تدفع قوى وأحزاب سياسية عراقية باتجاه إقرار قانون الخدمة الإلزامية في العراق، والذي جرى تعطيله منذ الاحتلال الأميركي ــ البريطاني للبلاد عام 2003، إلا أن التوجه الحالي يفرّغ القانون من محتواه العسكري، حيث إنّ المطالبات تدفع باتجاه أن يتولى الجنود مهام خدماتية بدلاً من المهام الحربية، الأمر الذي أثار انتقاداً من قبل مسؤولين عسكريين.
وبحسب عضو لجنة الأمن البرلمانية، عبد الخالق العزاوي، فإن "رئيس الحكومة أبدى استعداده لدراسة موضوع تفعيل التجنيد الإلزامي بشروط معينة، بعدما طرحته اللجنة للمناقشة، لعزمها على تطبيقه خلال المرحلة المقبلة"، مبينا أنّ "من أهم مميزات هذا القانون هو الالتزام بشرط العمر، ويمكن أن يكون هناك مجال لدفع (البدائل النقدية) بدلاً عن الخدمة الالزامية". وأكّد أنّ "الأموال التي ستجنى من بدل الخدمة النقدي، ستوفر إيراداً كبيراً جداً لوزارة الدفاع، يمكن أن يدعمها في التطوير والنهوض بمواقع الجيش العراقي والتسليح وغيرها".
والقانون الذي تتوجه الكتل السياسية لإعادته، يختلف عمّا كان عليه، إذ إنّ المهام التي ستوكل للجنود ليست مهام عسكرية بل خدماتية.
وقال عضو لجنة الأمن البرلمانية، النائب علي الغانمي، إنّ "القانون لم يُرسل حتى الآن من الحكومة إلى البرلمان لغرض مناقشته بشكل مستفيض"، مبيناً أن "جميع دول العالم لديها خدمة إلزامية، وإذا طُبّق هذا القانون في العراق فإنه سيقضي على البطالة الموجودة في صفوف الشباب ويتيح الفرصة لهم لخدمة هذا الوطن"، موضحاً أنّه "سيضمن جميع الاعتبارات المعنوية للمواطن الذي يؤدي الخدمة الإلزامية، وهو عكس ما كان موجوداً إبان النظام السابق، الذي كانت آلياته المتبعة في ذلك الوقت فيها الكثير من العقد، والتأخر في تسريح من يدخل تلك الخدمة".
ويشدد على أهمية "استثمار من يؤدون الخدمة في الجوانب الخدمية والطوارئ ومجالات أخرى بعيدة عن المهام الحربية".
ولاقى هذا التوجه انتقاداً من مسؤولين في وزارة الدفاع العراقية، الذين عدّوه "إفراغاً لمحتوى القانون، وإهانة للجندي العراقي". وقال مسؤول رفيع في الوزارة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تشغيل الجنود بمهام خدماتية هو أمر لا يمكن القبول به، فمهمة الجندي هي القتال لا الخدمة بوظائف تقلّل من قدره"، مؤكداً أنّ "الحكومة إذا ما أرادت موظفين وعاملين في المجالات الخدماتية، فلديها وزارات خدماتية لها أن تستعين بهم، أو تشغل الأيدي العاملة من الشباب العاطلين".
وأشار إلى أنّ "إقرار القانون وفقاً لهذه الرؤية السلبية، إذا ما تم فسيكون إهانة للجندي العراقي"، داعياً الحكومة والبرلمان إلى "عدم صياغة القانون بهذه الصيغة".
في المقابل، تطرح قوى سياسية أخرى بنوداً أساسية في مشروع قانون التجنيد الإلزامي وهو أن يكون المجندون من ضمن القوة القتالية الأساسية، وأن يقلل عديد قوات الجيش البالغ حالياً قرابة 300 ألف جندي بشكل يؤدي بالنهاية إلى توازن في التمثيل داخل الجيش العراقي من ناحية مكوناتية أو طائفية، ليشمل جميع ألوان الشعب العراقي.
ويقول عضو "التيار المدني" أحمد عبد السلام، "إنّ التجنيد قد يساهم في إضفاء طابع أشمل له، من خلال انخراط جميع العراقيين فيه ويكون نوعاً من التعايش بين أفراده، بدلاً من الانغلاق الحالي على المتطوعين"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ القانون في حال أقر ستكون له إيجابيات بالتأكيد.