مصفف شعر البرجوازيّات المتواضع

مصفف شعر البرجوازيّات المتواضع

03 ديسمبر 2014
مصفف الشعر المتواضع يستقبلك بابتسامة (Getty)
+ الخط -

قصّتي مع مصففّ شعري مميّزة. تعرّفت إليه منذ ما يقارب الثلاث سنوات. لم يغريني صالونه الذي يقع في منطقة بيروتية برجوازية، ولكن نوعية الزبائن جعلت من محاولاتي لتجاهل الطبقيّة الموجودة مهمّة مستحيلة.

اخترت مصفف الشعر الأفضل بنظري، حيث أنّ الأسعار مقبولة واليد الخضراء غير المُسمّة للشعر (كما يقال باللبناني). عندما كنت في الثامنة من عمري، ساءت علاقتي مع مصففي الشعر الأقدم، إذ "خرط" لي أحدهم كميّة كثيفة من شعري الطويل، فاستعاض عنه بقصة "كاريه" بوجود والدتي التي اشتعلت غضباً ولم تتردد بالصراخ عليه. ذكرى بقيَت راسخة في ذهني.

وبالعودة إلى مصفف شعري الحالي، توالت الأيام واستمر صالونه بالازدهار، كثرت السيدات الخمسينيات البرجوازيات وتنوّعت الوجوه وبقيَت روحه المتواضعة على حالها. يستقبلك بابتسامةٍ، يشدد على أهمية مهنتي الصحافية من خلال اقتناص الفرص لمناقشة الأوضاع الحالية التي لا تخلو من الدمار والدماء.

يصفف شعري بطريقة بسيطة لا تشبه التصنّع بشيء. أدفع الحساب، أودعه وأخرج. لكن قصة مصفف الشعر المتواضع هذا لا تقتصر على شعري فقط. ولدهشتي، تبيّن أنّ ثلاثة مصففي شعر من أصل أربعة في تلك المنطقة البرجوازية معروفون بتواضعهم وعملهم المشترك حتى، بعكس الصالونات الأخرى.

يوم ساءت أحوال مصفف شعري اضطرّ إلى إقفال الصالون الكبير، والبحث عن مساحة أصغر في المنطقة نفسها. فتح له جاره (مصفف شعرٍ أيضاً) صالونه واستقبله مع زبوناته. وعندما استعاد مصفف شعري حيويته المادية، بات الصالونان متلاصقين. يلقيان التحية على بعضهما البعض يومياً، ويتبادلان النكات عن زبونة مصفّفي المميزة: شقيقة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فتعلو الضحكات خلال استراحتهما كلٌّ أمام صالونه.

لنْ أخفي عنكم سراً، هذه حكايةٌ حقيقية عن شخصيْن يفترض أن يتنافسا على اصطياد الزبونات، إلا أنهما قرّرا سلوك طريق مختلفة عن زبوناتهنّ البرجوازيات، فتميّز مصفف شعري وجاره بالتواضع.. في أكثر المناطق البيروتية برجوازيةً.

دلالات

المساهمون