معركة الأسير كمال أبو وعر مع السرطان وكورونا

معركة الأسير كمال أبو وعر مع السرطان وكورونا

17 يوليو 2020
في الأسر منذ عام 2003 (العربي الجديد)
+ الخط -

جاء إعلان إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية، عن إصابة الأسير الفلسطيني كمال أبو وعر (46 عاماً) من بلدة قباطية، جنوبي جنين، في شمال الضفة الغربية المحتلة، بفيروس كورونا الجديد، في الثاني عشر من يوليو/ تموز الجاري، ليزيد من المخاوف على مصيره، إذ إنّه يخوض مواجهة شرسة مع سرطان الحلق، الذي أصيب به نهاية العام الماضي، مع خضوعه لنحو خمسين جلسة علاج إشعاعي وهو مقيد اليدين والقدمين.
بالرغم من شح المعلومات الواردة عن حالة أبو وعر، فقد تبين أنه نُقل في السابع من الشهر الجاري، من قسم رقم 2 في سجن جلبوع إلى مستشفى العفولة لإجراء بعض الفحوصات، ومن بينها فحص كورونا، فأظهرت النتائج أنّه غير مصاب، لينقل في اليوم التالي إلى مستشفى سجن الرملة، وبقي حتى العاشر من الشهر الجاري، ثم نقل إلى مستشفى "أساف هاروفيه" الإسرائيلي، لإجراء عدة فحوص، ومن بينها فحص كورونا، لتتبين إصابته بالفيروس. وبعد تأكيد إصابته، عزل الأسير أبو وعر، كما عزل الأسرى في قسم رقم (2) في سجن جلبوع ومدير السجن و23 سجاناً إسرائيلياً من مخالطيه، وما زال أبو وعر محتجزاً في مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي، من دون معرفة تفاصيل دقيقة عن وضعه الصحي.

يعرب والده نجيب أبو وعر، عن مخاوف الأسرة الشديدة على كمال، ويقول لـ"العربي الجديد": "المعلومات عنه قليلة جداً، ونحن سمعنا عن إصابته بكورونا من خلال وسائل الإعلام، تماماً كما علمنا عن إصابته بالسرطان من قبل، فلا زيارات منذ أشهر طويلة، وحتى مندوب الصليب الأحمر ممنوع من زيارته". يتابع: "نسمع عن كمال، إما من خلال الأسرى من داخل سجون الاحتلال الذين يتواصلون معنا بطريقتهم، أو من خلال بعض الأسرى المحررين الذين كانوا يعيشون معه في السجن نفسه، أو عبر هيئة الأسرى ونادي الأسير، وكلها أنباء لا تطمئن".
واعتقلت قوات الاحتلال أبو وعر عام 2003 بعد أشهر طويلة من المطاردة، ليصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد لست مرات متتالية، وخمسين عاماً إضافية. وفي منتصف العام الماضي، بدأت حالة أبو وعر تتراجع، ليتبين أنّه مصاب بسرطان الحلق والأوتار الصوتية، بالإضافة إلى تكسر في صفائح الدم، وخضع لاحقاً لجلسات إشعاع في مستشفى "رمبام" بمدينة حيفا في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وخلال عملية نقله كان يثبّت على السرير وهو محاصر بثلاثة من جنود الاحتلال مشهرين أسلحتهم تجاهه، كما يجري تكبيل قدميه ويديه بالأصفاد وتثبيتها في السرير.
وأثبتت الفحوص التي خضع لها أبو وعر مؤخراً أن الورم ازداد حجمه، كما بدأ يُعاني من نقص في الوزن، وعدم قدرة على التواصل مع رفاقه الأسرى، بعدما فقد صوته بصورة شبه كاملة، وهو ما دفع هيئة شؤون الأسرى والمحررين، لاعتبار حالة أبو وعر من أخطر حالات الأسرى المصابين بالسرطان في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وترفض سلطات الاحتلال حتى الآن السماح لأيّ من المحامين أو حتى لمندوب لجنة الصليب الأحمر الدولي، بزيارة أبو وعر، وتتعنت في الردّ على كلّ الرسائل والدعوات التي تحذر من مواصلة التكتم على حقيقة وضعه الصحي، وفق ما تؤكد لـ"العربي الجديد"، مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني، أماني سراحنة. وتوضح أنّ "إدارة سجون الاحتلال رضخت الإثنين الماضي، لضغوط الأسرى الذين كانوا يطالبون بالسماح لأحد ممثليهم بزيارته، لكنّها كشفت لهم أنّ ذلك غير ممكن، لأنّ أبو وعر كان يخضع وقتها لعملية جراحية في أحد المستشفيات الإسرائيلية لوضع أنبوب تنفس له، وأنّه منوّم تحت تأثير الأدوية وسيبقى منوماً لعدة أيام. كان خبراً مفاجئاً، وزاد من المخاوف على حياته".

الصورة
تضامناً مع الأسير أبو وعر

وفي وقت لاحق، أعلنت إدارة سجن جلبوع أنّ نتائج العينات التي أُخذت من الأسرى في قسم (2)، وهو القسم الذي تواجد فيه الأسير أبو وعر قبل نقله، أثبتت عدم إصابتهم بكورونا. تعلق سراحنة على ذلك بقولها: "هذه النتائج تبقى محل شك، طالما لا توجد جهة محايدة تشرف على العينات التي تؤخذ من الأسرى، خصوصاً مع تصاعد أعداد المصابين بفيروس كورونا بين السجانين الإسرائيليين". تشير إلى أنّ النادي طالب بضرورة الضغط على الاحتلال، بأن تكون هناك لجنة دولية محايدة تطلع على أوضاع الأسرى، وتشرف على متابعة أوضاعهم الصحية.
وفي الوقت الذي نظم فيه عدد من الوقفات الاحتجاجية في الضفة الغربية وقطاع غزة، على ما آل إليه الوضع الصحي لأبو وعر، أطلق ناشطون، حملة إلكترونية تضامنية مع أبو وعر على منصات التواصل الاجتماعي "بهدف إيصال صوته وصوت كلّ الأسرى المرضى في سجون الاحتلال إلى العالم، لمطالبة الدول والحكومات والبرلمانات بالضغط على سلطات الاحتلال للإفراج عنه ليتلقى العلاج المناسب".
ومن جهته، وجه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، رسالة إلى مؤسسات دولية، طالبها فيها بالاضطلاع بمسؤلياتها لردع إسرائيل ومساءلتها وإلزامها بواجباتها كسلطة مُعتقلة، والضغط عليها لإطلاق سراح الأسير المريض كمال أبو وعر فوراً، والإفراج عن جميع الأسرى المرضى وكبار السن والأطفال والنساء ومن قاربت محكوميتهم على الانتهاء، والإفراج عن المعتقلين الإداريين قبل فوات الأوان. 

وسبق للأسرى الفلسطينيين توجيه رسالة دعم لأبو وعر، قالوا فيها: "إنّنا في الحركة الأسيرة نناشد المؤسسات الدولية، والقيادة الفلسطينية ومؤسسات حقوق الإنسان، والمقاومة الفلسطينية، التدخل السريع لإنقاذ حياة الأسير كمال أبو وعر الذي تتفاقم حالته الصحية يوماً بعد يوم. ونحمّل المسؤولية الكاملة للاحتلال، ولكلّ من يقصر في الاستجابة لمطلبنا بالإفراج عنه".
وشارك أبو وعر، في معظم الإضرابات الجماعية التي نفذها الأسرى في سجون الاحتلال، وآخرها إضراب الحرية والكرامة عام 2017.