مطالبات بالإفراج عن ناشطين فلسطينيين اعتقلوا بسبب تظاهرة

مطالبات بالإفراج عن ناشطين فلسطينيين اعتقلوا بسبب تظاهرة

25 يوليو 2020
مددت محكمة صلح رام الله الأربعاء الماضي اعتقالهم لمدة 15 يوماً (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -

يواصل الأمن الفلسطيني، منذ أسبوع، اعتقال نحو 12 ناشطاً فلسطينياً على خلفية تظاهرة كان من المقرر أن تخرج وسط مدينة رام الله الأحد الماضي ضد الفساد، ومددت محكمة صلح رام الله، الأربعاء الماضي، اعتقالهم لمدة 15 يوماً، رغم تدهور الحالة الصحية لعدد منهم، نتيجة إضرابهم عن الطعام، فيما تطالب منظمات ونقابات محلية ودولية بضرورة الإفراج عنهم.

ودعت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، في بيان لها، "للإفراج عن نشطاء الحراك ضد الفساد الذين تواصل الأجهزة الأمنية الفلسطينية احتجازهم دون أي مسوغ قانوني، في ظل أوضاع صحية صعبة يعانون منها"، داعيةً إلى وقف أية ملاحقات لناشطين آخرين.

وحمّلت الجبهة قيادة السلطة الفلسطينية المسؤولية عن استمرار احتجاز هؤلاء الناشطين، خصوصاً أنهم أعلنوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام، ويعاني البعض من أمراض مزمنة.

واستنكرت الجبهة استمرار السلطة وأجهزتها الأمنية بارتكاب المزيد من التجاوزات القانونية التي تشير إلى دوافع انتقامية لهذه الاعتقالات والملاحقات بحق الشباب الذين رفعوا صوتهم عالياً ضد نهج الفساد المستشري داخل مؤسسات السلطة وبعض الشركات القابضة التي يتفشى فيها الفساد المالي والإداري ونهب المال العام.

ودعت الجبهة إلى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق محايدة ومستقلة في سلسلة طويلة من الاعتداءات والتجاوزات طاولت المواطنين والناشطين، وكان آخرها ترك أجهزة الأمن الوقائي أحد الأطفال في الشارع بعد اعتقال والده.

وأكدت الجبهة أنها ليست بحاجة مرة أخرى للتشديد على ضرورة احترام السلطة لحرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر وفي الحصول على المعلومة، كما يُفرض عليها قانونياً تشكيل مظلة حماية لكل المناهضين لقضايا الفساد، وضرورة فتح تحقيق جدي في هذه القضايا وإحالة من يثبت تورطه فيها على القضاء، بدلاً من أن تتحول السلطتان التنفيذية والقضائية والأجهزة الأمنية إلى مكان يؤوي الفاسدين والمتنفذين، ويُشكل حماية وغطاءً لهم.

واعتبرت الجبهة أنّ "النضال ضد الفساد والقمع قضية وطنية بامتياز، وفي الجوهر نضال ضد الاحتلال وأعوانه وسلوك ثوري يحمي المال العام ويعزز من قدرة الجبهة الفلسطينية الداخلية على مواجهة العدو وتغوله على الحقوق الوطنية"، مشددةً على أن "هذا النضال بحاجة إلى تفعيل كل طاقات الشعب الفلسطيني وإمكاناته في خدمة إنهاء هذه الظاهرة المتغلغلة في المؤسسة الفلسطينية، والتي تعمل على استنزاف الشعب الفلسطيني، وخصوصاً الطبقات الشعبية الكادحة لصالح طبقة من المتنفذين والفاسدين".

وقالت مجموعة "محامون من أجل العدالة" في بيان صحافي، اليوم السبت، إن "جميع النشطاء الموقوفين يؤكدون، وفق ما أفاد به الناشط المحامي عامر حمدان، أنهم مستمرون حتى اللحظة في إضرابهم المفتوح عن الطعام حتى الإفراج عنهم". وأكدت المجموعة أن استمرار توقيف النشطاء يعتبر تعسفياً، حتى وإن جرى ضمن الإجراءات القانونية المتبعة، وذلك لمخالفته بشكل واضح لحقوق ومبادئ أساسية ثابتة ومتفق عليها بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، ولتجاوزه في استغلال واضح لحالة الطوارئ المنتهية صلاحيتها القانونية، ورغم التزام النشطاء إجراءات السلامة الوقائية، حرصاً منهم على المصلحة العامة نتيجة الظرف الصحي الذي تعاني منه البلاد.
وقالت المجموعة: "إن استمرار توقيف النشطاء ومحاولة تضليل الرأي العام بأن النشطاء موقوفون نتيجة تجمهر غير مشروع أو مخالفة أنظمة الطوارئ وتعليماتها في غير سياقها الصحيح، وفي ذلك حرف واضح لرسالة النشطاء ورسالة المظاهرة الداعية إلى مكافحة الفساد".
وتابعت: "إن استمرار إضراب النشطاء عن الطعام، وتجاوز ذلك عند بعضهم بالإضراب عن الماء، هو قرار شخصي خاص بالنشطاء، ولا يجوز بأي حال ترحيل المسؤولية عن هذا القرار للنشطاء ومحاولة ابتزازهم للتوقيع على تعهد يخلي مسؤولية الشرطة والجهات الرسمية في حال إصرارهم على الاستمرار في الإضراب عن الطعام، ورفض تلقي العلاج من طبيب السجن".

