من ريدوندو إلى كروس.. العنوان 6 ملعب البرنابيو

13 ديسمبر 2014   |  آخر تحديث: 17:50 (توقيت القدس)
كروس وريدوندو (العربي الجديد)
+ الخط -

"فلورنتينو بيريز كان يحبّ اللاعبين الجيدين. في يوم من الأيام، طلبت منه تشكيلته المثالية وضع بيكهام في مركز الظهير الأيمن، وزيدان في قلب الدفاع، لأنه كان يملك العديد من المهاجمين في وسط الملعب. فلورنتينو كبير، وسيبقى مروره محفوراً في التاريخ"، يتحدث المدرب الإيطالي أريجو ساكي، وفق موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، عن أيامه في ريال مدريد كمدير رياضي، وعلاقته مع فلورنتينو بيريز رئيس النادي الملكي إبان فترته السابقة داخل العاصمة الإسبانية.

ولخًص مدرب ميلان التاريخي مشكلة ريال مدريد في افتقاد النادي الإسباني إلى اللاعب ناقل الكرات من الدفاع إلى الهجوم، والقادر على ربط خطوط الفريق بعضها ببعض قائلاً "يملك الريال لاعبين كبارا مثل بيكام ورونالدو وراؤول، وبارتكاز دفاعي صريح يقطع الكرات، المشكلة في عدم وجود لاعب ينقل الكرة من الدفاع إلى الهجوم. ارتكاز مساند يملك رؤية لتوزيع الكرات إلى المهاجمين أو إلى صانع ألعاب كزيدان".

وبالعودة قليلاً إلى الوراء، نتذكر أحد أعظم الأسماء التي تخلى عنها الريال في سنوات سابقة، إنه الأرجنتيني الفنان فيرناندو ريدوندو، اللاعب الذي تم اختياره ضمن أفضل 11 أجنبيا في تاريخ الميرينجي من وجهة نظر صحيفة ماركا، الجريدة الأكثر انتشارا في شوارع العاصمة، والمقربة إلى حد كبير من دائرة صنع القرار في سانتياجو برنابيو.

العبقري المنسي
قصة فيرناندو ريدوندو مأساوية إلى حد كبير، فقد اشتهر اللاعب بذكائه الكروي الحاد، وإصاباته الكثيرة، التي حرمت عشاقه من متعته حتى اعتزاله في ميلان. هو حالة وتركيبة خاصة جداً، من مهارته التي لا يختلف عليها اثنان إلى تميزه وتفرده على جميع أقرانه، مرورا بمجهوده الدفاعي ولمساته الهجومية المختلفة، حتى خلافه مع باساريلا، ومنعه من المشاركة في مونديال 98 بسبب طول شعره، نهاية بقراره الشهير بعدم تلقي راتب من نادي ميلان؛ لأنه مصاب ولا يحق له ذلك.

تركيبة وخلطة عجيبة تتوافر فقط في الفتى اليافع القادم من أدروجي، الضاحية الصغيرة التابعة للعاصمة بيونس آيرس. ويعتبر ريدوندو أحد الأسماء التي غيّرت كثيراً في خريطة التكتيك العالمي، وأضافت بُعدا آخر في سبيل التخلص من التخصص والتحول إلى عالمية الكرة، مثله مثل نجوم ميلان العظماء، رود خوليت وفان باستن مع ساكي، وزفونيمير بوبان مع فابيو كابيلو، خلال أعظم فترات الروسونيري في القرن العشرين.

تكتيكياً، فإن ريدوندو لعب كارتكاز دفاعي صريح، فهو لاعب يتمركز أمام خط الدفاع وخلف منطقة الوسط، كل دوره عبارة عن قطع الكرات، وتأمين المرمى من المنتصف. لكن النجم اللاتيني أضاف الكثير لهذا المركز، وجمع بين صفات لاعب الارتكاز العادي وصانع اللعب الحقيقي، ليصبح أقرب إلى لاعب الوسط الصحيح، الذي يجيد دور الارتكاز ويُبدع في الشق الهجومي، ليصبح لاعب الخطوط الثلاثة الذي يشارك في الدفاع والوسط والهجوم في مباراة واحدة.

نهائي للتاريخ
في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2000 بين ريال مدريد وفالنسيا في باريس، فاز الملكي بثلاثية نظيفة على ملعب سان دوني، وتألق ريدوندو بشكل واضح واستحق نجومية البطولة ككل. وقتها لعب الريال بطريقة لعب 3-4-3 أمام فالنسيا الذي لعب بطريقة 4-3-3، وكانت المعركة في المنتصف، والغلبة لفريق العاصمة، نتيجة إبداع الأرجنتيني الذي تفوق على منافسيه بقيادة لاعب الوسط الإسباني الشهير جازيكا منديتا.

