مقترح كردي جديد لملف كركوك: قوة متعددة القوميات

مقترح كردي جديد لملف كركوك: قوة متعددة القوميات

05 يوليو 2019
فشلت محاولات إعادة البشمركة إلى كركوك(علي مكرّم غريب/الأناضول)
+ الخط -

تستعدّ قوى كردية في إقليم كردستان العراق، لتقديم مشروع جديد لما تصفه "تطبيع الأوضاع في كركوك"، كما تحاول الحصول على دعم أميركي وأممي له بهدف إقناع الحكومة العراقية به، وذلك عقب فشل محاولات عدة تهدف لإعادة قوات البشمركة إلى وسط كركوك كقوة شريكة في الملف الأمني. وهو ما تعارضه قوى عربية سياسية سنية وشيعية ومسيحية وكذلك تركمانية، في مقابل محاولة الحكومة إبقاء الوضع في المدينة النفطية الواقعة على بعد 250 كيلومتراً شمالي بغداد على ما هو عليه، حتى إجراء انتخابات مجالس المحافظات نهاية العام الحالي كما هو مقرر مسبقاً. وكشف مسؤولون في أربيل وكركوك لـ"العربي الجديد"، أن "أحزابا كردية عدة اتفقت على تقديم مشروع يتضمن تشكيل قوة من أهالي كركوك تضم عناصر عربية وكردية وتركمانية تتولى ملف الأمن في المحافظة، وسحب القوات الاتحادية التي أتت من بغداد وبابل وصلاح الدين ونينوى خلال الحملة العسكرية العراقية التي قادتها بغداد لاستعادة كركوك، بفعل تداعيات تنظيم إقليم كردستان العراق استفتاء للانفصال عن العراق، نهاية سبتمبر/أيلول 2017، شمل مدينة كركوك ومناطق أخرى متنازعا عليها في ديالى ونينوى أيضاً".

ووفقاً لمسؤول كردي وقيادي في الحزب الديمقراطي، فإن "المقترح يقوم على تشكيل قوة كافية من أبناء كركوك ومن مختلف أطيافها، تتولى ملف الأمن فيها وانسحاب القوات التي دخلت المدينة بعد أكتوبر 2017 مع الموافقة على إبقاء البشمركة بعيدة عن كركوك". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المقترح الجديد الذي تدعمه قوى كردية عدة وتحاول تسويقه للأميركيين وبعثة الأمم المتحدة لدعمه خلال عرضه على بغداد، ما زال في مرحلته الأولى، ويتوقع أن يشهد تعديلات أخرى عليه إذ لم يتم التطرق إلى المناطق خارج كركوك كالحويجة والدبس ومناطق أخرى ضمن محافظة كركوك ككل". وأوضح أن "هناك تقاربا جديدا بين القوى الكردية واتفاقا على عدم جر الخلافات بينهم داخل الإقليم نحو ملف كركوك وعزله تماماً عن مشاكلهم الداخلية، بما فيها ملف اختيار مرشح لشغل منصب محافظ كركوك".

من جهته، أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك محمد كركوكلي، أن "هناك مقترحات عدة بشأن تطبيع الأوضاع وتصحيحها في كركوك لكن بغداد تصر على المماطلة". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "كتلاً سياسية ترهب الحكومة وتضغط عليها لمنع دخول البشمركة، وتعتبر أن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي حقق إنجازا تاريخيا لها. ونعتبر أن مماطلة الحكومة ومحاولة تأجيل الموضوع غير صحيح، ويجب حسمه من خلال إشراك البشمركة في ملف كركوك أو تشكيل قوات من أهالي المدينة، وغير ذلك فهو إقصاء".

