قدّم عدد من النواب التونسيين مقترحا جديدا ينص على التعويض المادي لسفارة الولايات المتحدة في تونس، وذلك عن الخسائر التي وقعت فيها خلال هجوم متشددين على المدرسة الأميركية والسفارة عام 2012. وعبروا عن رفضهم الشديد تمكينها بقطعة أرض، كتعويض لها عن الأضرار التي لحقتها، خصوصاً أن المسألة تتعلق بالسيادة الوطنية.
وتأتي هذه التعويضات إثر هجوم متشددين ينتمون إلى تنظيم "أنصار الشريعة"، والذي صنفته الحكومة التونسية كمنظمة إرهابية، على مقر السفارة والمدرسة الأميركية بتونس في 14 سبتمبر/ أيلول 2012.
وقال الأمين العام للتيار الديمقراطي، النائب غازي الشواشي، لـ"العربي الجديد" إن الدولة التونسية وجدت نفسها مطالبة بالتعويض للسفارة الأميركية مباشرة بعد الاعتداءات التي حصلت عام 2012، مبينا أنّ تقدير الخسائر والأضرار كان من جانب واحد، أي من قبل الولايات المتحدة، والتي قدرت الخسائر بحدود 40 مليون دينار أي ما يعادل 20 مليون دولار.
وأوضح الشواشي أنّ تونس، وبحكم الظروف المالية الصعبة التي كانت تمر بها، قبلت العرض الذي قدمته أميركا أي التعويض بقطعة الأرض التي شيدت عليها المدرسة الأميركية، عوضا عن المال. وتم بموجب ذلك إمضاء مذكرة تفاهم بين الدولتين، معتبرا أنّ الأرض جزء من السيادة الوطنية ومن تونس، وبالتالي لا يمكن التعويض بقطعة أرض.
وقال إنّه وقّع رفقة نواب آخرين على مقترح ينص على تخصيص وإيداع مبلغ مالي ضمن صندوق خاص، وبالتالي إلغاء مقترح التعويض بالأرض، إضافة الى إعادة تقدير الخسائر من قبل جهة قضائية، لأنه لا يمكن قبول التعويض الذي نصت عليه جهة واحدة، لأن هذا الأمر مخالف لمبدأ العدالة، وفقاً للأمين العام.
وأفاد المسؤول ذاته بأن السلطات التونسية تعاملت بضعف كبير مع هذا الملف، إذ رضخت لابتزاز الجهات الأميركية ولم تناقش قيمة التعويضات، بل أكثر من ذلك بحثت عن الحلول السهلة. واعتبر أن الدولة تتحمل مسؤوليتها في ذلك وبالتقصير الذي حصل نتيجة أعمال العنف التي حدثت عام 2012، "لكن المسألة لها رمزية كبيرة ولا يمكن التخلي عن الأرض".
من جهته، قال النائب بمجلس نواب الشعب، فيصل التبيني، إن دورهم كنواب يقتضي تقديم مقترحات بديلة للحكومة، وتحمل مسؤوليتهم، خصوصاً إذا كان الأمر بهذه الأهمية، معتبرا أن عددا من النواب يساندونهم في الفكرة، ووقّعوا على هذا المقترح.
وأضاف التبيني، لـ"العربي الجديد"، أنّه لا يوجد نائب أو مواطن تونسي يقبل أن تمنح قطعة أرض تابعة للتراب التونسي لدولة أجنبية، مؤكدا أن هذا المقترح وطني بالأساس، وأنهم ينتظرون تحديد جلسة عامة لمناقشة هذا الأمر والدفاع عنه.
وأشار إلى أنهم كنواب أرادوا توجيه رسالة إلى العالم، مفادها أنهم لن يقبلوا بتسليم أرضهم لأجنبي تحت أي شعار كان، وباسم التعويضات، مبينا أنه طالما أن هناك حلولا أخرى، فإنه سيتم اتباعها وإقناع الحكومة بها، للتخلي عن التفريط بقطعة من أرض تونس.
بدوره، قال الأمين العام لحركة الشعب، النائب زهير المغزاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّه ليس من حق أية حكومة التفريط بأرض تونس، مبينا أن الأرض ملك الأجيال المقبلة، وليست ملك الحكومة أو أية سلطة.
وأوضح المغزاوي، الذي وقّع على المقترح، أن الأطراف التي قامت بأخطاء في فترة ما، عليها تحمل المسؤولية، وأن التونسيين لا يتحملون تلك الأخطاء ولا يدفعون ثمنها، مؤكدا أنهم سيدافعون عن مقترحهم، وسينتظرون الجلسة العامة للتعبير عن وجهة نظرهم الرافضة لمنح السفارة الأميركية قطعة أرض.