مصير دوما رهن المفاوضات: مسارات عدة للمهجرين من الغوطة

أمين العاصي

avata
أمين العاصي
25 مارس 2018
B24A8EFC-22A3-4705-9370-89733767ACDB
+ الخط -
مع تواصل تهجير سكان وأهالي الغوطة الشرقية لدمشق إلى الشمال السوري، وبدء عمليات نقل الدفعة الثانية من مقاتلي المعارضة والعائلات التي فضّلت الرحيل على البقاء تحت رحمة "اتفاقات مصالحة" بلا ضمانات بأن يلتزم بها النظام السوري وروسيا، يبقى مصير مدينة دوما التي لا تزال خاضعة لـ"جيش الإسلام" مرهوناً بنتيجة مفاوضات يجريها الفصيل مع موسكو، وسط تمسك "جيش الإسلام" بالبقاء في دوما، رافضاً الخروج إلى الشمال السوري. فيما تشير المعطيات إلى إمكان توصل هذا الفصيل إلى اتفاق للبقاء في المدينة، مع تحوّله إلى "قوات حماية شعبية" وقبوله بعودة مؤسسات النظام الخدمية إلى المدينة.

ولا تزال المفاوضات بين فصيل "جيش الإسلام" وروسيا غير واضحة المعالم، في ظل إصرار من هذا الفصيل على البقاء في مدينة دوما معقله البارز، إذ قال قائده عصام بويضاني في تسجيل صوتي بُث السبت إن فصيله "ثابت" ولن يخرج، معتبراً أن وجود مقاتليه بالقرب من دمشق نصر للثورة السورية وأنه يجب الحفاظ على هذه القوة.
وترجح أغلب المصادر أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق بين "جيش الإسلام" والجانب الروسي تتحول بموجبه مدينة دوما إلى منطقة "مصالحة" شبيهة بمدينة معضمية الشام في غوطة دمشق الغربية، بحيث تعود إليها مؤسسات النظام الخدمية والإدارية، مع بقاء مقاتلي "جيش الإسلام" كـ"قوات حماية"، من دون دخول قوات النظام إلى المدينة.

وفي هذا السياق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الأحد استمرار خروج المدنيين من مدينة دوما التي يسيطر عليها فصيل "جيش الإسلام"، في القسم الشمالي من الغوطة، إلى مناطق سيطرة النظام عبر مخيم الوافدين، بالتزامن مع مفاوضات بين هذا الفصيل وروسيا، في محاولة للتوصل إلى اتفاق نهائي حول مستقبل المدينة التي تضم عشرات آلاف المدنيين.
ونقل المرصد عن "مصادر موثوقة" أن المفاوضات "وصلت إلى مراحل متقدّمة"، مشيراً إلى أن الاتفاق يتضمن مواد تنص "على مغادرة الرافضين للاتفاق مدينة دوما من مدنيين ومقاتلين ونقلهم إلى القلمون الشرقي، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة دوما وتثبيت مقرات ونقاط لها داخلها، وبقاء الموافقين على الاتفاق داخل المدينة، على أن تعود الدوائر الرسمية التابعة للنظام إلى العمل داخل مدينة دوما"، وفق المرصد.

وكان المرصد قد أشار السبت إلى أنه من المتوقع عقد "أكبر صفقة بين جيش الإسلام والنظام، عبر إفراج الجيش عن آلاف المختطفين والأسرى لديه في سجن (التوبة)، ومعتقلاته الأخرى، مقابل إخراج النظام آلاف الجرحى والحالات المرضية ونقلهم لتلقي العلاج ضمن اتفاق بضمانة روسية". وأشارت قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري إلى أنه تم بالفعل "القضاء" على تنظيم "جبهة النصرة" في الغوطة الشرقية، مشيرة إلى أن القوات الروسية في سورية حاولت إنهاء وجود "التنظيم بالأساليب السلمية دون جدوى"، وفق القاعدة.

وفي السياق نفسه، ذكر التلفزيون الرسمي السوري التابع للنظام أن النقطة الرئيسية في الخلاف حول مصير عناصر "جيش الإسلام" خلال المفاوضات القائمة، تتمثل في الوجهة التي يجب أن يخرج إليها هؤلاء في حال لم يقبلوا بـ"تسوية أوضاعهم" وأرادوا الخروج من دوما. كذلك نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن "مصدر أمني" تابع للنظام السوري قوله إن "الحسم العسكري للجيش السوري في دوما قد حُيّدَ بشكل كبير نظراً لوجود مخطوفين بيد جيش الإسلام"، مشيراً إلى أن "المفاوضات بين جيش الإسلام والجانب الروسي تخضع لكثير من الاعتبارات التقنية وهي شاقة ومضنية وحساسة جداً".

في موازاة ذلك، بدأت أطراف في المعارضة تتبادل الاتهامات حيال ما جرى في الغوطة الشرقية، فيما أشار رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني السوري أحمد رمضان، في تغريدة له على "تويتر"، إلى أن الائتلاف "لم يُصدر أي تصريح، أو بيان" بتحميل فصيلي "جيش الإسلام" أو "فيلق الرحمن" مسؤولية ما حدث في الغوطة.

في المقابل، شن المتحدث باسم "فيلق الرحمن" وائل علوان، في تصريحات تلفزيونية، هجوماً على فصيل "جيش الإسلام"، محمّلاً إياه مسؤولية سقوط بلدات كاملة في الغوطة "بشكل مفاجئ من دون معارك حقيقية" خلال 12 ساعة، منها النشابية، والمحمدية، وأوتايا، وبيت نايم، والشيفونية، مضيفاً: "هذا الأمر تسبّب بتضعضع كامل في بقية القطاعات العسكرية"، وهو ما أدى إلى تقسيم الغوطة إلى ثلاثة أقسام. وأشار علوان إلى أن الجانب الروسي فرض مبدأ مفاوضة فصائل المعارضة السورية في الغوطة كل على حدة، رافضاً التفاوض مع وفد موحد من الفصائل كافة، كما رفض تدخّل هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية.

