مصر في مالمو: تحريض على مُشاهدة سينمائية

مصر في مالمو: تحريض على مُشاهدة سينمائية

01 أكتوبر 2018
ريم صالح في مهرجان مالمو 2018 (فيسبوك)
+ الخط -
الاحتفال بمصر في مهرجان سينمائي عربي في الغرب عاديٌ للغاية. السينما المصرية حاضرة في وعي جماعي متنوّع الإقامة والاهتمام. لن يكون نافعًا القول ـ هنا الآن ـ إنها مُصابة بأعطاب، يحاول سينمائيون شباب عديدون إصلاحها بأفلامٍ تخرج على العاديّ والاستهلاكي والتجاري، وتذهب بعيدًا في الاختبار والتجريب. ذلك أنها سينما شعبية، فهي قادرة على التمدّد الجماهيري في أصقاعٍ عربية كثيرة، وفي بيئات عربية اغترابية كبيرة. 

حاجة مهرجان عربي إلى سينما مصرية مُلحّة ودائمة. فالمهرجان يحاول عبرها ومعها تقليص الهوّة القائمة بينه وبين الناس. ربما يكون المغتربون أكثر اهتمامًا بها من المقيمين في بلادهم. لكن المهرجان منحازٌ دائمًا إلى اشتغالات تجذب عربًا إلى مقرّه وصالات عرض الأفلام المختارة في دوراته السنوية. هذا طبيعيّ. فرغم ازدياد عدد الأفلام العربية غير المصرية أهمية وعمقًا وثراءً وصدامًا وسجالات، إلاّ أن للسينما المصرية تأثيرًا أبلغ وأقوى في النفوس والمشاعر.

السينما المصرية وحدها غير كافية. النجوم أساسيون ومطلوبون أكثر من الأفلام. مهرجان عربي في أوروبا أو أميركا أو في أي بقعة جغرافية اغترابية أخرى غير قادرٌ على تحقيق "نجاح" ما من دون نجومٍ، يبدو أن مغتربين كثيرين مرتبطون بهم في عيشهم البعيد عن بلدانهم. النجوم ضوءٌ يريده المهرجان لدوراته كلّها. النجوم المصريون أكثر العرب حضورًا وطلبًا. هذا ما يفعله كلّ مهرجان عربي في الداخل كما في دول الاغتراب. وهذا ما يفعله "مهرجان السينما العربية في مالمو" (السويد) في دورته الـ8، المُقامة بين 5 و9 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، باختياره السينما المصرية "ضيف شرف". أي أن الدورة المقبلة هذه خاضعةٌ لنتاجٍ سينمائيّ مصريّ لن يكون كلّه متساويًا في جمالياته واشتغالاته، لكنه يُشكِّل على الأقلّ دعوة مغرية لجمهور ـ مصري وعربي مُقيم في مالمو أو في مدن سويدية أخرى ـ إلى متابعة الأيام الـ5 تلك.



تُدعى السينما المصرية كـ"ضيف شرف". حفلتا الافتتاح والختام تشهدان عرضين لفيلمين مصريين جديدين، هما "طلق صناعي" لخالد دياب و"عيار ناري" لكريم الشناوي. برنامج "ليال عربية" يتضمّن فيلمين آخرين هما "بلاش تبوسني" لأحمد عامر و"فوتوكوبي" لتامر عشري. مسابقة الأفلام الروائية الطويلة تضمّ فيلمًا واحدًا هو "ورد مسموم" لأحمد فوزي صالح، ويُعرض فيلمٌ واحدٌ في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة هو "الجمعية" للّبنانية ريم صالح (إنتاج مصري). في الوثائقي القصير فيلمان اثنان: "مانيكير" لمحمد حمودة و"النحت في الزمن" ليوسف ناصر؛ وفي الروائي القصير فيلم واحد هو "مارشدير" لنها عادل.
هذا تنويع يعكس جوانب مختلفة من صناعة السينما المصرية الجديدة. شبابٌ متحمّسون للغة الصورة وتفاصيل التعبير البصري، ومشتغلون في ابتكار أنماطٍ جديدة ترتكز على الحفر عميقًا في أحوال أفراد مقيمين في بيئات مصرية تعاني مصائب ومواجع وتبدّلات قاسية. الكوميديا المبسّطة حاضرة بسخريتها الجميلة، والرومانسية الهادئة فاعلةٌ بلكنتها المتواضعة، والاضطرابات الاجتماعية موجودة بتوثيقٍ أو متخيّل ينهلان من الواقع ما يُعين السينمائيّ على تحقيق نتاجٍ يحرّض على النقاش.

هذه اختبارات تبدو كأنها تدفع إلى الأمام حركةً إنتاجية تُجدِّد في آلية التعامل مع حدث أو حبكة أو مناخٍ أو حالة. الواقعية فعلٌ سينمائيّ، بما فيها من تساؤلات وارتباكات ومشاغل؛ والماضي يُشغل بال سينمائيين مهمومين في فهم تحوّلات الحاضر.

المساهمون