Skip to main content
مستجدّات العرب بين قمتي الدوحة والكويت
معن البياري ــ الدوحة
تهيمن الأزمة الخليجية على القمة المرتقبة (ياسر الزيات)

كان دخول الرئيس السابق لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، معاذ الخطيب، ومعه رفاق له في "الائتلاف"، الى قاعة اجتماعات مؤتمر القمة العربية في الدوحة، في مارس/ آذار العام الماضي، ليشغل مقعد بلاده فيها، المشهد الأَبرز الذي توجهت إِليه عيون العرب، ممّن تابعوا أعمال المؤتمر. وفي القمة المرتقبة الأسبوع الجاري في الكويت، ستكون ملحوظةً أَجواءٌ أخرى ومغايرة، حيث الأزمة المستجدة في مجلس التعاون الخليجي ستتصدّر الاهتمام والمتابعة؛ وإِنْ قال أَمين عام جامعة الدول العربية، نبيل العربي، إِنها غير مدرجة في أَعمال القمة.

ستراقب العيون لقاءاتٍ ومصافحات ثنائية، محتملة ومتوقعة ومستبعدة، بين وفد دولة قطر ووفود السعودية والإمارات والبحرين؛ الدول التي سحبت سفراءَها من الدوحة، احتجاجاً على ما اعتبرتها سياساتٍ قطريةٍ تمسّ بأمن دول الخليج، وهو اتهام رفضته الدوحة، وقالت إِن ما أَقدمت عليه الدول الثلاث يعود إلى خيارات قطر في سياستها الخارجية.

ستنصرف اهتمامات أَهل الإعلام في أروقة القمة واجتماعاتها، الثنائية والمغلقة والمعلنة، إلى ما سيبذله أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، ومعاونوه، من جهودٍ تطمح إلى حل الأزمة التي تعمّدت الرياض عدم الإيحاء بتبريدها، في تصريح وزير خارجيتها، الأمير سعود الفيصل، الثلاثاء الماضي، والذي قال فيه إِنها أزمة لن تحل قبل تبديل الدوحة سياستها. وفي البال أن وزير الخارجية القطري، خالد العطية، كان قد أكد أن بلاده لن تغيّر سياستها الخارجية.

الأزمة الخليجية، معطوفة على توتّرٍ تعمّد إِشاعته رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، مع السعودية وقطر، عندما اتهمهما، الشهر الجاري، بدعم الإرهاب في بلاده، مرشحة لأن تكون موضع الاهتمام الأول في المتابعة الإعلامية لأول قمة عربية تستضيفها الكويت، وِإن بدا أَن تمثيل الائتلاف السوري في مقعد بلاده ليس مؤكداً بعد.

وإِذ تهيمن هذه الأزمة على الاهتمام العام، وتشيع أَجواء سلبية تحفّ بأعمال القمة، فإن المراقب يستدعي الأجواء الطيبة التي شاعت في أثناء قمة الدوحة، العام الماضي. وتمثلت مصر فيها بالرئيس المعزول، والمحتجز حالياً، محمد مرسي، والذي أَطاحته عن السلطة قيادة الجيش المصري، في الثالث من يوليو/ تموز الماضي، بعد تظاهرات ساندتها الشرطة المصرية، ودعمتها قوى رحّبت لاحقاً بزعامة وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، المشهد السياسي في البلاد.

وتبدّى، بعد هذا التغيير الحاد في السلطة في مصر، أَنه تغيير، أَو انقلابٌ عسكري في التعريف العلمي له، افتتح حرباً عربيةً واسعة ضد تيار الإسلام السياسي الذي تأهل في استحقاقات انتخابية إلى السلطة في مصر وتونس والمغرب. ولا يعدم مراقب تطوراتٍ تسارعت في هذا الخصوص، طوال الشهور التسع الماضية، أَن يلحظ التحوّل في مصر، وما أعقبه من توتراتٍ أمنية دامية. وتكاد المواقف المتباينة من هذا التحوّل، بين قطر والسعودية خصوصاً، هي التي تسببت، إِلى حد كبير، في توسيع الخلاف السياسي بينهما، وأَحدث، تالياً، ذروة التوتر التي تمثلت في سحب سفراء الرياض والمنامة وأَبو ظبي من الدوحة.

ولأن قطر تكاد تكون ركناً مهمّاً في المشهد العربي، الذي استجدّ في أَثناء رئاستها الدورة الحالية للقمة العربية، على صعيد ما جرى في مصر، وكذا ما سارت عليه الأمور في سوريا، فإنه لا يغيب عن البال أَنَّ تغييراً مهماً حدث في هذا البلد، وهو تسلّم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الحكم من والده، الشيخ حمد بن خليفة، الصيف الماضي، ما توهمته أَوساط إعلامية وسياسية سعودية وإماراتية ومصرية مقدمةً لتحوّل منتظر في السياسة القطرية، ولا سيما بشأن دعمها ثورات الربيع العربي في مصر وتونس ليبيا وسوريا، سياسياً وإعلامياً.

ولكن، لم تؤشر الدوحة إِلى تغيير ملحوظ في خيارها هذا، فيما كان (مطلوباً) منها، وبضغوط سعودية تحديداً، أَن تتخفّف من إسنادها قوى التغيير، الإسلامية وغيرها، في دول الثورات، فتنحاز إلى قوى الثورة المضادة في هذه البلدان. لن تنشغل قمة الكويت بهذه التفاصيل، غير أن تمثيل السلطة الحاكمة في مصر فيها سيكون موضع اهتمام خاص، إِعلامياً وسياسياً، في غضون هذه القمة، والمتوقع أن تحافظ على الموقف التقليدي بشأن القضية الفلسطينية، فلن تتطرق إلى خطة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والتي كانت محطةً في تفاصيل الموضوع الفلسطيني بين قمتي الدوحة والكويت. ويتوقع، أَيضاً، أَن تأتي القمة الجديدة على ترحيبٍ بصياغة دستورٍ جديد تم التوافق عليه في تونس. وإِذا جاءَ البيان الختامي لاجتماعات القادة والزعماء العرب (أَو مَن ينوب عن معظمهم على الأصحّ) على الاتفاق الإيراني ـ الأميركي (أَو الغربي في صفة غير دقيقة) بشأن البرنامج النووي الإيراني، فإنه لن يخرج عن الترحيب به. وفي البال أَنه اتفاق أَحدث اختراقاً كبيراً، وكان مستجداً لافتاً، إقليميا (وخليجياً)، بين قمتي العامين، الماضي والجاري. ويجوز الذهاب إِلى أن مستجدّ الأزمة السورية هو أن نظام دمشق أَحرز انتصارات جديدة، وارتكب أَهوالاً كبرى، منها استخدامه السلاح الكيماوي في عدوان على مدنيين، ثم نجا من أي عقاب، وتم تأهيله مجدداً في مؤتمر "جنيف 2". ومن الوهم أَن نفترض أَن القمة العربية ستفيد السوريين في شيء، أو ستنقذهم من محنتهم التي صار شبه مؤكد أَن إِبقاءها على حالها قرار أميركي (وإِسرائيلي؟)، يُسانده عجز عربي فادح.