وذكرت الخارجية المصرية، في بيان لها مساء اليوم الخميس، أن "جمهورية مصر العربية تعلن عن استعدادها الدائم للانخراط في العملية التفاوضية والمشاركة في الاجتماع المُزمع عقده، مؤكدةً على أهمية أن يكون جاداً وبنّاءً، وأن يُسهم في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وشامل يحفظ مصالح مصر المائية، وبنفس القدر يراعي مصالح إثيوبيا والسودان".
وكان لقاء عقد اليوم بين رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، تم خلاله الاتفاق على عودة الأطراف الثلاثة لطاولة المفاوضات لتكملة الجزء اليسير المتبقي من اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، حسبما تم في مسارات التفاوض خلال الشهور الأخيرة، وتكليف وزراء الري بالدول الثلاث بالتواصل للتمهيد لتلك المفاوضات.
وأرسلت مصر، مطلع الشهر الجاري، خطابا لمجلس الأمن "بلهجة لا تخلو من الرجاء" لاتخاذ ما يلزم لاستئناف مفاوضات ملء وتشغيل السد، وتضمن وصف الخطر الاستراتيجي الذي قد تشهده المنطقة جراء الممارسات الإثيوبية بأنه "تطور محتمل"، وهو التحرك الذي يستحيل أن يصاحبه -بحسب مراقبين- تحضير لتحرك عسكري مصري سيكون بالتأكيد غير مرغوب من القوى العظمى، ولا مرحبا به في المنظومة الأممية.
وفي خطابها لمجلس الأمن، كشفت مصر عن أن إثيوبيا عرضت أن يتم الاتفاق فقط بين الدول الثلاث على قواعد الملء والتشغيل لأول عامين فقط، وهو ما اعترضت عليه مصر والسودان، ليس فقط لأنه يتجاهل تنظيم فترة الملء كاملة، ويتناقض مع القواعد التي سبق الاتفاق عليها، ولكن أيضاً لأنه يتناقض مع اتفاق المبادئ الذي يؤكد عدم الملء قبل التوصل إلى اتفاق شامل.
وقدمت إثيوبيا ردا على الخطاب المصري لمجلس الأمن، تضمن التشديد على أن الملء الأول لن يضر بدولتي المصب، نظرا لأنه يتزامن مع الفيضان، وأنه لا ينتهك اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في مارس/ آذار 2015، وأنه يمكن فصل قواعد الملء والتشغيل في السنوات التالية عن فترة الملء الأول.
وتزعم إثيوبيا أن مصر ليس لها الحق في أن تتداخل مع إثيوبيا في كيفية إدارة السد إلا بعد الوصول لمستوى التخزين الذي يؤثر فعليا على حصتها من المياه، علما بأن جميع توربينات السد ستكون جاهزة للعمل عند اكتمال تخزين كمية 18.4 مليار متر مكعب، مما سيؤدي إلى تناقص منسوب المياه في بحيرة ناصر جنوب السدّ العالي، إذ سوف يتناقص بشكل كبير، خصوصاً إذا انخفض منسوب الفيضان في العامين المقبلين، ليقل عن مستوى 170 متراً، مما يعني خسارة 12 ألف فدان من الأراضي القابلة للزراعة في الدلتا والصعيد كمرحلة أولى، من إجمالي 200 ألف فدان تتوقع وزارة الموارد المائية والري المصرية خروجها نتيجة المدة الإجمالية للملء.
وفي إطار هذا التعامل الإثيوبي التصعيدي في قضية سد النهضة، سبق وكشف مصدر إثيوبي تابع لحزب جبهة تحرير تجراي، المنافس الأبرز لحزب رئيس الوزراء آبي أحمد في الانتخابات القادمة، لـ"العربي الجديد"، أن جيش بلاده نفذ هذا الشهر مرحلة أساسية من مراحل نشر منظومات دفاع جوي متطورة حول سد النهضة، استعدادا لأي هجوم مصري محتمل، وأن بلاده حصلت على المنظومات الجديدة من عدة دول، أبرزها روسيا، وأنه تم تجريبها جميعا في عدة مناسبات مطلع العام الجاري، قبل نقلها إلى ولاية بني شنقول التي يقع فيها السد.
وقد جرى إدخال تعديلات على بعض المنظومات بواسطة الشركة العسكرية للمعادن والهندسة (ميتيك) التابعة للجيش، والتي أجرى آبي أحمد تعديلات واسعة على هيكلها الإداري منذ صعوده للسلطة لتحسين جودة عملها، علما بأنها كانت تشارك سابقا في عمليات إنشاء أجزاء من سد النهضة.