صادرت الشرطة الهواتف المحمولة للنشطاء وأجبرتهم على تقديم كلمات المرور الخاصة بهم، في قرصنة واضحة للخصوصية

وأكدت المجموعة أن مصادرة الشرطة الهواتف المحمولة للنشطاء وإجبارهم على تقديم كلمات المرور الخاصة بهم، قرصنة واضحة لخصوصية النشطاء، خاصة أن التهم المنسوبة إليهم من قبل النيابة العامة لا تبرر هذا الإجراء، علماً أن هواتف بعضهم بقيت بحالة نشطة حتى اللحظة.
وتابعت أن إدارة السجن تستمر حتى اللحظة في الضغط والتأثير على النشطاء لوقف إضرابهم، بينما أكد النشطاء أنهم مستمرون في إجراءاتهم وأنهم بصدد مقاطعة إدارة السجن.

وأكدت "محامون من أجل العدالة" أن استمرار توقيف النشطاء يتناقض مع الأصل، وهو قرينة البراءة، ولا يجوز أن يتحول إلى استثناء ينال من الأصل، فيما أشارت المجموعة إلى أن الجهات الرسمية مستمرة في عرقلة سير عمل المجموعة، حيث يمنع الدفاع منذ يومين من زيارة الناشط جهاد عبدو أو لقائه في مجمع فلسطين الطبي، ومحاولة إقصاء المجموعة عن متابعة عملها القانوني، في الوقت الذي تزدحم فيه غرفة جهاد في المجمع الطبي بالجهات الرسمية والشرطة وبعض المؤسسات والوسطاء، الأمر الذي لا يستقيم مع القوانين.
ودعت المجموعة جميع النقابات المهنية والمؤسسات الوطنية إلى تكثيف الضغط والمناصرة وإبداء موقف حول المجزرة القانونية التي تُرتكب بحق النشطاء وقيم حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير بذريعة حالة الطوارئ، والكف عن سياسة التحريض المستمر التي تمارسها الشرطة بحق النشطاء وفريق الدفاع، ووقف تغول السلطة التنفيذية وسيطرتها على الجهاز القضائي، وإتاحة الفرصة للمحكمة المختصة لإصدار قرارها المستقل باسم الشعب العربي الفلسطيني وضميره ووجدانه من دون تدخل أو تأثير.

مددت محكمة صلح رام الله اعتقال النشطاء 15 يوماً، رغم تدهور الحالة الصحية لعدد منهم نتيجة إضرابهم عن الطعام

من جانبها، أكدت نقابة الأطباء الفلسطينيين في بيان لها، الليلة الماضية، أنه "لا يخفى على أحد حجم الظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني، وحجم المؤامرات التي يتعرض لها يومياً من قبل الاحتلال ومن يدعمه، ونحن شعب كنا ولا نزال نطالب بالحرية، وقد قدمنا الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل ذلك، وما زالت الحرية مطلب كل مواطن فلسطيني وطني وشريف، وإن جزءاً من هذه الحرية هو حرية الرأي التي كفلتها كل الشرائع والقوانين، وكفلها القانون الأساسي الفلسطيني في بنود واضحة".

وأضافت نقابة الأطباء: "إن ما حصل مع الناشط عامر حمدان وزملائه من اعتقال بذريعة خرق قانون الطوارئ، والذي تعدى ذلك بعد تمديد التوقيف، يفهم منه بشكل واضح الإصرار على كبت حرية الرأي والمعاقبة على أي رأي مخالف؛ هو خرق واضح لحرية الرأي، علماً أن أغلب المعتقلين مضربون عن الطعام، وهناك تدهور لصحة أحدهم، هو الناشط جهاد عبدو الذي أدخل إلى مجمع فلسطين الطبي ويرفض أخذ العلاج، ولا ننسى التجمعات التي تم تنظيمها في ظل قانون الطوارئ من الجهات الرسمية، والتي كانت سبباً بإصابة العديد من أبناء شعبنا بالمرض والتي خالفت كل التعليمات".

وطالبت نقابة الأطباء الفلسطينيين الجميع بالتزام القانون الأساسي الفلسطيني الذي يكفل حرية الرأي، فيما طالبت أبناء الشعب الفلسطيني بالتزام تعليمات الوقاية الصادرة عن الجهات الرسمية، وطالبت أيضاً بالإفراج الفوري عن الناشط عامر حمدان وزملائه، وأكدت نقابة الأطباء أنها ستشكل لجنة طبية لمتابعة أوضاعهم الصحية.