واعتبر أن "هناك أحزاباً تمتلك مواقع إلكترونية وقنوات فضائية تحاول أن تصور كركوك كانت تعيش فترة سيئة خلال وجود البشمركة، لكن الحقيقة أنها كانت آمنة ومستقرة والإعمار فيها ومستوى النظافة أفضل من أي مدينة أخرى". إلا أن مسؤولا في بغداد ذكر لـ"العربي الجديد"، أن "القوات العراقية الموجودة في كركوك اتحادية ولها صلاحية دستورية وقانونية ولا يسمح بأي انتقاص منها"، مضيفاً أن "تصريحات تطلق من زعامات ومسؤولين أكراد حول (احتلال كركوك)، في إشارة إلى القوات العراقية، تعتبر استفزازا وتلميحا عنصريا وانفصاليا ولو شاءت الحكومة لتحركت تجاههم لكنها لا تريد أي تأزيم في ملف المدينة".

وأوضح أن "مقترح تشكيل قوات من أهل المدينة بحاجة إلى موافقة البرلمان ومخصصات مالية ووقت للتدريب. ولا أعتقد أن الحكومة بحاجة لذلك ولا أهالي كركوك يشكون من شيء في تعامل القوات العراقية الاتحادية معهم". ووصف المشروع أو المقترح الكردي بأنه "محاولات لا أكثر".



في السياق، قال نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك دياري حسين، إن "القوى الكردية ترغب اليوم بقيام قوة مشتركة من الجيش العراقي، والبشمركة الكردية بحماية المناطق الواقعة خارج مدينة كركوك، مع إسناد حماية الداخل لمكونات المدينة"، في إشارة إلى مكوناتها القومية العربية والكردية والتركمانية. وشدد في تصريح نقلته وسائل إعلام كردية على "ضرورة إرضاء هذه المكونات بالتساوي في تلك القوة".
من جهته، قال عضو الجبهة العربية في كركوك ضياء العبيدي لـ"العربي الجديد"، إن "تشكيل قوة يكون مطروحاً في حال أخفقت القوات العراقية الحالية في حفظ أمن المدينة، لكن هذه المشاريع مجرد محاولة لفتح ثغرة أو تسلل جديد للبشمركة إلى داخل كركوك". وأضاف أنه "من حق هذه القوات أن تدخل إلى أي مكان بالعراق من دون أن يعترض أحد، كونها قوات اتحادية دستورية، في المقابل، نعتبر أن طرح مشاريع قوات مشتركة قومية أو إشراك البشمركة أمر غير صحيح".

في غضون ذلك، أفاد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، بأن "حزبه قدم أسماء لشغل منصب محافظ كركوك"، مضيفاً في تصريحات لتلفزيون محلي كردي يبث من أربيل بأن "المنافسة انحصرت بين اسمين هما خالد شواني، واللواء جمال طاهر". وكان المجلس العربي في كركوك قد اتهم بعثة الأمم المتحدة في العراق بعدم الحياد، والانحياز إلى مكوّن معيّن دون آخر في حوارات حل مشاكل المحافظة، مؤكداً في بيان له السبت الماضي، أنه "يراقب تصاعد الحراك والمباحثات بين ممثلي القوى السياسية، ومفوضية الانتخابات، وممثلي الأمم المتحدة".

وأوضح المجلس أنه "يدعم الحوارات شرط إشراك الجميع فيها، بإشراف الحكومة الاتحادية في بغداد"، لافتاً إلى أن "إشراف الأمم المتحدة على الحوارات أصبح محل انتقاد كبير من قبل عرب كركوك، بسبب دعمها لطرف على حساب آخرين"، في إشارة إلى الأكراد. وسبق لحكومة إقليم كردستان أن ذكرت في مايو/ أيار الماضي، أن "بعثة الأمم المتحدة في العراق وعدت بالنظر في إمكانية تطبيق المادة 140 من الدستور، فور مباشرة الحكومة الكردية الجديدة أعمالها".

يشار إلى أن المادة 140 من دستور العراق تؤكد على ضرورة تطبيع الأوضاع في كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها التي تعتقد القوى الكردية أنها يجب أن تتبع إقليم كردستان. وكانت كركوك خاضعة لسيطرة الأحزاب الكردية منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، قبل أن تعود لسيطرة الحكومة الاتحادية في بغداد عام 2017 بعد دخول الجيش العراقي إليها، على خلفية استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق الذي شُملت به كركوك.