مسرح المدينة: عودة الفعاليات الثقافيّة في بيروت

مسرح المدينة: عودة الفعاليات الثقافيّة في بيروت

05 يوليو 2020
ستقدّم الفنانة حنين خلال أمسية الافتتاح مجموعة من الأغنيات المختارة (العربي الجديد)
+ الخط -

تحت شعار "مَنْ يربح معركة الشباب، يربح معركة الحياة" يستعدّ "مسرح المدينة" في منطقة الحمرا في بيروت، ليفتح أبوابه من جديد بعد الإقفال القسري الذي فرضه فيروس كورونا، وذلك من خلال "حفلة مُقنّعة" مجانية تُقام في الرابع عشر من شهر تمّوز/يوليو الحالي، ويشارك فيها عدد كبير من الفنانين الذين سيحتفلون بعودة الحياة إلى هذا الصرح الثقافي البيروتي من خلال أمسية تعيد "الهيصة" إلى قلب المدينة، وتجمع الطرب والموسيقى والأداء الحي. مؤسِّسة "مسرح المدينة" الكاتبة والمخرجة والممثلة اللبنانية المخضرمة، نضال الأشقر، تؤكّد، في مقابلة خاصة لـ "العربي الجديد"، إنّ الهدف من هذه "الهيصة" هو "أن نستعيد الحياة والثقة والإيمان، لكي نستمرّ ويستمرّ الشباب في هذا البلد". الحفل الذي سيقام مجاناً يراعي تماماً قواعد التباعد الاجتماعي والإجراءات الوقائية المرتبطة بفيروس كورونا، كما تؤكّد الأشقر قائلةً: "سنستقبل في هذه الليلة 200 شخص فقط، على الرغم من أنّ مسرح المدينة يتَّسع لـ 400 مُشاهد. كذلك ستُقاس حرارة الحاضرين قبل دخولهم إلى المسرح، وسيتمّ التزام كلّ توصيات وزارة الصحة العامة في هذا الشأن". ويشارك في "هيصة المدينة 2020"، كلّ من الفنانين اللبنانيين: بديع أبو شقرا، حنين، زياد سحاب، محمد الدايخ، سامي حوّاط، خالد العبد الله، ألين لحود، أندريه أبو زيد وغيرهم من الفنانين والموسيقيين والمطربين والمغنين والمؤدين. وفي ليلة الرابع عشر من تموز، كلّ فنان من الفنانين المُشاركين في "هيصة المدينة" سيدعو الناس إلى حفلٍ منفرد سيقدّمه لاحقاً على خشبة هذا المسرح. فطيلة أشهر تموز وآب وأيلول، سيحيي الفنانون المُشاركون في افتتاح "هيصة المدينة 2020" حفلات منفردة. وترى الأشقر أننا "نعيش الآن في لبنان في زمنين استثنائيين، زمن كورونا وزمن الأزمة الاقتصادية والوطنية الكبرى، لكن يجب أن نستمرّ. ولا يُمكننا الخروج من الحالة المتردية التي نعيشها إلا بالتوقف عن تأييد الذين صنعوا الحرب ويريدون صنع السلم، والذين نهبوا لبنان ويريدون الاستمرار في النهب". وتعترف: "نحن على دراية بهذا الوضع، ونريد فتح المسرح أمام الشباب والفنانين الذين يعيشون من عملهم، ولذلك نقدّم المسرح لهم مجاناً. وقد بدأنا بهذا الأمر مع بدء ثورة 17 تشرين. فالمسرح فن باهظ الثمن، يتطلّب صالة وإضاءة وكهرباء ومياه. أنا أسّست (مسرح المدينة) لكنني لم أبنِه بمفردي، بل مع الفنانين الذين يحيون حفلاتهم وعروضهم في هذا المسرح، والذين رافقوني في هذا الطريق منذ 25 عاماً. ومعاً سنقدّم كلّ شيء لهؤلاء الفنانين مجاناً لدعمهم ومساعدتهم، كي يتمكنوا من العيش والاستمرار. وسيُقسّم مدخول الحفلات بين الفنان والمسرح لكي نتمكّن من دفع تكاليف التشغيل". وتشدّد على أنه "من المُهمّ جداً أن يبقى المسرح موجوداً وقائماً، فهو القوت الروحي للإنسان، إذ لدى الإنسان جوع المعرفة والمشاهدة والإنصات. ولا يُمكننا ترك بيروت مجرد ساحات من الأسفلت فارغة من مسارحها ومقاهيها وشعرائها وكتّابها. ويجب أن نبقى موجودين مهما حصل وسيحدث".

بدورها، تكشف الفنانة اللبنانيّة، حنين، التي تشارك في "هيصة المدينة 2020" لـ"العربي الجديد"، أنها ستقدّم خلال أمسية الافتتاح مجموعة من الأغنيات المختارة من أرشيفها بأسلوبها الخاص الذي لطالما تميّز بمزج الموسيقى اللبنانية والعربية بالنغمات الكوبية والتأثيرات الموسيقية العالمية. ومن بين الأغنيات الثابتة في برنامج الأمسية: أغنية "لحالا" التي أصدرتها في فترة الحجر المنزلي في ظلّ أزمة كورونا، و"الثانية هي أغنية (الثورة) التي أخاطب فيها وجع الناس وغضبهم إزاء كل ما يحصل في البلد"، تقول حنين. أما الفنان زياد سحاب، فيرى أنَّ "هيصة المدينة 2020" ستكون بمثابة الانطلاقة الجديدة لـ"مسرح المدينة"، و"ليلة الافتتاحية تمثّل حياتنا جميعاً كفنانين. فالمسرح هو متنفسنا الوحيد، وهو للأسف مثل كلّ ما هو مرتبط بالفن، القطاع الأول الذي يتوقف عند حصول أيّ أمر في البلد والأخير الذي ينهض مجدداً، إذ يُنظر إليه على أنّه رفاهية.

إنّ النظرة إلى الفنون والثقافة على أنّها من الكماليات مشكلة كبيرة في البلد، فيما أنّ الثقافة هي البنية الأساسية التي تؤسس لثورة حقيقية في لبنان". وإذ يعتبر أن "ليلة افتتاح (مسرح المدينة) هي ليلة شرف لنا جميعاً"، يضيف: "نحن لا نملك إلا المسرح، و"مسرح المدينة" من المسارح القليلة الموجودة في البلد، وهذا الأمر مرتبط دائماً بمبادرات فردية في غياب الدولة عن دعم المسارح والفنانين والصروح الثقافية. وبقاء (مسرح المدينة* هو نضال ثقافي حقيقي تقوم به نضال الأشقر ليبقى هذا الصرح موجوداً. فالدولة لا تبالي بأنّ هناك مسرحين أو ثلاثة فقط في البلد، ولا تعمل على تعميق استفادة الفنانين والموسيقيين منها. وإنّ عداء السلطة للثقافة تجلّى بشكل واضح حين سمحوا بإعادة فتح الملاهي الليلية قبل السماح بإعادة فتح المسارح. هذه السلطة تخاف من المسرح، ويرعبها أيّ فكر". الموسيقي اللبناني الذي سيقدّم حفلةً منفردة على خشبة مسرح المدينة في 23 تموز/يوليو الجاري بعد مرور عامين على ألبومه الأخير يكشف أن برنامج الأمسية سيشمل أغنيات جديدة من ألحانه سيؤدّيها للمرة الأولى على الخشبة.

المساهمون