مقاتلات فرنسية في حالة تأهب لحماية أجواء دول البلطيق وجيران روسيا

مقاتلات فرنسية في حالة تأهب لحماية أجواء دول البلطيق وجيران روسيا

29 اغسطس 2020
(فرانس برس)
+ الخط -

على مدرج طويل محاط بغابة كثيفة غير بعيدة عن بحر البلطيق، تبقى أربع مقاتلات فرنسية من طراز "ميراج 2000" على استعداد للإقلاع عند أول إنذار، مهمتها منذ أربعة أشهر المساهمة في ضمان أمن أجواء دول البلطيق وجارات روسيا.

وبما أنها عاجزة عن حماية سلامة أجوائها بمفردها، عهدت ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا منذ 2004 إلى شركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مهمة حماية سمائها.

بعد 2014، وعلى أثر ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم، وتدخل موسكو في النزاع في أوكرانيا، وُسِّعَت هذه المهمة التي تُسمى "حراسة أجواء البلطيق" (بالتيك إير بوليسينغ)، وتنطلق من قاعدة سيولياي في ليتوانيا، إلى قاعدتين أخريين، هما مالبورك في بولندا وأماري في إستونيا.

وتتمركز أربع طائرات حربية فرنسية في أماري منذ مايو/ أيار، في حظيرة طائرات كانت تضم في عهد السوفييت مقاتلات سوخوي "سو-24".

وقال العقيد جوان دوسور، قائد الوحدة الفرنسية التي تضمّ مئة طيار: "خلال أربعة أشهر قمنا بنحو 15 طلعة بناءً على إنذارات". وتُسمى هذه الطلعات "ألفا سكرامبل"، وتقلع بموجبها الطائرات خلال دقائق بطلب من قيادة العمليات الجوية للحلف، مزودة بمدفعية من عيار 30 ملم وصواريخ جو-جو.

تجرى هذه الرحلات بناءً على إنذارات في المجال الجوي لمنطقة البلطيق "عندما لا ترسل طائرة ما خطة رحلتها أو تمتنع عن الرد على اللاسلكي أو إذا لم يكن لديها جهاز إرسال واستقبال" يسمح بمتابعة تفاصيل حركتها، كما يقول الطيار الكومندان جورج.

وهذه الطائرات "عسكرية مئة بالمئة"، حسب ما تقول مصادر فرنسية، ومواصفاتها متنوعة. فهي نصف مطاردة، وطائرات نقل واستخبارات كهرومغناطيسية، وللدوريات البحرية ولمكافحة الغواصات وغيرها.

جمع معلومات

أكد الكابتن جان تشارلز أن مقاتلات الحلف الأطلسي تستفيد من الاقتراب من الطائرات لجمع معلومات. وقال: "في أثناء الطلعة نلتقط صوراً للتعرف إلى الطائرات ومعداتها. ولدينا أيضاً كاميرا خاصة لتحليل سلوك الطائرات".

وحول هذه النقطة، لم يُبلَّغ عن أي حادث مع الروس الذين لا تزال توغلاتهم محسوبة للغاية. وقال العقيد دوسور إنهم "محترفون كبار" يأتون "ليروا ما هي حدود" تحركاتهم.

وأضاف الضابط نفسه: "من النادر للغاية أن تحلّق طائرة فوق الأراضي الوطنية. ما يتكرر هو عمليات مرور فوق المياه الدولية خارج الأراضي السيادية، ولكن في المجال الجوي الذي تعمل فيه وحدات التحكم في منطقة البلطيق لضمان سلامة الرحلات الجوية (منطقة معلومات الطيران).

وتابع: "هذا ليس انتهاكاً للسيادة، لكنه يمثل خطراً على الطيران المدني".

لكنه حذّر من أنه "لو لم تكن مقاتلات الحلف منتشرة في المكان، لجرت طلعات (روسية) فوق الأراضي الوطنية"، موضحا أن "هذا الأمر كان يحدث قبل تفويض الحلف الأطلسي" الذي تنفذه دول متطوعة بالتناوب.

وصرّح رئيس الأركان الإستوني مارتن هيرم لـ"فرانس برس": "نحن نقدّر كثيراً دعم الفرنسيين" في مواجهة "جار غير موثوق به"، مشيراً إلى أن إستونيا دولة صغيرة عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، وتشارك في عمليات عدة في مالي مثل المهمة الأوروبية و"برخان"، وفي القوة الجديدة "تاكوبا".

وبمناسبة زيارته لتفقد الطيارين الفرنسيين في نهاية أغسطس/ آب، تمكن رئيس الأركان الفرنسي فرانسوا لوكوانتر من فهم "لعبة القط والفأر هذه التي يلعبها هنا سلاح الجو والقوات الجوية في الأطلسي، كما تفعل البحرية الوطنية الفرنسية في المحيط الأطلسي بالغواصات الروسية"، وهو يرى أن التزام فرنسا تجاه شريكاتها دول البلطيق في الجو، ولكن على الأرض أيضاً منذ 2017، كجزء من الوجود الأمامي المعزز للحلف الأطلسي، "ضروري للغاية اليوم".

ويتيح هذا الالتزام إمكانية إعطاء مصداقية للموقف الفرنسي "الذي يؤكد انتماء فرنسا الكامل إلى حلف الأطلسي (...) لكنه يرغب في الوقت نفسه في تعزيز شكل من السيادة الأوروبية"، في مواجهة الانسحاب الأميركي، وكذلك "في حوار من دون أوهام ولكن واضح مع روسيا"، ما أثار شكوك عدد معين من الحلفاء.

وقال الجنرال لوكوانتر إنه "لا يمكن أن يصغي شركاؤنا إلى هذا الموقف إلا إذا تمكنا من إظهار حزم وجدية التزامنا في الحلف الأطلسي".

وعززت روسيا أنشطتها العسكرية في البلطيق منذ 2014، وشهدت المنطقة تبادل اتهامات عن خروقات بحرية وجوية في المنطقة، ما دفع استوكهولم، العضو في الاتحاد الأوروبي وليس في حلف شمال الأطلسي، إلى الاستعانة بالطرفين لصد اختراق الطيران الحربي الروسي لأجواء جزيرة غوتلاند السويدية.

(فرانس برس، العربي الجديد)