مسبح في بيروت يمنع محجّبة من دخوله

مسبح في بيروت يمنع محجّبة من دخوله

05 يوليو 2020
مسبح "سبورتنغ كلوب" في بيروت (كاوه كاظمي/ Getty)
+ الخط -

احتارت المواطنة اللبنانية فرح شقير كيف تبرّر لابنتها البالغة من العمر ثلاثة أعوام منع جدّتها المحجّبة من دخول مسبح "سبورتينغ كلوب" في العاصمة بيروت، قبل أن تقول "لم يسمحوا لجدّتك بذلك لأنّ منديلها لم يعجبهم". وشقير لم تكن تدرك أنّ القائمين على المسبح الذين منعوا عاملات أجنبيات من دخوله في السابق وتعرّضوا كذلك لسائحة هندية في العام الماضي، لن يسمحوا لوالدتها بالجلوس بالقرب من أحواض السباحة على أن تلازم كافيتيريا المسبح بحجّة أنّ المكان هناك مخصّص فقط لمَن يرتدون لباس السباحة.

تتحدّث شقير لـ"العربي الجديد" عمّا حدث معها اليوم الأحد في مسبح "سبورتينغ كلوب"، مشيرة إلى أنّه "يندرج تحت خانة الوقاحة غير المعهودة". وتسأل: "هل نحن مجبرون على ارتداء لباس السباحة في حال كنّا نريد فقط الجلوس إلى جانب حوض السباحة؟ وماذا لو كنّا في وضع صحي لا يسمح لنا بالسباحة؟". تضيف شقير: "أتفهّم اشتراط ارتداء لباس السباحة في حال الرغبة في السباحة، لكن عدا ذلك يُعَدّ الأمر تمييزاً واضحاً. وكان الأجدى بالمسبح أن يذكر علناً في سياسته وشروطه أنّه لا يسمح بدخول المحجّبات في حال عدم ارتدائهنّ لباس السباحة إلا إلى الكافيتيريا".

وشقير التي تتردّد باستمرار إلى المسبح المذكور، قصدته اليوم مع والدتها للمرّة الأولى. تقول: "قاطعتُ المسبح لفترة من الزمن عندما منع دخول العاملات الأجنبيات، لكنّني عاودت النزول لاحقاً، مع العلم  أنّني أصادف دائماً نساء لا يرتدينَ لباس السباحة بالقرب من حوض السباحة". وتأسف للبيان الصادر عن المسبح، إذ إنّه بحسب ما تؤكد "يتضمّن مغالطات وأكاذيب"، وتكشف أنّها سترفع "دعوى بحقّ المسبح بجرم إثارة النعرات الطائفية ودعوى ثانية بجرم إلحاق ضرر نفسي".

 

 

وتلفت شقير التي تشدّد على أنّها تؤمن بـ"لبنان التعدّد" إلى أنّ "عائلتي متنوّعة، ففيها المتديّن وغير المتديّن". وتتابع المرأة المسلمة المتزوّجة برجل مسيحي قبل نحو ستّ سنوات، أنّهما عمدا إلى "زواج مدني في قبرص لأنّني وزوجي أردنا الحفاظ على الهوية الثقافية لكلّ واحد منّا. كذلك نحن نحرص على تربية ابنتنا وإطلاعها على الديانتَين المسيحية والإسلامية، مع العلم أنّ زوجي هو أستاذ جامعي يدرّس مادة الحضارة الإسلامية منذ نحو 15 عاماً في جامعة القديس يوسف في بيروت، وهو يعرف عن الثقافة الإسلامية أكثر منّي".

 

من جهتها، تقول المحامية ديالا شحادة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا إجراء مهين، فالقانون والدستور اللبنانيَّان يمنعان التمييز على أساس الدين أو غيره. بالتالي فإنّ منع أشخاص من الدخول إلى مكان خاص وليس فقط عاماً بسبب لباسهم، لا سيّما إذا كان اللباس يرتبط بقناعات دينية، يُعَدّ انتهاكاً للقانون وللدستور وهو ارتكاب لجرم بحسب المادة 317 من قانون العقوبات". وإذ تشدّد على أنّ "حرية المعتقد مكفولة بالدستور ولا يفترض أن تتناقض مع أيّ ممارسة في مؤسسة عامة أو خاصة"، تأسف لوقوع هذه الحادثة وتعيدها إلى "فشل الحكم في لبنان والذي يكرّس الطائفية ويستخدم الخطابات العنصرية كجزء أساسي من بلاغته الخطابية".

 

 

في سياق متصل، يؤكّد مستشار وزير السياحة اللبناني، مازن بو درغم، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوزارة تحترم خصوصيّة المسابح والزبائن، لذلك سنرسل غداً (الإثنين) الضابطة السياحية للتحقيق في هذا الموضوع. وفي ضوء نتائج التحقيق، سنتّخذ الإجراءات المناسبة من تسطير مخالفات وغيرها". ويكشف بو درغم أنّ مسبح "دوفيل" الواقع إلى الجنوب من بيروت منع أخيراً طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة من السباحة، مشيراً إلى أنّ القائمين على المسبح علّلوا الأمر بأنّ "الأطفال يشمئزّون أو يخافون منه، بحسب روايتهم، علماً أنّه تبيّن من خلال تحقيقاتنا أنّ الطفل المذكور هو بطل أولمبي في السباحة. وقد سطّرنا ضبطاً بحقّ المسبح".

 

 

تجدر الإشارة إلى أنّ مواقع التواصل الاجتماعي ضجّت بهذه الحادثة التي لا تُعَدّ الأولى من نوعها في لبنان، وتنوّعت الآراء ما بين مؤيد لفرح شقير ومطلق لهاشتاغ #قاطعوا_السبورتينغ وبين معارض لها على خلفيّة زواجها المدني.

وإثر ذلك، أصدر وكيل شركة "سبورتينغ كلوب" بياناً توضيحياً أكّد فيه أنّ "قوانين المسبح موضوعة منذ قيام الشركة وحتى تاريخه، وأنّ أيّ تمادٍ في بثّ الإشاعات سيدفع بالشركة إلى الادّعاء على السيدة المذكورة بجرم إثارة الفتنة المذهبية وتلفيق الأكاذيب".

المساهمون