بدورها، رأت مؤسسة الحق الفلسطينية، بناءً على إفادات الموقوفين الذين زارتهم، أن عمليات الاعتقال المتفرقة التي طاولت النشطاء واستهدفتهم شخصياً، هي أمر مدبر بشكل مسبق، وأن توجيه الاتهام إليهم بخرق حالة الطوارئ والتجمهر غير المشروع، هو استغلال لحالة الطوارئ المعلنة بشكل غير دستوري، ما يعزز من التخوفات التي أبدتها "الحق" في موقفها من تمديد حالة الطوارئ وتجديدها، واستغلالها لغايات غير مواجهة جائحة فيروس كورونا.

ورأت "الحق" أن تمديد محكمة صلح رام الله توقيف النشطاء لمدة (15) يوماً، يعزز من نظرية استخدام التوقيف الاحتياطي كعقوبة، وبخاصة استخدام الحد الأقصى للتوقيف في طلب التوقيف الأول المقدم من النيابة للمحكمة ومدته (15) يوماً.
وأكدت "الحق" أن استمرار توقيف النشطاء وفق الاتهامات المسندة إليهم بالتجمهر غير المشروع وخرق حالة الطوارئ، هو خلاف للوقائع الثابتة باعتقالهم بشكل فردي ومن دون وجود أي تجمع، ومناقض للغاية والهدف من حالة الطوارئ غير الدستورية، لكونه - وفق إفادة الموقوفين - يوضع عشرة موقوفين في غرفة لا تتجاوز مساحتها 2×3م، ويُنقَلون للمثول أمام النيابة العامة والمحكمة في حافلة يجلس فيها أكثر من 20 شخصاً بشكل متلاصق، من دون مراعاة معايير الوقاية والسلامة التي فرضتها الحكومة لمواجهة جائحة فيروس كورونا، وخلافاً للبروتوكول الصحي الخاص بالوقاية والسلامة، بما يتطلب الإفراج عن الموقوفين كافة والتوقف عن استخدام التوقيف كعقوبة، واحترام مبدأ سيادة القانون وكفالة الحق في حرية الرأي والتعبير.

استمرار توقيف النشطاء وفق اتهامات بالتجمهر غير المشروع هو خلاف لوقائع اعتقالهم بشكل فردي ودون وجود أي تجمع

وتأتي مطالبات المؤسسات والنقابات ومواقفها، تزامناً مع دعوة مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين في بيان صحافي، أمس الجمعة، للإفراج عن جميع المعتقلين لدى الأمن الفلسطيني على خلفية ممارسة حرياتهم الأساسية.
وعبّر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين، في بيان صحافي، عن قلقه البالغ إزاء اعتقال النشطاء في مكافحة الفساد من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية خلال الأسبوعين الماضيين.
ووفق البيان، فإنه منذ 7 يوليو/ تموز 2020، اعتُقل 24 شخصاً على الأقل، على خلفية نشاطاتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي أو نشاطاتهم المدنية، حيث اعتُقل بعضهم لأكثر من مرة، وأحدهم بشكل عنيف بينما كان يرافقه طفل صغير، وحتى تاريخ 23 يوليو/ تموز 2020، ما زال ثلاثة عشر منهم قيد الاحتجاز، فيما أعلن عشرة منهم الإضراب عن الطعام احتجاجاً على احتجازهم.
وأكد مكتب الأمم المتحدة أنه يجب على دولة فلسطين أن تحترم حرية الرأي والتعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمّع وفقاً لالتزاماتها الدولية بحقوق الإنسان، التي لا تزال سارية، على الرغم من إعلان حالة الطوارئ بسبب "كوفيد- 19".
ونبه إلى أنه "لا يجوز اعتقال أي شخص لتعبيره عن رأيه بصورة سلمية"، مشيرة إلى أن التحقيق في الخروقات المحتملة والمرتبطة بإجراءات الصحة العامة، مثل القيود على الحركة والتجمع والمعاقبة عليها، لا يجب أن يكون ذريعة لسلب الحرية.

وكانت محكمة صلح رام الله وسط الضفة الغربية قد مددت، الأربعاء الماضي، اعتقال 14 ناشطاً لمدة 15 يوماً لغايات التحقيق في التهم الموجهة إليهم، وهي، بحسب المحامي ظافر صعايدة من "مجموعة محامون من أجل العدالة"، التجمهر غير المشروع، ومخالفة قانون الطوارئ الذي كان قد أعلنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضمن جهود مكافحة كورونا. بينما أفرج عن عدد منهم لاحقاً، وبقي 12 معتقلين لدى الأمن الفلسطيني حالياً.

كذلك اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، الأحد الماضي، 19 من أعضاء الحراكات التي كانت تنوي تنفيذ مظاهرة وسط مدينة رام الله ضد الفساد (أفرج عن بعضهم لاحقاً)، وانتشرت قوات الأمن الفلسطينية في ميدان المنارة في رام الله مساء الأحد بالمئات، قبيل التظاهرة، وأغلقت مداخله بالسواتر الحديدية، فيما اعتقلت 3 آخرين بعد الوقفة، ليصل العدد إلى 22، وانتشرت مرة أخرى، الثلاثاء الماضي، لمنع تنظيم وقفة احتجاج على اعتقال النشطاء،  أُلغيت لاحقاً.

 

 

المساهمون