مصر على خطّ المصالحة الخليجية بطلب سعودي

مصر على خطّ المصالحة الخليجية بطلب سعودي

20 نوفمبر 2014
أيّدت مصر كل ما ورد في البيان السعودي (الأناضول)
+ الخط -


جاء البيان الذي أصدره الديوان الملكي السعودي، أمس الأربعاء، في صيغة تصريح للعاهل السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، مؤشراً لما يمكن اعتبارهما مسألتين لهما أهميتهما، لتمتين المصالحة الخليجية. والمسألتان، كما اتضحتا في البيان الملكي السعودي، تتعلقان، أولاً بدور وسائل الإعلام في حماية هذه المصالحة، فتكون "مُعينة في تحقيق الخير ودافعة للشر"، حسبما تقتضيه المصالح العليا، ليس لشعوب دول مجلس التعاون الخليجي فقط، بل أيضاً لمصلحة الشعوب العربية والإسلامية، على ما ذكر البيان.

ويعني هذا التشديد من الملك عبد الله بن عبد العزيز رهاناً على "دور إيجابي" مرتقب لوسائل الإعلام الخليجية، والعربية تالياً، تقوم به، في صيانة الأجواء الخليجية من أي تأزيم أو توتير، أو تضخيم لأي اختلافات وخلافات. ويتجلّى الأمر الآخر، في إشارة الملك السعودي في تصريحه إلى مصر، وإلى حرص قادة دول الخليج في اجتماع الرياض على الوقوف إلى جانبها.

ويوحي البيان بأن أحد أهم الأسباب الجوهرية التي أشعلت الأزمة الخليجية، وأدت إلى سحب الرياض والمنامة وأبوظبي سفراءها من الدوحة في مارس/آذار الماضي، هو التباين بين السياسة الخارجية للعواصم الثلاث، ومنظورها تجاه التطورات التي استجدّت في مصر منذ أكثر من عام.

مع العلم أن الدوحة لم تعلن، في أي تصريح أو بيان، موقفاً معادياً من السلطة التي تولّت الحكم في مصر بعد الثالث من يوليو/تموز 2013، ولم تتحدث عن انقلاب عسكري، بل أكدت مساندتها خيارات الشعب المصري.

وإذ توجّه البيان الملكي السعودي، بمناشدة إلى مصر، شعباً وقيادة، للسعي مع دول مجلس التعاون، من أجل إنجاح خطوة التوافق الخليجي التي من شأنها تدعيم "مسيرة التضامن العربي"، فذلك يؤكد، وبشكل قطعي، أن الملف المصري كان مركزياً في الأزمة الخليجية التي احتدمت منذ ثمانية أشهر. وهو ما كانت الدوحة تؤشر إليه، وأوضحته في بيانها الذي عقّبت فيه على بيان السعودية والبحرين والإمارات الثلاثي في حينه، في الرابع من مارس/آذار الماضي، وأعلنت فيه الدول الثلاث سحب سفرائها من الدوحة.

ويلحّ الملك عبد الله ثانية، في هذا الإطار، على دور "قادة الرأي والفكر ووسائل الإعلام" في دول الخليج، وفي مصر، ويقول إنه على يقين من أن هؤلاء "في دولنا، سيسعون لتحقيق هذا التقارب الذي تهدف منه، بحول الله، إلى إنهاء كل خلاف، مهما كانت أسبابه".

وليس خافياً ما دأبت عليه وسائل إعلام مصرية من تشنيع مفرط وشطط في التأليب والتحريض والتشويه، في حملات استهدفت دولة قطر وغيرها، تجاوزت حدود المعروف من حرية الرأي والتعبير. وعلمت "العربي الجديد" أن "القيادة القطرية ذكرت ما استهدفها، وما استهدف بلادها في ذلك كله، عند إثارة المسألة الإعلامية وتناول وسائل إعلام قطرية الموضوع المصري". وبدا أن القاهرة حريصة تماماً على التجاوب مع المطلب السعودي، الذي أعلنه الملك عبد الله بن عبد العزيز نفسه، ما يجعله مطلباً له أهميته البالغة.

وظهر ذلك في إصدار الرئاسة المصرية بياناً، عقب ساعات على بيان الديوان الملكي السعودي، أكدت فيه أن "مصر، شعباً وقيادة، على ثقة كاملة من أن قادة الرأي والإعلام العربي سيتخذون منحى إيجابياً جاداً وبنّاءً، لدعم وتعزيز وترسيخ هذا الاتفاق، وتوفير المناخ الملائم لرأب الصدع". وجاء في البيان أن "مصر تؤكد على تجاوبها مع دعوة العاهل السعودي الصادقة، والتي تمثل خطوة كبيرة على صعيد مسيرة التضامن العربي".
وبانتظار التطورات اللاحقة، على صعيد أداء وسائل الإعلام الخليجية والمصرية، وفيما يتعلق بتمتين المصالحة الخليجية والنأي بها عن كل ما يؤثر عليها سلباً، فإن الرهان الأوضح سيكون على نجاح قمة دول مجلس التعاون في الدوحة، والمقرر عقدها في التاسع من الشهر المقبل.

ويبدو أن الأمور تُشجّع على التفاؤل، إذ تعكس التهاني المتبادلة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والاتصالات الثنائية التي جرت، بعد اجتماع الرياض، روحاً إيجابية جديدة، بين دول المجلس، بعد أزمة سياسية طالت كثيراً، وتشعّبت، وبدا أن لا مخرج منها، في وقت تمرّ فيه المنطقة بظروف وأوضاع معقّدة وصعبة، باتت تهدد مستقبلها. ودلّت على الروح التوافقية، رسائل تهنئة بعث بها نائب رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى قادة دول مجلس التعاون "بنجاح الجلسة الاستثنائية التي أقيمت في الرياض"، وتأكيدهما على تعزيز مسيرة مجلس التعاون وتحقيق الاستقرار والتنمية للمنطقة وأبنائها، التي توصّل إليها اتفاق "تكميلي" في الرياض، في أثناء استضافة الملك عبد الله قمة خليجية موسعة، غابت عنها مسقط، وشارك فيها ملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وأميرا الكويت وقطر، الشيخ صباح الأحمد الصباح والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونائب رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد.

وفي تأكيد على تحقيق المصالحة الخليجية، وأن سحابة الصيف زالت من سماء دول المجلس، عاد السفير السعودي، عبد الله العيفان، إلى الدوحة، أول من أمس الثلاثاء، وتقررت عودة السفير البحريني، وحيد سيار مبارك، اليوم الخميس، تطبيقاً لاتفاق الرياض التكميلي، وبانتظار أن تسمي دولة الإمارات سفيراً جديداً لها، بعد انتهاء مهمة سفيرها السابق في الدوحة، تكون هذه الصفحة قد طويت.