معرض القاهرة للكتاب.. خصوم وخصومات

معرض القاهرة للكتاب.. خصوم وخصومات

02 فبراير 2017
(من دورة سابقة، تصوير: جيسون لاركين)
+ الخط -

في العشرين من يناير 2017، بدأ المصريون عدًا تنازليًا للوصول إلى أحد أبرز الأحداث الثقافية لدور النشر والقراء، المعروف بـ "معرض الكتاب"، أو الاسم الرسمي: "معرض القاهرة الدولي للكتاب". عروض تقدمها دور النشر مفادها: إن أتيت فإننا نقدم إليك خصمًا يكاد يقارب المجانية. القرّاء يترقّبون، خصوصًا أنهم يعرفون حجم ارتفاع الأسعار الجنوني الذي أصاب أركان الصناعة، جرّاء انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار.

لمدة ستة أيام والدور تتنافس، العروض تنهال، ووسائل التواصل الاجتماعي عامرة، فقط عليك الذهاب، ستجد ما يسرك، وتحت وسم #معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب، هناك كثير وكثير من الأحلام التي بنيت عند وسائل التواصل الاجتماعي، وتهدمت بعد العبور من البوابات ذات الطوابير الطويلة والمرهقة.

نُشر إعلان حول إصدارات وزارة الثقافة والهيئة المصرية العامة للكتاب، والمركز القومي للترجمة، ومكتبة الأسرة، والمجلس الأعلى للثقافة، يقول: إن كنت تحمل إثباتًا لكونك طالبًا مدرسيًا، أو جامعيًا، أو باحثًا في مرحلة الدراسات العليا، واخترت خمسة كتب، ستحصل عليها وخصمك هو 90%. نعم، لمعت أعيننا، وبدونا كالرموز التعبيرية المستخدمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. أخيرًا هناك خبر سار في ظل ارتفاع هذه الأسعار!

أوائل أيام المعرض، تعرف أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، يأتي المعرض بما لا يعرفه الطلاب، يدخل الشباب العشريني، عبر البوابات المخصصة، بعد وقوف طويل، يزيد من طوله بطء حركة السير خلاله، نظرًا لتعرض الداخلين إلى التفتيش. أمنيًا هذا أمر مُتقبل، لكنه عائق.

تبدأ القصة حين يرغب ذوو العشرين في زيارة أكثر الأجنحة جذبًا، أجنحة وزارة الثقافة والهيئة المصرية، الذين ذكروا لتوهم بالأعلى، إحباط يتنامى عن قلة الإصدارات الجديدة، لكن الحماس متجدد بسبب الخصم.

يدور أحدهم بجناح الهيئة العامة، يلتقط كتبًا عن السير الشعبية، حكايات من جنوب مصر ودلتاها، يُنهي جولته عند مكان المحاسبة، في الطابور يسمع إحداهن قائلة: لا خصم! يظن أنها لم تحمل إثباتًا لشخصيتها الدراسية، لكنه حين يأتي دوره يعرف الحقيقة كاملة: لا خصم هناك، سوى الخصم الاعتيادي المتراوح بين 10- 20%، لماذا؟ يسأل وتجيبه المختصة: الخصم على بعض كتب مكتبة الأسرة فقط، وليس على كل الإصدارات، يقاطعها: لكن الإعلان..، فترد قبل أن يكمل: ليست لدي تعليمات، خصمك 10%.

يخرج العشريني من خيمة إلى أخرى، ومن جناح إلى الآخر، وتتحقق المعلومة، لا خصم هناك سوى الاعتيادي، فالمركز القومي للترجمة يقدم خصمه للصحافيين والباحثين والطلاب، حتى 50%، لكنه لن يقدم أكثر هذا اليوم، أو في الأيام التي تليه. تنتهي الجولة، التي يخاف فيها طالب الاقتراب من أجنحة دور النشر الضخمة، بسور الأزبكية الذي يوفر له بعض ما يحتاج، ويحقق لديه بعض الرضا، ويعود حاملًا حقيبة امتلأت في أعوام مضت، بسعر أقل من كتب قد تستمر قراءتها عاماً كاملاً حتى الموعد القادم، وفي الطريق يلقي على رفيقه "إفيه"، من الفيلم المصري الشهير اضحك الصورة تطلع حلوة، قائلًا: "إحنا غلابة أوي يا سيد".

في اليوم التالي، يجلس العشريني أمام شاشة التلفاز متابعًا حديث الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في مؤتمر الشباب بأسوان. يقول الرئيس: "هو محدش قالكم إن إحنا فقرا .. فقرا أوووي".

المساهمون