يتضح أن حركة الاحتجاج الآخذة في التصاعد يقودها شباب قاطع أكثرهم الاستفتاء الأول الذي قاد إلى قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعدما تَرَكُوا المجال واسعاً أمام جيل يفوقهم سناً لتقرير مصيرهم.
وقال زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، فينس كيبل "إن بريكست يقسم الأجيال، وإن الغالبية العظمى من جيلي صوتت للخروج والغالبية العظمى من الشباب صوّتت للبقاء. لقد خان جيلي جيلكم".
وبغضّ النظر عن الندم الذي طاول شخصيات سياسية بريطانية كثيرة جراء قرار الانفصال، فإن مغزى الحديث أن الشباب قد ضيَّع فرصته الأولى في تقرير مصيره، وبدأ يرى منذ الآن تداعيات تلك الاستقالة التاريخية التي ستحدّد مستقبله. وأصبح قراره بأيدي متلاعبين سياسياً بمصائر الناس بسبب منافسة حزبية أو فكرية أو أيديولوجية انطلقت منذ سقوط مارغريت تاتشر، ولا يبدو أنهم صادقون في خدمة مصالح بريطانيا كما تدل عليه كل الاستنتاجات اليوم.
سنرى مع الأيام كيف سيكون مصير هذا الأمر، وإن كان الشباب هناك سينجح في فرض أمر واقع جديد تشير كل الدلائل حالياً إلى أنه لن يحدث. لكن المهم أن تصل الرسالة إلى شبابنا المستقيل في تونس، بعدما عزف عن الشأن العام وابتعد عن السياسة وترك تقرير مصيره لجيل لا يبدو مهتماً كثيراً بمستقبل من يليه، ومنشغلاً بتصفية حساباته الخاصة وطموحاته الجارفة التي تؤكد يوماً بعد يوم أنها تقود البلاد إلى مناطق وعرة سيكون الخروج منها صعباً للغاية مع كل يوم يفوت.
وبعكس الشباب البريطاني الذي ضيّع فرصة كبيرة على نفسه، فإن الشباب التونسي لا يزال يحتفظ بأكثر من فرصة ليحدد مصيره بنفسه، ويلتفت إلى البرّ بدل أن يلقي بنفسه في البحر، ويقتنع أن حلمه أن يسكن في تونس وليس خارجها، لكنه لن يُمنح هذه الفرصة وسيكون عليه أن يفتكها من أفواه مفتوحة على مصراعيها تتقاطر أنيابها شراهة في الحكم، لأنه، وعلى عكس زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار البريطاني، لن يجد من يعترف بأنه ظلم هذا الجيل وصادر أحلامه وشوّهها… لا تزال هناك فرصة، لكن هل يُنتبه إليها قبل فوات الأوان؟