غير مريحة مثل شخصية رئيس الوزراء السابق. وهنا نصل الى آخر سؤال وربما الأهم والابسط، في حال استمر تدهور الفريق، بأي عذر ستتم اقالة انزاغي؟ ومن سيكون المدرب المطيع المقبل؟ والذي سيستمع لنصائح الرئيس بدون نقاش؟