معضلة المصالحة والانتخابات الفلسطينية

04 ديسمبر 2014
+ الخط -

في الشعب الفلسطيني من المفكرين، والنخب، وأصحاب التجربة، ما لم يكن موجوداً لدى أنظمة سياسية عريقة، ولديه الكثير من التحديات التي تساعد على لملمة أوراقه، وتجسيد وحدته، ويشكل الاحتلال الصهيوني المرتكز الأهم في تحقيق ذلك.

وهذا يعيدنا إلى سؤال مهم: لماذا لم تنجز المصالحة الفلسطينية؟ وهل من الممكن أن تنجز في قادم الأيام؟ وهل الانتخابات مدخل لإنهاء الانقسام، وبناء نظام سياسي موحد، يدعم المشروع الوطني الفلسطيني؟

قبل الإجابة عن الأسئلة السابقة، لابد من الإشارة إلى أن القرار الوطني المستقل تم تجميد العمل به داخل مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وأصبح المتغير الإقليمي أحد الفواعل الرئيسية في القرار السياسي الفلسطيني، وأن سبب تعثر المصالحة الفلسطينية يعود إلى مراهنة طرفي الانقسام، حركتي فتح وحماس، على المتغير الخارجي، لتحسين شروط التفاوض، ما يدلل على غياب ثقافة التعايش والمشاركة والشراكة السياسية، وأزمة الثقة بين النخب السياسية.

فالرهان على المتغيرات الإقليمية قد يأخذ الساحة الفلسطينية إلى مصير مجهول، لأن ثقافة التعايش بين القوى الوطنية والإسلامية ومؤسسات النظام السياسي الفلسطيني تعاني أزمة حقيقية، لابد من وقوف كل المنظرين والمفكرين أمامها، والعمل على تعزيزها بالعمل المشترك في إعلامنا ومساجدنا ومدارسنا وبيوتنا، وصولاً إلى إيجاد ثقافة مدنية قادرة على بناء مؤسسات دولة، لشعب يعاني من الاحتلال، منذ عشرات السنين، وغير قادر على تحمل أي نزاعات أو صراعات حول سلطة تكاد تكون وهمية، نظراً لهيمنة الاحتلال الإسرائيلي عليها.

وهذا ما يعرقل إنجاز المصالحة الوطنية، حتى اللحظة، وكأن الحالة الفلسطينية أصبحت جزءاً من حالة انقسام أكبر، تتمثل في المنطقة العربية، وما آلت إليه الأمور من تعزيز لسياسة المحاور والأحلاف، في وقت تشهد فيه إسرائيل تحولاً خطيراً، عقب حل الكنيست، والذهاب يوم 17 مارس/آذار 2014 إلى انتخابات مبكرة داخل إسرائيل، وهذه مؤشرات نتائجها تشير إلى مرحلة تحول لم تشهدها دولة الكيان، منذ تأسيسها، بحيث سنكون أمام حكومة أكثر تطرفاً، وهذا لا يعني أن حكومة نتنياهو لم تكن متطرفة، ولكن، ربما إسرائيل ستذهب إلى جنون التطرف، وهذا سيكون على حساب ومستقبل الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية.

دولة فلسطين تنتظرها تحديات جسام، وإن قوى إقليمية ودولية عديدة ستعمل من أجل إضعاف الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، والضغط عليه، وعلى قيادته للقبول بأنصاف الحلول، وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية. ولذلك، ستعمل على إثارة الفتن، وتأجيج الصراعات بين القوى الوطنية والإسلامية، وهذا، بالتأكيد، سيؤثر على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وستبقى الحالة الفلسطينية منقسمة عشرات السنين. وعلى الرغم من ذلك، فإن أقصر الطرق وأقلها تكلفة هو بالعودة إلى المصالحة. ولكن، لن يتم ذلك إلا بممارسة ضغط شعبي ومجتمعي على صناع القرار، وقد يذهب بعضهم ليقول، إن الانتخابات هي الحل، وهنا أقول وأختم: إن العملية الديمقراطية التي ينادي بها بعضهم في الحالة الفلسطينية هي بمثابة وصفة لنزع الشرعية عن الطرف الآخر، وهذا لن يحل المشكلة، بل قد تفجر الانتخابات مشكلات أكثر تعقيداً.

وينبغي، هنا، البحث في مبادرة وطنية لتجنيب الفلسطينيين ويلات الحصار والاقتتال، والعودة بالبوصلة إلى اتجاهها الصحيح نحو المشروع الوطني التحرري، القائم على العودة والتحرير.

CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
حسام الدجني (فلسطين)
حسام الدجني (فلسطين)