مصر: الأجهزة الأمنية تضغط لإفشال تحالف "العدالة الاجتماعية"

مصر: الأجهزة الأمنية تضغط لإفشال تحالف "العدالة الاجتماعية"

28 ديسمبر 2015
تريد الأجهزة الأمنية ضمان غياب معارضة للنظام(محمود همس/فرانس برس)
+ الخط -
لم تتوقف الأجهزة الأمنية في مصر عن التدخل في المشهد السياسي في البلاد، منذ الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي وحتى ترتيبات انتخابات مجلس النواب، وتشكيل ائتلاف برلماني موالٍ للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وقد دفعت الأجهزة الأمنية بكامل قوتها لمحاولة تشكيل ائتلاف برلماني كبير يضم أغلبية الثلثين تحت قبة البرلمان، لكنها واجهت تعثراً كبيراً بعد رفض بعض الأحزاب الانضمام لائتلاف "دعم مصر"، منها المصريون الأحرار الذي يتزعمه رجل الأعمال نجيب ساويرس، وحزب الوفد، فضلاً عن رفض بعض المستقلين.

في موازاة ذلك، لم تجد تلك الأجهزة من سبيل للسيطرة التامة على مجلس النواب، ليكون أشبه ببرلمان الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلا محاولة إفشال أي تكتل من النواب قد يشكل خطراً على أغلبية الثلثين، وهو ما يهدد مخططات السيسي.
وفي السياق، تكشف مصادر سياسية مطلعة عن محاولات تقودها بعض الأجهزة الأمنية لإفشال تشكيل تحالف العدالة الاجتماعية، الذي يفترض أن يكون معبّرًا عن مبادئ وأهداف ثورة 25 يناير.

اقرأ أيضاً: عدلي منصور يعود لترشيحات رئاسة البرلمان بعد لقائه بالسيسي 

توضح المصادر لـ"العربي الجديد" أنّ التحالف الجديد، كان يستهدف تجميع كتلة قوامها نحو 50 نائباً داخل المجلس، في محاولة للوقوف أمام مخططات السيسي للسيطرة من خلال ائتلاف داعم له يستحوذ على أغلبية الثلثين داخل المجلس. وتلفت المصادر إلى أنّ قيادات التحالف الناشئ، تواصلت في البداية مع عدد من النواب المستقلين لضمهم، وهؤلاء لهم رؤية متفقة مع الثورة، وكان هناك ترحيب كبير، ولا سيما في ظل رفض ائتلاف "دعم السيسي".
وتؤكد المصادر أنه بمجرد الحديث عن التحالف الجديد والتواصل مع المستقلين، ظهر تحول مفاجئ في اتجاه بعض النواب المستقلين برفض الانضمام أو المماطلة في الرد النهائي. وتشير إلى أن أحد النواب أكد تعرضه لضغوط أمنية لثنيه عن الانضمام إلى تحالف "العدالة الاجتماعية"، حتى مع الانضمام إلى ائتلاف "دعم مصر".
وتلفت المصادر إلى أن "الأجهزة الأمنية هي التي ترتب المشهد السياسي كاملاً، وأي حزب أو شخص يخرج عن الخط العام يتعرض لهجوم شديد وتشهير بحقه، مثلما حدث مع المخرج خالد يوسف، بعد نشْر أحمد موسى، رجل الأمن الوطني، صوراً فاضحة على أنها تخص المخرج السينمائي".
على الرغم من هذه الضغوط، تؤكد المصادر أنّ تحالف "العدالة الاجتماعية"، سيتشكل حتى لو بعدد نواب قليل، مشيرة إلى أنه يوجد رهانٌ على عامل الوقت، وسينضم إليه مستقلون وأحزاب أخرى في ما بعد، مع وجود عمليات فرز مستمرة داخل المجلس.

كما تلفت إلى أن "التواصل مع النواب المستقلين حالياً يجري بشكل شبه سرّي لعدم تسرب الأسماء وتفاصيل الاجتماعات والتحركات إلى الأجهزة الأمنية، لإفشال كل خطوة يقوم بها التحالف". وتعتبر المصادر أن "هذا التحالف الناشئ من المقرر أن يكون بمثابة تكتل يمكن البناء عليه خلال الفترة المقبلة حتى لا يكون قاصراً على نواب داخل المجلس، ولكن شخصيات عامة وأحزاب وحركات عمالية". وتشير إلى أن هذا التحالف هو نفس فكرة المرشح الرئاسي الخاسر في انتخابات الرئاسة الأخيرة، حمدين صباحي، الذي يسعى لتشكيل جبهة معارضة واسعة للنظام الحالي.
وكان النائب هيثم الحريري، قد أعلن عن اقتراب الإعلان عن التحالف وتدشينه، والذي يضم نواب ثلاثة أحزاب لم يسمها، لكن عددهم قليل، إضافة إلى نحو 15 نائباً من المستقلين.
ويتبنى التحالف مبادئ ثورة 25 يناير، ويغلب على تشكيله نواب من اليسار أو المؤمنين بقضايا العدالة الاجتماعية، في مواجهة سيطرة رأس المال على البرلمان فضلاً عن الدعم المطلق للسيسي.
من جهته، يقول الخبير السياسي، محمد عز، إن الأجهزة الأمنية تحاول عدم ترك أي أمر داخل مجلس النواب للصدفة أو الاحتمالات، وبالتالي تبذل كل الجهود لضمان بقاء أغلبية الثلثين في يد ائتلاف "دعم مصر"، الموالي للسيسي.
ويضيف عز في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأمن يحاول أيضاً ضمانة عدم تصدر تكتل أو مجموعة من النواب المشهد، عن طريق معارضة الأغلبية أو الحكومة والخروج عن توجهات الرئاسة والأمن، وبالتالي إحراج المجلس ككل أمام الرأي العام المصري. ويشير إلى أن الأمن يعمل بنفس منطق أمن الدولة في فترة الرئيس المخلوع مبارك، وإن كان قديماً يترك المجال لمعارضة ولو حتى شكلية، ولكن ما يحدث الآن هو قتلها تماماً.
ويؤكد عز صعوبة استمرار الأوضاع كما هي عليه الآن، في ظل وجود احتمال كبير بتفكك ائتلاف "دعم السيسي" بعد مضي أشهر قليلة من انطلاق الجلسات. ويلفت إلى عدم قدرة النظام على "تأميم" مجلس النواب، ولا سيما أنّ حالة الغضب في الشارع تتزايد وسيفقد البرلمان الذي سيكون شكلياً فقط مصداقيته أمام الشعب، ويصبح هو والعدم سواء لناحية عدم الاهتمام بمشكلات المواطنين.
ويحذر من تأثير عدم وجود معارضة ومحاسبة حقيقية على نظام السيسي ككل، ولا سيما أن الأغلبية دخلت الانتخابات لدعم الرئيس وشكلت ائتلافاً للسبب ذاته، وبالتالي أي فشل هو فشل للسيسي والنظام بأكمله.

اقرأ أيضاً: محافظو مصر الجدد.. أمنيون موالون للسيسي

المساهمون