منديتا لعب أمام فارينوس لاعب الارتكاز الصريح، أي تواجد في المركز 6 بالملعب، بينما يعتبر المركز 4 في الخلف قليلاً للاعبي الارتكاز. أما فيرناندو فلعب أمام دفاع ثلاثي بقيادة كارنكا، كامبو، وهيليجرا اللاعب الحر، أي بدأ المباراة في المركز 4 بالملعب، لكنه لم يكتف بذلك وتقدم كثيراً للأمام من أجل بناء الهجمات وصناعة اللعب وتنظيم المجريات، ليصبح جامع مركزي 4 و6، في طفرة كروية جديدة على بدايات الألفية الجديدة.

حظ ريدندو السيئ أنه لم يتواجد في زمن الإعلام القائم على الإحصائيات والأرقام، لأنه كان سيوضع في مكانة خاصة ومختلفة تماماً بسبب قدراته الهجومية الفذة ودوره الدفاعي الفعال، لذلك من الصعب جداً تحديد مركز الأرجنتيني عبر تاريخه، لأنه لاعب غير متخصص وغير قابل أبدا للتصنيف.

الألماني وتألق مستمر
لعب توني كروس في كل مراكز الوسط تقريباً، وتألق في المركز 10 كصانع لعب صريح مع باير ليفركوزن، ثم عاش فترة جميلة مع بايرن هاينكس في نفس المكان كلاعب حر في الثلث الأخير خلف الهجوم وأمام الوسط، ثم عاد قليلاً للخلف بالتبادل مع باستين شفاينشتايجر بجوار الإسباني الفولاذي خافي مارتينيز في خطة الثعلب 4-2-3-1.

وحينما أتى جوارديولا، أصبح توني كروس لاعب وسط ثالثا، يأتي من الخلف إلى مشارف منطقة الجزاء من أجل الاستفادة من العرضيات العكسية، وتسجيل الأهداف عن طريق خاصية التسديد التي يتمتع بها منذ بداياته. وخلال حديث سابق له مع دليل ألمانيا، أكد توني أنه يعتز كثيراً بدوره مع بيب جوارديولا؛ لأنه آمن بقدراته وأشركه في موضع قريب من المرمى، ويُكمل كروس تصريحاته مشيراً إلى أنه لعب في المركز 8 بالملعب، كلاعب ثالث ووسط هجومي صريح.

لكنه في ريال مدريد عاد قليلاً للوراء عشرة أمتار للخلف في المركز 6 بالملعب كلاعب وسط صريح دون أي إضافات أخرى، أي يتمركز قرب دائرة المنتصف، ليحصل على تقدير مدربه الإيطالي أنشيلوتي الذي أكد مؤخراً أن مستوى اللاعب الألماني أبهره، وأنه عوضه تماماً عن رحيل المايسترو الإسباني تشابي ألونسو، ليصبح كروس هو اللاعب المتحول من مركز 8 إلى 6.

ريدوندو آخر
"توني، اللاعبون العظماء فقط هم القادرون على التحرك إلى أبعد درجة ممكنة في حياتهم المهنية"، قال جوارديولا هذه النصيحة لكروس أثناء فترة عمل الثنائي سوياً في ملعب الأليانز أرينا، ليحفظ الألماني المقولة عن ظهر قلب، ويستمر في تطبيقها أينما ذهب، لذلك لم يرفض طلب مدربه الجديد الذي أمره بالعودة قليلاً للخلف من أجل سد العجز الناجم عن رحيل ألونسو، والآن بعد إصابة مودريتش، أصبح دوره الهجومي أكبر مع الحفاظ على الأساس الدفاعي.

وكما تألق الأرجنتيني العبقري مع ريال مدريد خلال فترة التسعينيات، فإن امتلاك اللاعبين لتلك النوعية القادرة على لعب أكثر من دور خلال الموسم الواحد، خاصية ستساعده حتماً في الموسم الكروي الطويل، كما فعل الملكي بالموسم الماضي في مباريات دوري أبطال أوروبا، حينما امتاز بوجود أسماء تجيد الدفاع وتصنع الفارق هجومياً، ولنا في لوكا مودريتش خير مثال، في سابقة يبدو أنها ستتكرر هذا العام مع الماكينة الألمانية في المركز 6.

المساهمون