مصر لا تتحدث عن نفسها

مصر لا تتحدث عن نفسها

30 اغسطس 2014
+ الخط -


منذ أن وحّد الملك مينا القطرين في مصر، عام 3200 قبل الميلاد، وتكونت حكومة واحدة تحكم المصريين، عرف المصريون الإيجابية في مساندة رؤسائهم وحكامهم من دون استثناء، ووقف المصريون بجانب الزعماء الأوفياء، وساندوا الحكام الطغاة. ويعود ذلك، في المقام الأول، إلى نشأة مصر الأولى أرضاً زراعية، تعلم فيها المصريون كيف يحترمون الكبير، ويعملون ألف حساب للحاكم، أو من يمثله، ولو كان خفير القرية.

على الرغم مما تعرض له المصريون من مظالم وفترات حكم ظالمة واغتصاب للثروات وتأميم للممتلكات ونهب قصور وثروات أمراء وأغنياء مصر، وإفساد للأخلاق وهتك للأعراض، على نحو لم يفعله حتى عتاة المستعمرين الإنجليز والفرنسيين. وتعرض المصريون أيضاً، لأعمال السخرة والطغيان، منذ استغلالهم في بناء مقابر الفراعنة المسماة الأهرامات، ومروراً بشق قناة السويس، تحت سوط الجلادين، وفي ظروف مناخية عصيبة، حيث مات نتيجة لذلك عشرات ألوف المصريين، ودفنوا سواء تحت أحجار الأهرامات أو تحت مياه قناة السويس، ثم جاءت ثورة يوليو 1952، وعصفت بالقضاة، وعزلت منهم من لم يطع تنفيذ توجهاتها السياسية، وعيّنت صغار الضباط الموالين للثورة في مناصب عليا، وفي إدارة شركات ومصالح كبرى، لا تتناسب ومؤهلاتهم البسيطة، ففشلت خطط التنمية. وقد حذر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من ذلك، حينما قال (من ولي من أمر المسلمين شيئاً فأمر عليهم أحداً محاباة، فعليه لعنة الله لا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم) رواه الإمام الحاكم النيسبوري.

وعانى المصريون كثيراً من زوار الفجر الذين انقضّوا على البسطاء من الناس، ونزعوهم من فرشهم، وألقوا بهم في غياهب السجون والمعتقلات. تولدت في النفوس كراهية وبغض شديدان لكل ما ينتمي إلى الثورة، بمن فيهم عبد الناصر نفسه، ولم يعد التفاوت الطبقي بين غني وفقير كما يؤكده علم الاجتماع. بل أصبح في مصر بين طبقتي ضباط الجيش وعامة الشعب، فلم يعد للمثقفين دور، ولا للمفكرين هوية، ولا للعلماء مزية.

avata
avata
كمال عوض (مصر)
كمال عوض (مصر)