مصر - روسيا: ملاطفة الاستشراق

مصر - روسيا: ملاطفة الاستشراق

01 أكتوبر 2015
(لوحة للمستشرق الروسي ألكسندر روسوف)
+ الخط -

بأشكاله المتعدّدة، لا يزال الاستشراق يشتغل على قدم وساق، متخذاً مسالك عدّة، بدءاً من الفن والأدب، وليس انتهاءً بالبعثات والمؤتمرات. مرّة يتخفّى خلف تمسيات أخرى، ومرّات يتحدّث بشكل مباشر، وهو في كل الحالات، استشراقات؛ فرنسي وبريطاني وألماني وأميركي أو غيره.

لعل المؤتمر الذي دار في اليومين السابقين، في القاهرة، يعبّر عن شيء من كل هذا. مؤتمر "المستشرقون الروس والثقافة العربية" عُرض فيه 26 بحثاً، وإن اهتمت بالأدب والفن بالخصوص، إلا أنّها لم تخلُ من التقاطعات السياسة؛ إذ يبدو أنّ "التقارب" المصري الروسي ألقى بظلاله على توجّه المؤتمر.

دارت الجلسات العلمية في "دار الكتب والوثائق القومية"، و"المركز الروسي للثقافة والعلوم"، وقد جرى التحضير للمؤتمر الدولي الثاني منذ شهر تقريباً، بإعلان "المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم" عبر موقعها الإلكتروني بدأ تلقّي الأعمال المشاركة. وهذه هي الدورة الثانية، حيث انعقدت الأولى في 2013 بعنوان "العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا في التاريخ المعاصر".

تطرّقت كافة البحوث المُقدَّمة في المؤتمر إلى الشأن الثقافي وتاريخ وتطوّر الاستشراق الروسي، وركّز المحاضرون على سير وإسهامات المستشرقين الروس في الثقافة العربية.

من أبرز البحوث التي قدّمت في هذا الإطار، "القرآن فى الدراسات الاستشراقية" للباحث التونسي محمد الباردي، والتي يخلُص فيها إلى أن الدراسات الاستشراقية للقرآن، بوصفه ظاهرة ثقافية، أثبتت أن النص الديني يمكن تناوله أنثروبولوجياً، وربَط الحدث القرآنى بالأحداث التي رافقته تاريخياً وأحاطت به، كما فعل المستشرق الروسي إفيم رازفان في كتابه "القرآن وعالمه"، والذي أثّر حتى على تناول مفكّرين مسلمين لهذه المرحلة، منهم هشام جعيط في تأريخيه لـ "الإسلام المبكر".

الفكرة الرئيسية التي دارت في فلكها معظم المحاضرات هي وجود فرق بين الاستشراق الروسي والاستشراق الأوروبي؛ حيث ارتبط الثاني بحركة الهيمنة الاستعمارية، فيما كان الأول قائماً على الفضول المعرفي والثقافي.

يمكن الإشارة هنا إلى أن هذه الأطروحات لم تمر عبرها إشارات نقدية، كالتي تفنّد عدم استعمارية الاستشراق الروسي، ويمكن إثبات ذلك عبر عنوان السياسة الخارجية للقياصرة المعروف بـ "الحلم بالمياه الدافئة".

عموماً، خلت البحوث والنقاشات من أي تطرّق إلى السياسة، عدا بعض المجاملات البروتوكولية التي يمكن وضع مجمل المؤتمر تحت يافطتها.


اقرأ أيضاً: كهنة علم المصريّات في فلورنسا

المساهمون