Skip to main content
مصر تقصر الطعن على العقود الاستثمارية على الحكومة والمستثمر
الدوحة - أمير محمد

قال مصدر في مجلس الوزراء المصري، إن بلاده أقرت تعديلات على قانون الاستثمار، بما يقصر حق الطعن على العقود الاستثمارية على الحكومة والمستثمر فقط، الأمر الذي يغلق الباب أمام أي طرف أخر، للطعن على الصفقات، لاسيما بيع شركات أو أصول مملوكة للدولة لمستثمرين محليين وأجانب، حسب محلل اقتصادي.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، وفقا لوكالة رويترز اليوم الاثنين، أن الحكومة أقرت هذه التعديلات يوم الأربعاء الماضي، وتم رفعها لرئاسة الجمهورية للموافقة النهائية عليها.

وقال:" عدد كبير من العقود التي صدرت أحكام بفسخها، مثل الشركات التي تم بيعها إلى مستثمرين كانت بدعوات من أطراف ثالثة. .. هذا هو سبب إجراء التعديلات".

وأصدر القضاء الإداري في مصر، منذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، أكثر من 11 حكما، بينها أحكام نهائية، طالبت الدولة باسترداد شركات، تم بيعها في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، قال القائمون على هذه الدعاوى إنه تم بيع هذه الشركات بثمن بخس، كما أن عملية البيع تشوبها عمليات فساد، فيما يشير محامون إلى أن المحاكم تنظر عشرات الدعاوى المماثلة.

ووضعت الأحكام القضائية المتوالية ببطلان بيع شركات حكومية إلى مستثمرين محليين وأجانب، الحكومة المؤقتة الحالية في مأزق تنفيذ هذه الأحكام، وسط توقعات بامتداد أثارها إلى خطط جذب الاستثمارات في الفترة المقبلة، فضلا عن تدبير موارد مالية لدفع تعويضات محتملة للمستثمر حال لجوئه للتحكيم الدولي.

وكان أسامة صالح وزير الاستثمار المصري في حكومة حازم الببلاوي قال في وقت سابق من شهر فبراير/شباط الجاري، إن مصر نجحت في تسوية نزاعات مع 80 مستثمرا عقاريا على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وباعت حكومات حسنى مبارك المتعاقبة عددا من الشركات المملوكة للدولة بين 1991 و2008.

وكان عدد الشركات المصرية، قبل تنفيذ برنامج الخصخصة، 27 شركة قابضة و314 شركة تابعة، وبعد تنفيذه وصلت إلى 9 شركات قابضة و146 شركة تابعة، وفقا لإحصائيات رسمية صدرت في شهر يونيو/ حزيران 2012.

ومن بين الشركات التي صدر بشأنها حكم نهائي باسترداد الدولة لها في نهاية 2013، الشركة العربية للتجارة الخارجية، التي تم خصخصة 90% منها في تسعينيات القرن الماضي.

كما صدر حكم نهائي، في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ببطلان عقد خصخصة شركة النيل لحليج الأقطان عامي 1997 و1998، الذي تضمن بيع ما يزيد على 50% من أسهم الشركة في البورصة وعودة ملكيتها إلى الدولة.

ويقول محامو، إن المحاكم المصرية ستنظر، خلال الشهور المقبلة، قضايا عدة تطالب ببطلان خصخصة بعض الشركات والبنوك الأخرى.

وتأتي التعديلات القانونية، بقصر الطعن على الصفقات الاستثمارية على الحكومة والمستثمر فقط، بعد أقل من أربعة أشهر على تصاعد جدل في مصر حول تكليف وزراء العدل والاستثمار والعدالة الانتقالية، لإعداد مشروع قانون لحماية تصرفات كبار المسؤولين في الدولة، التي تتم بما وصفته الحكومة بـ"حسن نية ودون قصد جنائي".

