منتدى البحر الميت ونظرية "أوبك"

منتدى البحر الميت ونظرية "أوبك"

25 مايو 2015
أوبك أمام تحدٍ كبير في مواجهة كبريات الشركات النفطية(Getty)
+ الخط -
كُشف النقاب عن الصراع الخفي بين الشركات المنتجة للنفط ‏ومنظمة أوبك، خصوصاً أن الأولى (الشركات الكبرى) ما زالت تريد السعي إلى الربح السريع في استثماراتها العاملة في حقول دول أوبك، ولذلك نجد أن المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في البحر الميت (الأردن)، والذي انطلق يوم الجمعة الماضي، حمل مشاكل الصناعة النفطية بصورة كبيرة جداً، وكذلك نجد أن الحوارات المحتدمة بين الشركات ودول الأوبك والخبراء كانت واضحة.

‏إن الصناعة النفطية والاستثمارات الخاصة بها، تمر بمرحلة عسيرة جداً، نتيجة لتحمل شركات الصناعة النفطية 11 شهراً من الانخفاض في الأسعار والركود الاقتصادي، وبذلك عالجت الشركات مشكلاتها من حيث استرداد العائدات والأرباح، إما بالتخلي عن أجزاء من فروع الشركة أو إعادة هيكلة شركات النفط أو التقليل من إنتاج الذروة المخطط له أو العمل على إحداث الاندماج بين الشركات للاستمرار في إدارة المشاريع النفطية الكبرى في العالم.

ولذلك نجد أن الاستشهاد بتصريحات كبريات الشركات العالمية المنتجة للنفط مفيد جداً، فقد قال كلاوديو دسكالزي رئيس شركة "إيني" الإيطالية للطاقة: "إن عدم تدخل المنظمة لإعادة استقرار أسعار النفط ربما يؤدي إلى نتائج صعبة، بحيث ترتفع الأسعار إلى 200 دولار للبرميل بعد أعوام عدة، وإن ضبط أسعار النفط هي مسؤولية مباشرة من أوبك، وما نريده هو الاستقرار في منظمة أوبك، كونها بمثابة البنك المركزي للنفط الذي يجب عليه أن يحافظ على استقرار أسعار النفط حتى تنتظم الاستثمارات".

إقرأ أيضا: تحديات "أوبك" واستراتيجيتها المنتظرة

وهذا ما يفسر لنا أن نظرية الاستمرار بالاستحواذ على حصص السوق وليس التخفيض هي السبيل للحد من انهيار الأسعار، لأن الشركات سوف تفقد القدرة التمويلية الكافية لزيادة الإنتاج في العالم. ولذلك نجد أن الرئيس التنفيذي لشركة "توتال" الفرنسية باتريك بويان، يؤكد بدوره أن شركته ستكون مضطرة إلى تحقيق الإنفاق الرأسمالي لنسبة عشرة في المائة هذا العام من 26 مليار دولار في 2014، وهو ما سيقلص الاستثمارات في بحر الشمال وإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وكل ذلك بسبب تراجع أسعار النفط. إذ يوجد انخفاض طبيعي خمسة في المائة سنوياً في الإنتاج من الحقول القائمة حول العالم.

إن الصناعة النفطية ستواجه على ما يبدو تحدي التمويل للمشاريع الكبرى في العالم، خصوصاً في الحقول البكر، والتي لم تنتج بعد نتيجة العجز المتوقع جراء نظرية أوبك الجديدة التي بدأت تعمل وتحقق نتائج جيدة على صعيد استقرار حدي للأسعار فوق الـ 50 دولاراً لعام 2015، وبالمقابل تصاعد السعر في الأسعار العالمية للنفط.

إن الموقف الخليجي الأخير لكبريات الدول المنتجة، خصوصاً المملكة العربية السعودية، في مجال زيادة كميات الإنتاج لصالح الشركات الصينية، قوبل بعدم الموافقة. ولا شك أن السبيل الوحيد إلى إعادة أسعار النفط، وعودة أوبك للتحكم في أسعار النفط، والتأثير في سياسات أمن الطاقة العالمي، يجعل المنظمة أمام تحدٍ كبير في مواجهة كبريات الشركات النفطية، خصوصاً من الدول الصناعية الكبرى.

منتدى دافوس العالمي أمام حزمة كبيرة من الخيارات، إما الإبقاء على الأسعار، وإما العمل على التوازن في الرأي وبناء نظرية جديدة لأسعار النفط، كما حصل مع الجانب السعودي والعراقي خلال المرحلة الماضية في الاستحواذ على الحصص في السوق العالمية ومحاولة اتباع أسلوب الترغيب (الخصومات) والتصعيد (رفع الأسعار) عندما يتزايد الطلب، خصوصاً ما بين السوق الأوروبية والآسيوية.

إن الدول المنتجة الصغيرة لها رأي داخل الأوبك، خصوصاً سلطنة عُمان، على اعتبار أنها تضررت جراء تحديات السوق النفطية، ولذلك يقول وزير النفط العُماني محمد بن حامد الرمحي "إن سياسة الإنتاج التي تنتهجها دول أوبك، تخلق تقلبات في السوق من دون أن تعود بالنفع على منتجي النفط"... ويبدو أن أوبك ونظريتها الجديدة في الاستمرار بالإبقاء على الحصص في السوق النفطية الدولية جعلت من الأمين العام للمنظمة عبد الله البدري يقول في كلمة أمام منتدى دافوس "إن أوبك لو خفضت الإنتاج، لاضطرت إلى الخفض مراراً بعد ذلك، لأن الدول غير الأعضاء ستزيد الإنتاج، كما أن سياسة الإنتاج"... لا بد من التوقع أن هذا النقاش الذي يدور ويتسع، لا بد أن يفضي إلى تحسن مؤشرات الأسعار خلال فترة 2015 – 2016.
(خبير نفطي عراقي)


المساهمون