لم تمضِ سوى أيامٍ على دخول المدربة البرتغالية هيلينا كوستا عالم فرق الرجال في الدوري الفرنسي، وبالتحديد مع فريق كليرمان، حتى زادت الإثارة في عالم الساحرة المستديرة، بدخول التحكيم النسائي لكرة القدم الرجالية، بداية من المُحكّمة المغربية شهيدة سكافي التي أصبحت أول محكّمة تقود مباريات كرة قدم رجالية في إيطاليا مرتديةً الحِجاب في فبراير/ شباط الماضي، وذلك بعد قيادتها لمباراة فريقي سانت لويس وستراديفاري للفئات العمرية الناشئة في بلدة كريمونا الواقعة بمقاطعة لومبارديا بمدينة ميلانو الإيطالية.
وجاء ظهور شهيدة الأول بعد نجاحها في اجتياز اختبارات التحكيم في مدينة كريمونا، قبل أن يتكلّل نجاحها بموافقة الاتحاد الإيطالي لكرة القدم - المعروف بتشدّده - على ظهورها بالحجاب، إلا أنها ستكون في حاجة إلى الحصول على موافقة أخرى من قبل جمعية الحكام الإيطالية في العاصمة روما إذا كانت ستتجه للتحكيم في الفئات العمرية الأكبر سناً. وتدرس شهيدة سكافي في السنة الثالثة من المرحلة الثانوية وتؤدي تدريبها وتمارينها بانتظام بمعدل مرتين أسبوعياً.
وأثارت اليافعة، صاحبة الـ16 عاماً، ضجة واسعة في مختلف وسائل الإعلام الإيطالية آنذاك، لتخرج صحيفة "لاجازيتا ديللوسبورت" الإيطالية الشهيرة مُعنونةً ما قامت به شهيدة بـ"التحكيم بالحجاب.. نبل شهيدة"، قبل أن تضع صحيفة "كورييري ديللو سبورت" الإيطالية صورة اليافعة المغربية كغلاف لها في صباح اليوم التالي للمباراة بمقولة رئيس لجنة التحكيم، جيانماريو مارينوني: "شهيدة الخجولة.. تمتلك الموهبة".
وتبدو إيطاليا على موعد آخر من إثارة الجدل لكن من نوع آخر بعدما أعلنت عارضة الأزياء الإيطالية كلاوديا روماني، منذ أيام قليلة، عن رغبتها الجادة في إدارة مباريات الدوري الإيطالي الممتاز، "سيريه آيه"، للرجال، وتمتلك صاحبة الـ32 ربيعاً رخصة للتحكيم في دوري الدرجة الثانية الإيطالي فقط، بحسب ما أكدت الصحف الإسبانية، فيما أكدت صحيفة "ميترو" الإنجليزية أن ملكة جمال إيطاليا السابقة تمتلك رخصة التحكيم لمباريات الدوري الإيطالي الممتاز، "سيريه إيه". وما بين تحقيق حلم روماني وتخبّط التحكيم الإيطالي.. لا يبدو "الكالتشيو" على استعداد لاحتواء الجدل في الوقت الحالي، خصوصاً بعد الجدل التحكيمي الذي أعقب مباراة يوفنتوس وروما في قمة الجولة السادسة من الدوري الإيطالي والتي انتهت بفوز يوفنتوس بثلاثة أهداف مقابل هدفين، والذي نتجت عنه حرب كلامية مستعرة امتدت لما بعد المباراة بأيام كثيرة.
وبالانتقال إلى أميركا اللاتينية، تعتبر حاملة الراية البرازيلية فيرناندا كولومبو هي الأشهر في العالم كرمز للتحكيم النسائي المثير للجدل في ملاعب كرة القدم الرجالية، فما أن وضعت قدميها على عشب الملعب، حتى أحاطت بها المشاكل التحكيمية من جهة والتحرّش من المدرجات من جهة آخرى.
وبدأت الشقراء البرازيلية مسيرتها في عالم الرجال بالدوري البرازيلي لكرة القدم في لقاء أتلتيكو مينيرو وكروزيرو في منتصف العام الجاري.
ولم تكن المباراة مهمة سهلة لـ"حَكَمَة" الراية البرازيلية، فالضغط كان كبيراً للغاية من قبل الجماهير، وهو ما أثّر بالسلب على فرناندا وأضاع عليها فرصة التألق وإثبات الذات في مباراتها الرسمية الثانية والأهم في مسيرتها، بعد نجاحها في مهمة الكأس في المباراة التي جمعت ساو باولو بفريق سي أر بي.
وزادت حدة التوتر بينها وبين عالم الكرة بعد الأداء المتذبذب في لقاء مينيرو وكروزيرو بعد الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها فرناندا بسبب الضغط الكبير الواقع عليها، وعلى رأسها احتساب تسلّل غير صحيح ضد الفريق الزائر، وهو ما زاد من غضب مديره الفني ألكساندر ماتوس، الذي خرج بعد المباراة قائلاً: "إنّها جميلة، ولكنها غير مستعدة لهذه المهمة (التحكيم في مباريات كرة القدم للرجال). ومن المفترض أن تكون مميّزة في عملها، لذا فعليها البحث عن عمل في شركة بلاي بوي". لكن لسوء حظ فرناندا، فقد كانت المباراة الأخيرة لها في ذلك الوقت بعدما أصدر الاتحاد البرازيلي لكرة القدم قراراً بإيقاف فيرناندا مؤقتاً، وخضوعها لدورة تدريبية قبل العودة كحكم راية، وهو القرار الذي جعل الفاتنة البرازيلية تتصدّر أغلفة صحف بلاد السامبا.
ولم يكن صيت الشقراء البرازيلية نابعاً فقط ممّا حدث، إنما لجمالها الذي أجبر الملايين على البحث عن اسمها بمحركات البحث أو عبر "يوتيوب"، وهو السبب نفسه الذي يمنع بعض اللاعبين من التعدي عليها أثناء المباراة كحال الحكام الرجال الذين يتلقون سيلاً من السباب والشتائم، بل ويصل الأمر أحياناً الى التعدي بالضرب.
ولا يبدو أن الضغط الوحيد المُلقى على كاهل فرناندا يأتي من المستطيل الأخضر، بل امتد الى المدرجات، اذ أكدت صاحبة الـ23 ربيعاً، في تصريحات صحافية سابقة، أن بعض المُشجعين كان يرمي إليها بحجر يلفّه برسالة بما يريد، فيما بالغ آخرون بعبارات خادشة للحياء. لكن على الرغم من كل ذلك التشتيت، إلا أنها لا تهتم سوى باللاعبين وبأدائهم في الملعب.
وبين الجمال والأداء المتواضع والحجاب والتألق التحكيمي، يبقى دعم المُحكّمات في ملاعب كرة القدم للذكور، مصدراً لإثارة الجدل لحين إثبات النفس واستحقاقية تولي تلك المهمة المحفوفة بالمخاطر والضغط الشديد من قبل الجماهير في المدرجات قبل اللاعبين والجهاز الفني.