ويقول أحمد إبراهيم، المحلل الاقتصادي:" قصر الطعن على الصفقات على الحكومة والمستثمر يغلق الباب أمام أي طرف ثالث للطعن في شفافية هذه الصفقات. ..السؤال الأهم كيف يطعن طرف من طرفي الصفقة على عملية البيع وهما اللذان ارتضيا بها".

وأضاف إبراهيم لـ"العربي الجديد"، :" يبدو أن الحكومة عازمة على جذب الاستثمارات، خاصة الخليجية، والهروب من مازق استرداد الشركات التي تم خصخصتها في سنوات سابقة بأي ثمن، لكن في الواقع جذب الاستثمارات لا يقتصر على سن التشريعات فقط، وإنما دعم الاستقرار الأمني والسياسي الذي أصبح العامل الرئيسي في ضح المستثمرين سواء محليين أو أجانب أموال في البلاد".

وتراهن الحكومة الانتقالية في مصر بقوة على الاستثمارات الخليجية، خاصة من الدول الداعمة لها في أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي، من أجل إنعاش اقتصاد البلاد المتأزم بسبب استمرار الاضطرابات قرابة 3 أعوام.

وعقب الانقلاب العسكري ضد مرسى في الثالث من يوليو/تموز الماضي، تعهدت السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، بتقديم مساعدات لمصر، بقيمة 12 مليار دولار، ارتفعت إلى 15.9 مليار دولار، بعد إعلان الإمارات مؤخرا عن تقديم مساعدات إضافية.

وقال حازم الببلاوي، رئيس الوزراء المصري الذي تقد باستقالة حكومته اليوم، خلال مشاركته في ملتقى استثماري رعته دولة الإمارات في مصر مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن الحكومة انتهت من تسوية 19 مشكلة لمستثمرين من دول الخليج، خلال الفترة الماضية، وإنها تعمل على حل مشاكل باقي المستثمرين.

وبحسب وزير الاستثمار المصري اليوم، عرضت مصر على مستثمرين مصريين وخليجيين خلال ملتقى الاستثمار فى مايو/ أيار الماضى 66 مشروعا في جميع المحافظات بقيمة استثمارية تتجاوز 50 مليار جنيه (7.2 مليار دولار).

وكان منير فخري عبد النور وزير الصناعة المصري، قال في تصريحات نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، إن الحكومة تلقت ردود أفعال سلبية من الخارج بشأن أحكام بطلان خصخصة بعض الشركات.

وحتى الآن لم يطبق غير حكم واحد يتعلق ببطلان خصخصة سلسلة عمر أفندي أحد أقدم المتاجر المصرية، التي اشتراها مستثمر سعودي قبل نحو 6 أعوام، فيما أبدت الحكومة المؤقتة استعدادها لاسترداد الشركات التي صدرت  بشأنها أحكام قضائية نهائية، ومنها شركة طنطا للكتان والزيوت، التي اشتراها المستثمر السعودي عبد الإله الكحكي قبل نحو 8 سنوات، وصدر بحقها حكم نهائي مؤخرا ببطلان البيع على أساس أن الصفقة تمت بأقل من قيمة السوق.

ويرى محللون اقتصاديون، أن مثل هذه الأحكام من شأنها وضع الحكومة في مأزق لجوء الشركات الأجنبية إلى التحكيم الدولي.

وكان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو مؤسسة قانونية غير حكومية في مصر، قال في تقرير له في يناير/ كانون الثاني الماضي، إن أكثر من 10 مستثمرين أجانب رفعوا دعاوى تحكيم دولي ضد مصر منذ قيام ثورة يناير، أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار "اكسيد" في العاصمة الأمريكية واشنطن.

يذكر أن مصر موقعة على اتفاقية الاعتراف بحكم المحكمين دوليا، وهو ما يمنح المدعي أمام الحكومة المصرية، الحق في الحجز على أرصدتها وأصولها بالخارج، حال صدور أحكام لصالحه.