وأوضح علوان أن "جيش الإسلام" طرح "تسوية كاملة" تخص الغوطة الشرقية، مشيراً إلى أن الإجابة الروسية ستكون اليوم الإثنين، واصفاً قيادة فصيل "جيش الإسلام" بأنها "رعناء وغير مسؤولة"، مذكّراً بصمود مقاتلي "فيلق الرحمن" في حي جوبر وعين ترما، ومضيفاً أن "فيلق الرحمن طُعن من ظهره" من الجبهات التي من المفترض أن يرابط فيها فصيل "جيش الإسلام".


في غضون ذلك، تتواصل عمليات تهجير سكان وأهالي الغوطة الشرقية، وتوزعت العائلات في جهات عدة، إذ اتجه بعضها إلى مراكز إيواء تابعة للنظام، فيما فضّل البعض البقاء في الغوطة، واتجهت عائلات أخرى إلى الشمال الغربي السوري. وأشارت وكالة "سانا" التابعة للنظام أمس الأحد إلى بدء عملية خروج الدفعة الثانية من مقاتلي المعارضة الذين كانوا في حي جوبر الدمشقي، وبلدات عربين وعين ترما وزملكا، إلى إدلب، مشيرة إلى أن 9 حافلات كانت ستنقل 503 أشخاص من الغوطة أمس.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنه خرج حتى السبت نحو 132 ألف مدني عبر المعابر إلى مناطق سيطرة قوات النظام في الغوطة الشرقية، بينما بقي ما لا يقل عن 37 ألف مدني في بلدات كفربطنا وعين ترما وسقبا التي سيطرت عليها قوات النظام.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن خروج المدنيين من مدن وبلدات الغوطة الشرقية لا يزال متواصلاً من خلال "المعابر الإنسانية". وقالت الوزارة في بيان إن أكثر من 1700 مدني غادروا السبت مدينة دوما عبر الممر الإنساني في مخيم الوافدين، مشيرة إلى أن أكثر من 23 ألف شخص غادروا مناطق في الغوطة الشرقية عبر هذا المعبر فقط منذ نهاية فبراير/ شباط الماضي. وأكدت الوزارة أن عدد الذين خرجوا من الغوطة الشرقية منذ بدء الهدنة الإنسانية من جميع الممرات حتى الآن بلغ 106182 شخصاً، مشيرة إلى خروج 988 من مقاتلي المعارضة السبت من بلدة عربين ونقلوا إلى محافظة إدلب في الشمال السوري.

إلى ذلك، وصلت صباح أمس الأحد، الدفعة الأولى من مُهجّري القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، إلى قلعة المضيق في ريف حماة، بعد تأخّر دام ساعات. وأشارت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "سبع عشرة حافلة تضمّ نحو ألف مدني ومقاتل من الفيلق، خرجت من مدينة عربين في قلب الغوطة، إلى منطقة حرستا، على الأوتوستراد الدولي قرب مبنى الموارد المائية عند مدخل دمشق الشمالي ووصلت إلى الشمال السوري". وأوضحت المصادر أن "سبب عدم مغادرة الحافلات منذ السبت يعود إلى انتظار اكتمال العدد ليتم نقلهم بعدها"، مشيرة إلى أنّ "الدفعة الأولى تضم ستة آلاف شخص، بين مقاتلين ومدنيين، ممن رفضوا المصالحة مع النظام، وفضّلوا الخروج إلى شمال سورية".

ويشمل الاتفاق خروج المدنيين والمقاتلين الرافضين للمصالحة مع النظام، ليتوزّعوا على قرى وبلدات محافظة إدلب. وينصّ الاتفاق على وقف إطلاق النار في بلدات القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، وهي حزّة، وعربين، وعين ترما، ووادي عين ترما، وحي جوبر الدمشقي، وهي المناطق التي كان يسيطر عليها "فيلق الرحمن" الذي وقّع الاتفاق. وأوضحت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن مهجري الغوطة الشرقية ينزلون من "باصات النظام" في منطقة قلعة المضيق شمال غربي حماة، ليصعدوا في "باصات تابعة للمعارضة" حيث يتم نقلهم إلى مخيمات في ريف حلب الغربي، وفي ريف إدلب "إقامة مؤقتة" منها مخيم ميزناز، وساعد، مشيرة إلى أن القادمين من الغوطة لهم بعد ذلك حرية البقاء في المخيم، أو التحرك في مناطق المعارضة في الشمال والشمال الغربي.

وأكدت المصادر أن عائلات من الغوطة من المتوقع أن تنتقل إلى مناطق "درع الفرات" في شمال شرقي حلب، كما لم تستبعد نقل عائلات إلى منطقة عفرين، مضيفة: "عفرين منطقة كبيرة يمكن أن يستوعب ريفها بعض مهجري الغوطة الشرقية، ولكن ليس على حساب أهل عفرين". ويرجّح محللون ومتابعون للشأن السوري أن ينضم مقاتلو "فيلق الرحمن" الخارجين من الغوطة إلى قوات المعارضة السورية التي توجد وتنشط حالياً ضمن مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون".

ذات صلة

الصورة
من ضربة روسية في إدلب، أكتوبر 2024 (عزالدين قاسم/الأناضول)

سياسة

بدأت "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة السورية، معركة واسعة النطاق غربي حلب ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية، وجهّزت لها عسكرياً وإعلامياً.
الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.