مطالب مغربيّة مشروعة

26 مايو 2014
+ الخط -
على الرغم من دفاعي المستميت عن تجربة رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران،  وحزبه، وأملي في أن تنجح فرصتهم هاته التي شقت الحائط الموصود على هوية المواطنين، وصنعت منه طريقاً "يمكن" أن يمتد بعيداً، بعدما طال احتكار جماعة الفرنكفونيين ونخبة الارستقراط الحكم، ومضوا سنوات في استغلال البلد وموارده وشعبه، منذ أن تركتهم الحماية الفرنسية، ليحموا بقاء نفوذها وتسلطها على المغرب.
وعلى الرغم من كرهي حزب الأصالة والمعاصرة، وخوفي الشديد على المغرب من أن تفوز تلك العصابة في الانتخابات القادمة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، وبعدما كانت تعمل "البزنيس" ومشتقاته بالنفوذ والتهديد والوعيد، تصبح قادرة على تنفيذ جرائمها تحت ظل القانون، وتشرعن وجودها، وتتغلغل أبعد ما يكون.
قناعتي الراسخة أن معظم مَن يسبّون الحكومة، اليوم، من المعارضة إلى النقابات إلى الإعلاميين، إنما يسترزقون باسم الشعارات والحريات وحب الشعب ومصلحته، من دون أدنى بديل أو أجندة اقتصادية تنقذ البلد من غرقه في الديون، يسترزقون من عند كبار فراعنة ومفسدي البلد وناهبي المال العام، لتيئيس الشعب من هذه التجربة، ولفتح طريق للفساد نحو السلطة.
على الرغم من هذا كله، يبقى أن هناك مطالبة مشروعة، إن أغفلناها خدعنا أنفسنا! على الحكومة المغربية أن تشدّ على بطنها، وتخفض أجور وزرائها وموظفيها والعاملين في الدواوين والمحيطين بالفلك الوزاري والحزبي لكل منهم، وتختزل وتُنزل وتُنقص رواتبهم ومِنَحهم ومعاشاتهم ومكاسبهم، لتؤكد حسن نياتها الإصلاحية، وتضامنها مع شعب ما زال يعيش تحت مستوى خط الفقر.
إن لم تناقش الحكومة ميزانيات مؤسسات تستهلك أضعاف ما يستهلكه 40 مليون نسمة من هذا الشعب، وتضع حداً للهالة والريع الذي تعيش منه تلك المؤسسات وأصحابها، من دور مشيدة وسيارات فارهة وملايين تغدق في التنقلات والفندقة والبنزين والإنارة المجانية، والمحافل والمباهج والإكسيسوارات، وملايين الدراهم على الموائد والأكلات في كل سفرية وكل محطة وكل ندوة وكل لقاء، وملايين الملايين للحلول والارتحال وملايين الملايين للعطل والتجوال، وتطالب بتقليصها، لتؤكد على قدرتها على التحدي ومحاربة الريع.
إن لم تعمل الحكومة على فضح المفسدين، أصحاب الضيع و"الفيرمات" والمقالع و"الڭريمات"، ومنعهم، ومراقبة الضرائب وسجن المتملّصين منها، وسحبها من ممتلكاتهم لملء الصناديق الخاوية، لتؤكد على إرادتها القوية لمحاربة الفساد والاستبداد.
إن لم تبادر الحكومة بهذا، عوض أن تشدّ على بطن الشعب الهزيل النحيف الضعيف الفقير بالزيادات، لسد خصاص الصناديق والميزانية، وتفرغ جيوب الطبقة المتوسطة مع نهاية الشهر، لا أظنني سأكترث، أو سأصوّت، أو سأدعو أحداً يوما للتصويت، كما فعلت من قبل.
على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزرائه، أن يكونوا على قدر التحدي الذي وضعوا أنفسهم فيه.. لم الخوف؟

 

80AEF6F3-BF05-4152-B455-248E8D09E94A
80AEF6F3-BF05-4152-B455-248E8D09E94A
مايسة سلامة الناجي (المغرب)
مايسة سلامة الناجي (المغرب)