معجم قطر وحنفية سورية

معجم قطر وحنفية سورية

13 ديسمبر 2018
+ الخط -
أحزن، ولو بوزن حبة خردل، على سورية أكثر مما فرحت أخيراً بإطلاق قطر-المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات- معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، واجتاحتني منذ أيام، هواجس لمّا تنته، حول دور وأهمية معجم الدوحة التاريخي، وخاصة أنه جاء بزمن الانكسارات والهزائم، بل والدعوات المتعاظمة للفظ العربية، على أنها لغة غير مطواعة ولا تستوعب الابتكارات والتجديد والتطوير، ونعت من يتفاخر بالعروبة، بالشوفيني أو "القومجي" على أقل تقدير.

وبحثت حول المشروع، مذ لاحت الفكرة، في الخامس والعشرين من مايو/ أيار 2013 من قبل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لتبدأ بالبلورة بعد عام ونصف العام من المناقشات والبحث والندوات، ليستمر العمل حتى إنجاز المرحلة الأولى من المعجم التاريخي للغة العربية، الممتدة منذ أقدم نص عربي موثق، وما طرأ على اللغة من تغيرات في مبانيها ومعانيها داخل سياقاتها النصية. وتابعت عن المشروع الذي تأجّل وتأخر لعقود، وماتخلله من زهاءَ مئة ألف مدخل معجمي، مرتّبة ترتيباً تاريخيّاً من أقدم نقش أو نص إلى العام 200 للهجرة.

وأخذتني هواجسي، ليس إلى ما فعلته سورية الأسدين، الأب والابن، على مستوى اللغة، رغم أنهما سرقا الحكم ببلد، تأسس فيه ومنذ عام 1919، مجمع علمي يختص بدراسة اللغة العربية، كان اسمه المجمع العلمي العربي بدمشق، قبل أن يسمى بمجمع اللغة العربية، وكان يمتاز، عن مجمعي القاهرة وبغداد، باهتمامه بقضايا متنوعة منها المصطلحات، بل إلى ما كان الأسد الوريث يدشنه بسورية، عبر فترة حكمه التي سبقت الثورة، ولا أرمي هنا إلى المشروعات التي استثمر فيها عبر وكلاء وأقارب وأبناء أخوال.

إذ أذكر كما التو، وفي العاشر من يوليو/ تموز من عام 2007 كيف جاءنا خبر للجريدة، أن "استعدوا لحدث هام غداً سيحضره رئيس الجمهورية، فحددوا اسم المحرر والمصور اللذين سيرسلوهما للتغطية".

دونما مقدمات وتشويق، أتعرفون ماذا كان ذلك الحدث الجلل باليوم التالي؟!.. إنه تدشين حنفية، أجل حنفية ودونما اتهام أو تسخيف أو حتى سرقة لفكرة محمد الماغوط بفيلم التقرير، سيادة الرئيس المفدّى دشن حنفية "تعبئة مياه نبع الفيجة في منطقة الهامة بدمشق" بل وأذكر بعد التدشين الذي حضره رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان والتعمير ووزير الصناعة ومحافظا دمشق وريف دمشق ومعاون وزير الصناعة والمدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية والمدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب بدمشق. كيف ملأ مدير عام مؤسسة الصناعات الغذائية "خليل جواد زوج بثينة شعبان" كأس ماء من الحنفية، وشربها السيد الرئيس بنشوة المنتصر.

ولأجهز على قارئي إن تبقّى لديه بعض شك، هاكم بعض ما نشرناه حرفياً باليوم التالي بالصحف السورية، قلت صحف ولم أقل صحيفة، لأن خبر سيادته يؤخذ من الوكالة الرسمية "سانا" ويمنع الإفتاء فيه من قبل الصحافيين.

"بعد إزالة الستار عن لوحة التدشين جال الرئيس الأسد في أرجاء المعمل واستمع من المشرفين والعاملين فيه إلى شرح عن مفاصل العمل وآليته .. واطلع سيادته على خطوط الإنتاج ومراحله وعلى الآلات والمعدات والتقنيات الحديثة الموجودة التي تساهم بتقديم منتج بنوعية متميزة وجودة عالية.‏‏

وفي قاعة الاجتماعات استمع الرئيس الأسد من المشرفين والقائمين على المعمل والمسؤولين المعنيين بهذه المنشأة إلى شرح مفصّل عن هذا المشروع المهم وطاقته الإنتاجية وعن الجدوى الاقتصادية له والأهداف التي يسعى المعمل لتحقيقها خلال الفترة المقبلة، كما تم بحث واقع صناعة المياه المعبأة في سورية والآفاق المستقبلية لها.

وقد نوه الرئيس الأسد بأهمية هذا الإنجاز والنتائج الأولية له مشيرا إلى ضرورة توسيع هذه الصناعة في أنحاء الوطن كافة واستغلال مصادر المياه في المواقع المختلفة موجها سيادته بضرورة الارتقاء بالأداء وتطوير صناعة المياه المعبأة في سورية لتصبح منافسة على المستوى الخارجي".

لن أقول إن نبع الفيجة موجود، وعلى أقل تقدير، من عهد الرومانيين، بدليل وجود المعبد الروماني فوق النبع المعروف باسم حصن عزتا، إذ لا أعتقد أن يخامر القارئ أي شك، بأنه من منجزات الحركة التصحيحية التي قادها الأسد الأب نهاية عام 1970.

بل سأتمنى على القارئ أن يركّز على "التقينات الحديثة وخطوط الإنتاج ومراحل تعبئة المياه" وتوقف ولو قليلاً عند "المشروع المهم والجدوى الاقتصادية وضرورة التوسع بهذه الصناعة"
وألّا تفوته القراءة بتمعّن "لتطوير صناعة المياه في سورية لتصبح منافسة على المستوى الخارجي".

وبعد ذاك، يجيب كل من يسأل، لماذا انتفض السوريون؟!