مطالبات بإلزامية الروضة في بلجيكا

04 أكتوبر 2019
المدارس الابتدائية تتحمّل ثمن عدم الالتحاق بالروضة (فرانس برس)
+ الخط -

في الأوّل من سبتمبر/ أيلول 2020، بالتزامن مع بداية العام الدراسي المقبل 2020 -
2021، يبدأ العمل بقرار خفض سنّ التعليم الإلزامي في بلجيكا من ستّة أعوام إلى خمسة، علماً أنّه كان قد اتّخذ قبل أشهر بعد نحو 15 عاماً من النقاشات البرلمانية حوله. واليوم، ثمّة مطالبات في البلاد بطرح الملف من جديد، وهذه المرّة بهدف خفض سنّ التعليم الإلزامي إلى ثلاثة أعوام. ففي خلال بضعة أيام في شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم، تقدّم الحزب الاشتراكي وكذلك الحزب الديمقراطي الفدرالي المستقل (ليبرالي) باقتراحَين يُضمّان إلى جدول أعمال البرلمان البلجيكي، وهدفهما خفض السنّ القانونية لالتحاق الأطفال بمرحلة الروضة إلى ثلاثة أعوام. يُذكر أنّ هذَين الحزبَين ناطقان بالفرنسية.

يقول الخبير البلجيكي أرنو تسيجر لـ"العربي الجديد" إنّه "بهدف فهم مثل هذه الأمور التي تبدو غريبة بالنسبة إلى غير البلجيكيين، لا بدّ من المعرفة بداية أنّ التعليم الإلزامي ينظّمه قانون صادر في عام 1983. في ذلك الوقت، عُدّلت القواعد القديمة السارية التي كانت تنصّ على إلزامية التعليم للجميع من سنّ السادسة إلى الرابعة عشرة، ومدّدت إلى سنّ الثامنة عشرة، مع بقاء مرحلة الروضة اختيارية". يضيف أنّ "مقترح القانون الجديد يسعى كذلك إلى جعل الالتحاق بمرحلة الروضة إلزامياً. وهذا أمر أشبه بثورة حقيقة في تاريخ التعليم المدرسي في بلجيكا". ويتابع أنّ "القرار القاضي بخفض سنّ التعليم الإلزامي إلى الخامسة حصل على المصادقة أخيراً على أن يدخل حيّز التنفيذ في سبتمبر/ أيلول المقبل، على الرغم من طرح الملف على طاولة المشرّعين منذ زمن طويل. بالتالي، فإنّ المقترح الجديد، على الرغم من أهميّته، سوف يستلزم بدوره وقتاً طويلاً قبل إقراره".




والمناقشات حول الموضوع استمرّت على مدى أعوام بين الأحزاب السياسية البلجيكية لأنّ ممثلي منطقة فلاندر (شمال) لم يروا أنّه من المفيد اعتماد تشريع لممارسة منتشرة بحكم العادة والواقع، فنحو 99 في المائة من أطفال الفلاندر الناطقين بالهولندية ملتحقون بمرحلة الروضة من دون أن يكون ذلك مفروضاً بالقانون. بالنسبة إلى نواب المنطقة، فإنّ إضافة تشريع جديد من شأنه فقط أن يزيد من الإجراءات الإدارية. يُذكر أنّ الناطقين بالفرنسيّة في منطقة والوني (الجنوب) لا يرسلون أبناءهم إلى المدارس قبل السنّ الإلزامية بالنسبة نفسها مثل مواطنيهم في منطقة فلاندر. ويوضح تسيجر أنّ "مسحاً أُعِدّ في عام 2015 شمل 1200 مدرسة في منطقة والوني، أظهر أنّ 97 في المائة من الأطفال دون الخامسة مسجلون بشكل رسمي في مرحلة الروضة في مؤسسات تعليمية، لكنّ 88 من المسجّلين فقط يقصدون المدرسة بانتظام، فيما تصل نسبة الحضور في بعض المناطق إلى نحو 50 في المائة. وهذا ما دفع سكان فلاندر الناطقين بالهولندية وسكان والوني الناطقين بالفرنسية (نصف سكان المنطقة ناطقون بالألمانية) إلى الاتفاق على سنّ الخامسة كسنّ إلزامية للتعليم".

وقبل وضع القرار الجديد قيد التنفيذ، يحلم كثيرون بالذهاب أبعد عبر مقترح القانون الجديد. ويقول النائب عن الحزب الديمقراطي الفدرالي المستقل، فرانسوا دو سمت، لـ"العربي الجديد" إنّ "الخبراء جميعهم وكذلك الدراسات تؤكّد أنّ فرض الالتحاق بمرحلة الروضة ابتداءً من ثلاثة أعوام صار أمراً ضرورياً". ويوضح أنّ "عدم الالتحاق بمرحلة الروضة يؤدّي سنوياً إلى ثمن باهظ تتحمّله المدارس الابتدائية. في الواقع، يتعرّض الأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة في سنّ متأخرة إلى مخاطر عدّة من قبيل عدم الاندماج سواء في المدرسة أو في المجتمع. وهذا يرتبط بتعلم اللغة الرئيسية التي ما زالت أساس اكتساب المعرفة". يضيف دو سمت أنّه "في الوقت الحالي، نتحدّث كثيراً عن المدرسة ثنائية اللغة، وهذا أمر جيّد. لكن، عندما يتعلق الأمر بالصغار، فإنّ النقاش الحقيقي اليوم هو حول اكتساب طلاقة في اللغة الفرنسية أو اللغة الهولندية، خصوصاً إذا كانوا لا يتحدّثون بهما في المنزل".




من جهته، يشدّد الحزب الاشتراكي على مسألة المساواة الاجتماعية، فتقول النائبة عنه صوفي تيمون لـ"العربي الجديد إنّه "لا بدّ أوّلاً من محاولة الحدّ من عدم المساواة الاجتماعية في التعليم. فمن المعروف أنّ كثيرين هم أطفال الأسر الفقيرة الذين لا يلتحقون بالمدرسة في سنّ مبكرة". تضيف: "بالتالي، فإنّ خلق شكل من الالتزام سوف يؤدّي إلى تعزيز التعليم، وفي الوقت نفسه يحصل الآباء على وقت إضافي لممارسة نشاطات مهنية".
دلالات