معركة إغلاق المساجد تستمر في تونس

معركة إغلاق المساجد تستمر في تونس

13 يوليو 2015
تعيين الأئمة من قبل وزارة الشؤون الدينية (فرانس برس)
+ الخط -



أعلن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد عقب الهجوم الإرهابي الذي وقع في أحد نزل مدينة سوسة عن جملة من الإجراءات من بينها غلق المساجد الخارجة عن القانون، والشروع في اتخاذ إجراءات قانونية ضد الأحزاب والجمعيات المخالفة، وإعادة النظر في المرسوم المنظم للجمعيات، ووضع مخطط استثنائي لتأمين المناطق السياحية والمواقع الأثرية.

وقد أثار قرار غلق المساجد الخارجة عن السيطرة جدلاً بين رافض للقرار باعتباره رجوعاً إلى عهد الدكتاتورية وبين مرحب بالقول إن القرار يشكل خطوة هامة لمحاربة الفكر المتطرف.

وأكدت وزارة الشؤون الدينية في بلاغ لها حرصها على ممارسة الشعائر الدينية بتونس بكلّ حرية ودون قيود على أن يتمّ ذلك في إطار القانون. كما بينت أن "غلق بعض الجوامع هو إجراء وقتي لجأت إليه الدولة بعد استنفاذ جميع المحاولات البديلة"، مؤكدة "أنّ إجراء الغلق ليس نهائياً باعتبار أن فتح الجامع يتم بمجرد توفّر الشروط القانونية فيه".

ودعت الوزارة في البلاغ إطاراتها المسجدية إلى "عدم القيام بأي نشاط حزبي أو نقابي تحت غطاء ديني داخل المساجد والجوامع، ما يثير الفتنة ويحيد بها عن دورها الأساسي وأهدافها"، كما طالبتهم "ببث روح التآخي والتسامح وقيم ومبادئ ديننا الحنيف والتصدي لكل دعوات التكفير والتحريض على الكراهية التي لم نعهدها ببلادنا".


كما تذكّر الوزارة بأنّ القوانين المعمول بها "تمنع القيام بأي نشاط بالمساجد والجوامع من قبل أشخاص من غير الكوادر المسجدية المكلّفة بصفة قانونية، وتشير إلى أنّ الاضطلاع بأي خطة مسجدية دون تكليف قانوني يمثل جريمة يعاقب عليها القانون".

وعلَّق رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي لقناة عربية على قرار الحكومة بغلق ثمانين مسجداً خارجاً عن سيطرة الدولة، بأن "كل الإجراءات التي تتخذ من موقع مهني وبعيد عن التوظيف السياسي، لا نملك إلا أن نقف معها، ونحن مع تطبيق القانون دون تمييز، على الجميع. وهنا لابد من تطبيق القانون بمجرد كشف وجود خروقات وتجاوزات، وليس انتظار الكوارث والمصائب لتطبيقه".

أما الصحافي بقناة الزيتونة ذات التوجه الإسلامي أمان الله المنصوري فقد اعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "اتخاذ القرارات قبل الانتهاء من التحقيق في حادثة سوسة الإرهابية جاءت متسرعة"، مضيفاً "وُضعت الحكومة في شبهة محاربة الدين بعد إغلاق 80 مسجداً وإعفائها أئمة مساجد معروفين باعتدالهم، وتهديدها بسحب رخص لأحزاب ذات خلفية إسلامية، وتلويحها بمصادرة أجهزة بث وإنتاج لإذاعات وقنوات دينية وأخرى سياسية معارضة وعلى رأسها قناة الزيتونة".

ورأى أن هذه الإجراءات "تذكرنا بممارسات النظام السابق عبر تجفيف منابع التدين للقضاء على الإرهاب، وهي سياسة أثبتت فشلها وعمقت الهوة بين النظام والشعب ما جعل تونس في مقدمة البلدان الأكثر تصديراً للجهاديين في العالم".


وخلص إلى القول بأنه "مع غياب خطاب مطمئن من الحكومة واستهدافها لهوية الشعب الإسلامية، قد يطفح الكيل بطيف واسع من الشباب المتحمس إلى تبني أيديولوجيا أكثر تطرفاً ودموية تستهدف في مقام أول ضرب مؤسسات الدولية الأمنية والعسكرية، وقد تتوسع حتى إلى المطالبة بإسقاط النظام وإعلان البيعة لتنظيم الدولة الإسلامية".

أما الناشطة الحقوقية رجاء بن سلامة فقد علقت بالقول إن السّلفيّة الجهاديّة "تؤدّي إلى أقصى أنواع العنف الموجّه ضد البشر والدّولة"، معتبرة أن "على الدّولة أن تحدّ من هذا الانفلات عبر تنفيذ القوانين المنظّمة للحياة العامّة، ولدور العبادة تحديداً. وهذا ما تفعله الدّولة التونسيّة، عندما تجد مساجد قد تحوّلت إلى مقرّات للتنظيمات الإرهابيّة، وثكنات لتجميع السلاح، ومكاتب لترحيل الشباب إلى سورية والعراق وليبيا. غلق المساجد الخارجة عن سيطرة الدّولة ضروريّ، ولا يجادل فيه إلاّ من يريد الخلط بين السياسة والدّين، وبالمشروع الجهاديّ الإرهابيّ".

كل المؤشرات تدل على أن معركة المساجد مرشحة لكي تستمر، لا سيما بعد أن دعت وزارة الشؤون الدينية جميع الأئمة إلى أداء صلاة العيد داخل المساجد، ومنعها في الساحات العامة كما حصل خلال السنوات التي عقبت الثورة.

اقرأ أيضاً:اعتقال 21 مشتبهاً بانتمائهم لـ"الدولة الإسلامية" في تركيا

المساهمون