مزارع القمح المظلوم

مزارع القمح المظلوم

02 مايو 2015
مصر دأبت على استيراد القمح متدني الجودة (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
رغم أن سعر القمح المصري يبدو مرتفعاً ظاهرياً عن القمح المستورد، لكن هذا السعر في الواقع لا يعبّر عن جودة القمح المصري التي تفوق جودة الأقماح العالمية، خاصة في نسبة البروتين المرتفعة والرطوبة المنخفضة مقارنةً بالأقماح التي دأبت الحكومة المصرية على شرائها من الأسواق العالمية.
وتشتري وزارة التموين القمح من المزارعين بنحو 420 جنيهاً للأردب (يعادل 150 كيلوغراماً)، وهو سعر العام الماضي نفسه، ليصل سعر الطن إلى 2800 جنيه (367.4 دولاراً)، وهو سعر يزيد عن سعر المستورد بنحو 131 دولاراً للطن.
ولم تراع الحكومة في تثبيت السعر أنها تحرم 70% من المزارعين من "التقاوي" المحسّنة، ما سبب تدني الإنتاجية مقارنة بالمعدل العالمي الذي يزيد 40% بسبب التقاوي عالية الإنتاج.
كما رفعت أسعار الأسمدة بنسبة 33% والوقود بنسبة 66%، وهو الغلاء الذي لم يشهده أي مزارع آخر في العالم، ما جعل النشاط الزراعي غير مجد للمزارع المصري، الذي لا يحقق أي ربح في نهاية العام، ويجعل بيع الأرض الزراعية بمبالغ طائلة خياراً أفضل من زراعتها المكلفة.
ولو شجعت الحكومة المزارع المصري ودفعت له ما تدفعه للمزارع الأجنبي بالعملة الصعبة مقابل المستورد الرديء، لأمكن زراعة المزيد من القمح ولجذب القطاع الزراعي مزيداً من الشباب "المحنط" في طابور البطالة.
وللأسف دأبت الحكومات المتواترة من عهد مبارك حتى الآن، على استيراد الأقماح المتدنية الجودة من الرتبة الرابعة والخامسة من القمح المعد للاستهلاك الآدمي والتي ليس دونها سوى الأقماح المعدة للعلف الحيواني.
وعندما تلوم المسؤولين المصدّرين لهذه النوعية الرديئة من القمح، فإن هذا المُصدّر يرد عليك بكل قوة وجرأة أن قمح بلاده جيد ومحترم ولكن حكومة بلادك هي من تختار شراء الأقماح الرخيصة التي تكون منخفضة الجودة ورديئة.
بل يطلب هذا المسؤول الاعتذار لما بدر من إساءات لقمح بلاده في الصحافة مثلما حدث مع الأقماح الأوكرانية والروسية التي وردت إلى مصر قبل ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 وهي غير صالحة للخبز بالمرة، بل يطلب الشكر لبلاده لأنها تسمح ببيعك القمح وإطعام شعبك!
وهذا رد لا تستغربه لدولة يفخر حكامها الآن بأنهم أكبر مصدر للقمح في العالم معتبرينه نقطة قوة وميزة نسبية، ولكن الويل لأمة تأكل ممّا لا تزرع.

اقرأ أيضا: الاستثمار في الأمن الغذائي

المساهمون