"نعلن نحن الموقعين أدناه، أفرادًا ومؤسسات، عن رفضنا الكامل للتعدي السافر الذي تمارسه الحكومة المصرية على التراث والذاكرة الجمعية للمصريين، المتمثل فى قرار هدم المبنى المعروف إعلامياً بمبنى الحزب الوطنى المنحل"..
كانت هذه مقدمة "عريضة" التوقيع الشعبي ضد هدم الحزب الوطني المنحل، المنتشرة إلكترونيا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت الحكومة المصرية قد بدأت فعليا في هدم مقر الحزب الوطني على كورنيش النيل بالقاهرة، في 31 مايو/ أيار الماضي، تنفيذاً لقرار بهدم المبنى، الذي لم يعد يصلح إنشائيا للاستخدام أو الترميم، بحسب الحكومة.
ويطل المبنى على النيل، ويحمل رقم 1113 شارع كورنيش النيل، بجوار المتحف المصري ومبنى جامعة الدول العربية، كجزء من الواجهة التاريخية والسياسية لذاكرة هذا الموقع.
وسبق تسجيل المبنى لقيمته التاريخية والمعمارية تحت رقم 03180001204 بقائمة المباني ذات القيمة الخاصة بالقاهرة، والمعتمدة من الجهات المعنية والمختصة حسب قانون 144 لسنة 2006م، وقد أنشئ المبنى في عام 1959م كمقر لبلدية القاهرة، ثم تحول إلى مقر الاتحاد الاشتراكي العربي في فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، ثم أصبح مقرا للحزب الوطني المنحل وبعض المجالس القومية المتخصصة لاحقا، حتى أحرقه مواطنون غاضبون يوم جمعة الغضب، إبان ثورة يناير.
وأكد الموقعون على العريضة، رفضهم لهدم المبنى لما يمثلُه من قيمة تاريخية ومعمارية ودور في الذاكرة والتراث الجمعي لهذا المجتمع وأحداثه.
اقرأ أيضا: مصر تهدم مقر الحزب الوطني.. توقعات لـ"مقر الإخوان"
وتناولت العريضة بشكل تفصيلي أسباب رفض قرار الهدم، والتي من بينها، إضافة للأهمية والقيمة المعمارية للمبنى؛ ما يمثله المبنى من أهمية وقيمة رمزية وتاريخية كبرى، كأحد أهم الرموز الشاهدة على ثورة 25 يناير، والتي خرج ملايين المصريين فيها اعتراضا على فساد وانتهاكات سياسات النظام السابق والحزب الوطني المنحل -الحاكم آنذاك-، ما نجم عنه احتراق المبنى فيما عُرف بجمعة الغضب 28 يناير/ كانون الثاني 2011.
وهو ما يجعل المبنى بهيئته الحالية أحد المواقع الهامة للضمير والذاكرة، والتي تساهم في حفظ الوعي الجمعي لهذا الشعب حول ما تعرّض له من انتهاكات جسيمة وجرائم ضد حقوق الإنسان، كما شهد المبنى وقاعاته العديد من الأحداث والمواقف السياسية خلال ما يزيد عن نصف قرن لاسيما في ستينات القرن الماضي"..
وقالت الوثيقة كذلك إن للمبنى أهمية سياسية وتاريخية؛ باعتباره شاهدًا على العديد من الأنظمة السياسية الحاكمة ومقرا ومركزا لكثير من الأحداث التي سجلها التاريخ المصري المعاصر.
ووصفت العريضة الإجراءات الرسمية التي أدت لقرار الهدم بأن بها "شبهة المخالف للقانون"، وأن اللجنة التي أوصت بحذف المبنى من قائمة المباني ذات الخصوصية، هي "لجنة غير مختصة بالأساس، وأن الطلب المقدم بهذا الشأن من غير ذي اختصاص".
ونوهت العريضة إلى أن هناك تقريرا فنيا للجنة تشكلت بتكليف من وزير الإسكان السابق للمركز القومي لبحوث الإسكان والبناء لدراسة سلامة المبنى، وانتهت اللجنة المكلفة بالدراسة إلى أن تقرير اللجنة أوصى بهدم مبنى الطابقين المخصص في السابق للحزب الوطني، وسقفه منهار حاليا.
كما أوصى ذات التقرير بالحفاظ على المبنى الرئيسي بطوابقه الإثني عشر، وترميمه وإعادة توظيفه، وذلك كما جاء صراحة في التقرير لسلامته إنشائيا.
اقرأ أيضا بالفيديو: هدم مبنى الحزب الوطني المصري.. وتبقى جرائمه
وطالب الموقعون الحكومة المصرية والجهات المعنية، بتحمل مسؤولياتها التي نصّ عليها القانون والدستور في حماية المباني التي لها قيمة تراثية، مؤكدين على ضرورة التراجع فورا عن قرار الهدم والإجراءات التي اُتخذت في ضوئه، وإعادة المبنى إلى قائمة المباني المسجلة ذات القيمة، و"فتح حوار مجتمعي جاد وحقيقي حول بدائل إعادة استخدام المبنى، باستقصاء كافة الحلول الممكنة التي تمكننا من إعادة استغلال المبنى مع الحفاظ على ما يمثله من قيمة".
للاطلاع على العريضة: عريضة التوقيع الشعبي ضد هدم مبنى الحزب الوطني
اقرأ أيضا: 3 أعوام على حل "حزب مبارك"..احترق المبنى وانتعشت سياساته