من تكنولوجيا الاتصالات إلى تربية النحل

من تكنولوجيا الاتصالات إلى تربية النحل

07 أكتوبر 2015
شريف بين خلايا النحل (العربي الجديد)
+ الخط -
البحث عن وظيفة في غزة، كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، في ظل استمرار أزماتها وازدياد عدد المتعطلين عن العمل.

شريف الناقة، من جنوب قطاع غزة، عمره 37 سنة، وحاصل على شهادة الماجستير في تكنولوجيا الاتصالات واللاسلكي، من جامعة في باكستان عام 2002.

بدأ العام 2014 مشروع تربية النحل، وإنتاج العسل، بعد أن نفض يديه من الحصول على وظيفة دائمة في وضع غزة البالغ التعقيد.

يقول شريف: "عدت إلى غزة بعد انتهاء دراستي في باكستان، محملًا بآمال في إيجاد وظيفة في مجال تخصصي، بعد أن شجعني الأهل على العودة، بالحديث عن الفرص التي تنتظرني".
يضيف: "بدأت رحلتي في البحث عن فرص والأبواب موصدة أمام تخصصي، بحجة محدودية شركات الاتصالات، وقلة الفرص في مجال دراستي".

عمل شريف في مهن عديدة يذكر منها: مدرب حاسوب، ثم افتتح مركزًا للحاسوب، ومُسَجِّل بيانات في مركز إحصائي، إلا أن حصوله على وظيفة دائمة غدا ضرباً من المستحيل. في عام 2004 عمل بنصيحة والده بأن يشتري خلية للنحل ويعتني بها، من باب التسلية وإشغال أوقاته، وأن يكون إنتاجها لاستهلاك البيت.

وبالفعل وجدها شريف "فكرة لا بأس بها". في حديقة منزله في منطقة ريفية، عبسان، جنوب قطاع غزة، وضع خلية للنحل، تحتوي الخلية الواحدة على 10 آلاف نحلة، و8 براويز شمعية، وسط الأشجار المثمرة والأعشاب البرية، تغلب شريف على نقص الخبرة وعدم الدراية الكافية بتربية النحل بجمع معلومات عن تربية النحل عبر الإنترنت، واستعان بأصدقائه ذوي الخبرة في هذا المجال، حتى تعلم القليل في تربيته، وسعد كثيراً عندما أخرجت الخلية في موسم الحصاد كيلوغراماً من العسل، استخدم لاستهلاك البيت.

بعد أن تكاثر النحل داخل الخلية، نقل شريف جزءاً من النحل إلى خلية أخرى ثم اشترى ثلاث خلايا جديدة، وبدأت معلوماته في تربية النحل، تتطور بالاستعانة بالإنترنت والأصدقاء. ولم يُنكِر انه "خلال فترة تجربته بسبب جهله، خسر الكثير حتى وصل لمرحلة احتراف تربية النحل وهو ما قاده إلى إقامة مشروع مستقل والاستثمار فيه.

أصبح شريف معروفًا بعسله الشهي، الجيران والأصدقاء، يقبلون على شراء العسل منه، ثم وصل عدد الخلايا إلى 15 خلية كان إنتاجها الموسمي يصل إلى 20 كيلوغراماً.

يقول الناقة: "بعد إنتاج هذا الحجم، وفي حديث مع الأصدقاء أشار أحدهم إلى أن أطور مشروعي الصغير، وطلبت مساعدته في وضع دراسة جدوى للمشروع، ودراسة حالة السوق"، يضيف:" أثناء البحث في السوق وجدت معلومات تفيد بأن كمية العسل التي يتم إنتاجها لا تغطي نصف سكان قطاع غزة"، هذه المعلومة كما يقول "شكلت دافعًا قويًا لتطوير المشروع"، فتقدم لوزارة الاقتصاد بطلب قرض، من صندوق دعم المشاريع الصغيرة آنذاك، وحصل على 5000 دولار، ثم قام بالتطوير.

يقول:" النحل يحتاج إلى عناية خاصة ودراية به، بعد أن تدربت جيدًا في العدد القليل من الخلايا أصبحت ملمًا بحياة النحل وموسم جمع العسل وبأنواعه". لم يخل عمل شريف من لسعات النحل، يذكر من المواقف: "في إحدى المرات كنت احتفل بيوم ميلاد طفلي، وجاء زبائن لشراء العسل، فذهبت للخلية فإذا بنحل يقرصني في وجهي حتى تورم وجهي، عدت للبيت بالألم، فما تهنيت بالاحتفال بعيد ميلاد ابني، ولا استطعت أن التقط صورة معه بوجهي المتورم".

أصبح لشريف اليوم زبائن وسمعة جيدة في السوق، رغم الخسارة التي تعرض لها مشروعه خلال فترة العدوان على غزة في 2014، حيث جرى إتلاف نحو 15 من الخلايا وكلفته خسارة 1500 دولار، ولكنه بعد عام استطاع أن يعوّض خسارته، ليواصل مشروعه.

لم يشعر شريف بالندم على دراسته، بل يقول: "العلم شيء جميل، يجعلنا نفكر بعقل ونخطط بشكل منظم بعيداً عن العشوائية"، وينصح الشباب "بالبحث عن التخصص الذي يفيدهم، بعدما يطلعون جيداً على حاجة سوق العمل. وعدم الخضوع للأوضاع القاسية التي تقود لليأس والإحباط".

يذكر شريف انه تعلم من تربية النحل الصبر والتنظيم، وقوة التحمل، يقول: "تربية النحل متعة كبيرة، يشكّل النحل منظومة ربانية في تنظيمه ونظامه الخاص".

المساهمون