أكد المسؤول الإسرائيلي في وزارة الخارجية، إلياف بن مئير، أن إشهار التحالف بين الإمارات ودولة الاحتلال هو "ثمرة جهد دبلوماسي يعود إلى ما قبل 25 عاما، وبناء على إشارة من وزير الخارجية الإسرائيلية في حينه شمعون بيريز، بعد إبرام اتفاق أوسلو، حيث أصدر بيريز توجيهاته لوزارة الخارجية ببدء العمل لفتح أبواب العالم العربي الموصدة".
وقال بن مئير، الذي يشغل منصب مدير قسم التنسيق في ديوان وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية، في تقرير لصحيفة "هآرتس": "لقد بدأ كل شيء بعد أوسلو، عندما جاء بيريز وقال لنا ابدؤوا بفتح أبوب العالم العربي"، لحظتها بدأت الاتصالات.
وتأتي تصريحات بن مئير في سياق جدل إسرائيلي داخلي، ومحاولة من المستوى المهني في وزارة خارجية الاحتلال تقزيم محاولات نتنياهو نسب توقيع الاتفاق مع الإمارات إلى نفسه، والتركيز على البعد المدني في نسج خيوط التطبيع والعلاقات السرية مع الإمارات.
وكان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق عوزي عراد، الذي عمل في جهاز الموساد منذ العام 1975، أكد، في تصريحات قبل أسابيع، أن العلاقات مع الإمارات بدأت أواسط الثمانينات، وأنه زار الإمارات شخصيا عدة مرات، وأجرى اتصالات مع مسؤولين سعوديين، في سنوات الثمانينات.
مع ذلك، فإن تصريحات بن مئير تؤكد بشكل رسمي حقيقة وجود تعاون إسرائيلي- إماراتي على مدى السنوات الـ25 الأخيرة في مجالات مختلفة، بينها الزراعة والتجارة، سواء بشكل سري أو علني.
وبحسب المسؤول المذكور، فإن الاتصالات "بدأت بداية في نيويورك وواشنطن، وفي العام 2002 (أي في أوج الانتفاضة الفلسطينية الثانية وما تبعها من عدوان السور الواقي واجتياح الضفة الغربية المحتلة، ثم فرض الحصار على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات) حدث اختراق أو تحول عندما طلب الإمارتيون مساعدتنا في إقامة بورصة للألماس على غرار البورصة القائمة في مدينة رمات غان في إسرائيل، وقد ساهمنا في ذلك، واليوم هناك 40 تاجر ألماس إسرائيليا مسجلون في الإمارات، وترى عشرات اليهود المتدينين في المعارض السنوية للمجوهرات والألماس".
ولا يخفي بن مئير أن حل "أزمة المبحوح"، القيادي الفلسطيني في "حماس" الذي اغتالته فرقة للموساد الإسرائيي في الإمارات، تحول إلى فرصة، إذ دعمت إسرائيل فتح مقر وكالة الطاقة المتجددة للأمم المتحدة IRENA في الإمارات، علما بأن ألمانيا كانت معنية أن يكون مقر الوكالة على أراضيها.
وشكل فتح مقر الوكالة المذكورة في الإمارات نقطة تحول إضافية، إذ مكّن إسرائيل من أن تكون لها بعثة دبلوماسية رسمية "مع علم"، كما يقول للصحيفة دان شاحم بن حيون، مدير ورئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في الإمارات.
وأوضح بن حيون: "مكننا ذلك من فتح سفارة متعددة الأهداف". ويقول في هذا السياق” "وجودنا العلني كدبلوماسيين إسرائيليين، عدا عن الانشغال بمجالات الوكالة الدولية، ساهم وساعد في التعرف مباشرة على المنظومة الاجتماعية والاقتصادية في الإمارات، وكيفية صنع القرار في الدولة".
وكشف بن حيون أنه تنشط في الإمارات العربية المتحدة 500 شركة إسرائيلية خاصة (بينها عدد غير قليل من الشركات الأمنية مثل NSO التي تسوق برامج تجسس) "بعد أن تمكننا من معرفة ما يهمهم، وما هي أولوياتهم، مما ساعد في بناء تصور للعلاقات ومجالات التعاون التي تهمهم مثلا الأمن، والأمن الغذائي والزراعة الصحرواية. وهذه المجالات هي الآن الأساس لاتفاق تطبيع العلاقات".
وكشف أيضا عن وجود تعاون مع مراكز أبحاث استراتيجية في الإمارات في مجال الاقتصاد، تخللتها أيضا زيارات سرية متبادلة لمسؤولين رفيعي المستوى من الطرفين، إلى جانب زيارات علنية، بدءا بمشاركات وفود رياضية في مسابقات دولية في الإمارات، وزيارات وزراء إسرائيليين للإمارات (يسرائيل كاتس، ويوفال شتاينتز، وميري ريغيف)، وحتى تخصيص جناح إسرائيلي في معرض إكسبو العالمي في الإمارات.
وبحسب بن حيون، فإن السنوات الأخيرة شهدت نشاطا آخر لافتا لوزارة الخارجية، في محاولة لاختراق الرأي العام في دول الخليج، من خلال فتح صفحة رسمية على تويتر. وقد عمل في هذه الصفحة كثيرون لتحريك الرأي العام في الدولتين (إسرائيل والإمارات)، بعد أن أدركت القيادة في الطرفين أن الجمهور جاهز لاستقبال ذلك بعد أن أرسينا البنية التحتية.