معركة ريف اللاذقية: المبادرة العسكرية في يد المعارضة

معركة ريف اللاذقية: المبادرة العسكرية في يد المعارضة

13 مارس 2015
أوقعت المعارضة خسائر كبيرة في قوات النظام (الأناضول)
+ الخط -
أثبتت قوات المعارضة السورية، التي تسيطر على جبال مدينة اللاذقية الشمالية، في معارك الأيام الأخيرة التي اندلعت على خطوط التماس مع النظام في ريف اللاذقية، أنها تملك مستوى عالياً من التنسيق، فضلاً عن استخدامها تكتيكات عسكرية متقدمة، جعلتها تنجح في تشتيت قوات النظام والمليشيات التي تقاتل إلى جانبه، والتي فشلت حتى الآن في تحقيق أي تقدم منذ بداية الأسبوع الحالي، حين أعلنت بدء معركة أسمتها "لبيك سورية" تهدف إلى السيطرة على مناطق تواجد المعارضة في ريف اللاذقية.
وتمكنت قوات المعارضة السورية، منذ مساء أول من أمس، من شنّ هجوم معاكس على قوات النظام التي سيطرت على قرية دورين الواقعة قرب بلدة سلمى التي تسيطر عليها المعارضة، لتتمكن الأخيرة من إيقاع خسائر كبيرة في قوات النظام التي تمركزت في دورين، قبل أن تنسحب المعارضة منها خوفاً من قصف انتقامي عنيف من طيران النظام.

النظام السوري يفقد فرصة التقدم في ريف اللاذقية

وأوضح الناشط الميداني، أبو سالم الحفاوي، لـ "العربي الجديد" أن هدف قوات المعارضة كان الرد على رواية الإعلام الرسمي التابع للنظام السوري، الذي ركز على أن سيطرة النظام على قرية دورين هو بداية لاستعادة قواته السيطرة على ريف اللاذقية الشمالي بالكامل، على الرغم من أن قرية دورين هي أساساً مجرد محور اشتباك بين النظام والمعارضة، ولا تشكل بمكانها أي أهمية استراتيجية للمعارضة، نظراً لعدم مرور أي خط إمداد لقوات المعارضة عليها.
ويؤكد الحفاوي أن قيادة المعارضة في المنطقة قررت الدخول إلى قرية دورين، لتوصل رسالة للنظام مفادها أن قواتها قادرة على استلام زمام المبادرة العسكرية في المنطقة، إذ إنها تمكنت خلال ساعة واحد عند غروب يوم الأربعاء من استعادة السيطرة على قرية دورين، وعلى المرتفعات الجبلية المحيطة بها، بعد تمكنها من القضاء على جميع عناصر النظام المتواجدين في المنطقة.
وأظهرت المعارضة في جبال اللاذقية مستوى عالياً وغير مسبوق من التنسيق في ما بينها في معارك الأيام الأخيرة، إذ شاركت فصائل اللواء العاشر والفرقة الأولى الساحلية التابعة للجيش الحر وجبهة النصرة وحركة أنصار الدين، وحركة شام الإسلام وحركة أحرار الشام وكتائب أنصار الشام جميعها في عملية استعادة السيطرة على قرية دورين. كما أن دبابات هذه الفصائل ومدفعيتها وصواريخها شاركت معاً في عملية التغطية النارية على قوات المعارضة التي تقدمت في المنطقة، وذلك باستهداف مناطق تمركز قوات النظام بقصف عنيف أفقدها القدرة على التحرك والمناورة.
ولم يتمكن النظام من إيصال أي إمدادات عسكرية لقواته، بسبب حيازة قوات المعارضة في ريف اللاذقية على صواريخ "تاو" المضادة للدروع، والتي منعت مدرعات النظام وأرتاله العسكرية من الاقتراب من مناطق الاشتباك بين الطرفين.
كما أن المعارضة استطاعت التحرك في المنطقة بحرية كاملة بسبب التغطية النارية التي تملكها، ذلك أن فصائل المعارضة استبقت تحركاتها بقصف نقاط تمركز قوات النظام في المنطقة بصواريخ الغراد والدبابات ومدافع "جهنم" محلية الصنع ومدافع الهاون والرشاشات الثقيلة.
وكانت قوات النظام قد تلقت في اليومين الأخيرين ضربات قاسية من المعارضة على خطوط التماس بين الطرفين، في منطقة قمة النبي يونس الاستراتيجية التي تعتبر أعلى قمم جبال اللاذقية بارتفاع يبلغ 1537 متراً عن سطح البحر. وقامت المعارضة السورية بمهاجمة قوات النظام في المنطقة، لتنجح بالسيطرة على قمتي الجلطة والشيخ محمد المجاورتين لها، قبل أن تنسحب من القمم التي سيطرت عليها وتتمركز في الوديان المحيطة بها.
وبرر الصحافي عروة جبلاوي في حديث لـ "العربي الجديد" ما جرى بالقول إن المعارضة باتت تعي تماماً مدى التكلفة الكبيرة التي ستتكبدها فيما لو قررت التمركز في القمم الجبلية العالية ذات الأهمية الاستراتيجية الخاصة، ذلك أن قوات النظام اعتادت عند سيطرة المعارضة على هذه القمم والمراصد، أن تقوم بقصفها بصواريخ الطيران الحربي الذي يسهل عليه استهداف قوات المعارضة المتمركزة على القمم.
ويؤكد الجبلاوي أن المعارضة تعي الأهمية الاستراتيجية العالية لقمة النبي يونس، وعلى هذا الأساس تسعى دائماً لإشغال قوات النظام المتواجدة عليها، ذلك أن هذه القمة تشرف على مدينة اللاذقية التي تبعد عنها سبعة عشر كيلومتراً فقط وعلى مدينة القرداحة التي تبعد عنها كيلومترات قليلة، وعلى طريق اللاذقية سهل الغاب الاستراتيجي بالنسبة لقوات النظام.
وزادت المعارضة في هجومها الأخير من تشتيت قوات النظام السوري، والمليشيات المحلية المعروفة باسم "قوات الدفاع الوطني" التي تقاتل إلى جانب النظام، من خلال القصف المستمر للقرى التي تتمركز بها قوات النظام والمليشيات الموالية لها.
وقد أعلن المكتب الإعلامي لكتائب أنصار الشام أن قوات المعارضة بمختلف فصائلها، قامت خلال اليومين الأخيرين، بقصف مناطق تمركز النظام في قرى أوبين وأبومكة وعرامو والحمبوشية بصواريخ الغراد.
وأوضح أن التنويع الكبير في هجمات المعارضة على مختلف جبهات الساحل، والذي نتج عن التنسيق الكبير بين فصائلها أظهر مدى التشتت وضعف التنسيق بين قوات الجيش التابع للنظام السوري من جهة، وقوات "الدفاع الوطني" (الشبيحة) من جهة ثانية.
من جهتها، أشارت مصادر ميدانية في قوات المعارضة لـ "العربي الجديد" إلى أن هجوم المعارضة الأخير استهدف القوات المتقدمة تجاه قرية دورين؛ وهي قوات "الدفاع الوطني" باعتبار أنها القوات التي تقدمت في المنطقة، والتي قامت بطلب المؤازرة من الجيش السوري، الذي رفضت التورط في المعركة نظراً لأن قوات "الدفاع الوطني" خاضتها بقرار منفرد منها، ودون أي تنسيق مع قوات الجيش السوري.

"حزم" من البداية حتى النهاية: انتقام "النصرة" من واشنطن؟ 

المساهمون